لِيُقاطع الإعلام أخبار مجلس النواب!

أسامة الرنتيسي –

 مستفز إلى أبعد الحدود، مشهد الزملاء من صحافيين ومصورين وهم يتجمعون خلف أبواب اللجنة المالية في مجلس النواب التي قررت أن تكون اجتماعاتها سرية بعيدة عن وسائل الإعلام، فتم طرد الصحافيين خارج القاعة.

حجة متخذ القرار أنه يريد أن يعاقب النواب الذين يبحثون عن الشعبويات وتختلف مواقفهم عندما يكون الإعلام حاضرا، فقرر أن يحرمهم من هذا التكسب الشعبوي.

صحيح هو يريد أن يعاقب النائب الشعبوي لكنه في الحقيقة عاقب وسائل الإعلام وعطل قيامها بدورها، كما عاقب المجتمع بحرمانه من معرفة ما يدور في لجان مجلس النواب، ومواقف النواب الذين انْتخبَهم (هذا إذا سلمنا فعلا أنه انتخبَهم…).

إقتراح مباشر أتمنى أن تتبناه وسائل الإعلام أولا وتعمل عليه الجهات الإعلامية، خاصة نقابة الصحافيين…

ما دام مجلس النواب يعاقب الإعلام بمنعه من متابعة اجتماعات اللجان النيابية، على وسائل الإعلام أن تقاطع أخبار مجلس النواب عموما، حتى تتحدد العلاقة وأسس ضبطها  بين الإعلام ومجلس النواب.

لنعمل على تغيير نظرة بعض المسؤولين ومدراء مؤسسات رسمية وخاصة، على اعتبار أن الصحافيين من “أثاث البيت” وجزء مكمل للديكور كلما زار مسؤول مؤسسة ما، أو وقع مدير اتفاقية مع جهة أخرى، وهي اتفاقيات كثيرة، لا تسمن ولا تغني الصحافة والإعلام من جوع.

نظرة المسؤول أو المدير لعمل الصحافي لا تزال محصورة في نقل صورته وتصريحه إلى المؤسسة التي يعمل بها، بحيث يعتقد أن مندوب الصحيفة أو الجهة الإعلامية المكلف بتغطية أخبار مؤسسته جزء من فريق العلاقات العامة والإعلام التابع له، ويغضب إن لم يقم بنشر صورته مع توقيع كل اتفاقية أو قص شريط.

المسؤول ذاته إذا طلب منه الصحافي معلومات لتقرير أو تحقيق مكلف به من قبل إدارة مؤسسته الصحافية أو الإعلامية فإنه يتمنع عن إعطاء أية معلومة لا تناسب سيادته، ويحاول إبعاد الصحافي عن القطاع الذي يقوم بتغطية أخباره ونشاطاته إن كان الصحافي من النوع المشاغب.

لنوسع مساحة الحديث قليلا، الإعلام، ركن أساس من أركان الدولة، كما أنه ركن أساس من متطلبات الدخول في العالم الحديث، وهو إحدى الروافع التي تمنح الدولة شهادات حسن سلوك من الدول الغربية والمنظمات العالمية المعنية بالحريات العامة والحريات الصحافية وحقوق الإنسان.

أخيرا؛ تعرف الحكومة والدولة عموما أن الصحافة في عملها، تسهم في ترويج أعمال وقرارات وتوجهات الدولة وأجهزتها المختلفة، وقد يتجاوز هذا نسبة الـ 90 % من عملها، ألا تحتاج بعد كل هذا إلى دعم مالي ومعنوي حتى لا تزداد عثراتها، لتصل إلى مرحلة الضغط على ملاكاتها وإنهاء أعمالهم.

 لقد تغير العالم ولم نتغير، وتغير الإعلام وتطور ولم ينعكس ذلك علينا كثيرا، لأننا بحاجة جميعا إلى عنصر التغيير في طريقة التفكير.

الدايم الله…..