الأكاديمي مروان سوداح*
لم يدّخر الأردن وأذربيجان جَهدًا إلا وبذلاهُ في مسيرة علاقاتهما القوية والمتشعبة والوازنة في مختلف القطاعات، ولأجل امتدادها بينهما إلى فضاءات أوسع فأوسع، لتشمل السياحة أيضًا بأشكالها المتعددة والجاذبة، ولشمولها مختلف دول إقليميهما.
عندما يَصل السائح الأذربيجاني إلى مطار الملكة علياء الدولي، في خط طيران مباشر من باكو، من خلال الخطوط الجوية الأذرية، وربما بالخطوط الجوية الملكية الأردنية في المستقبل أيضًا، يستطيع الانتقال من العاصمة عمّان؛ ضمن البرنامج الواسع الذي يُعدُ مسبقًا للمجموعات السياحية؛ إلى الدول العربية المجاورة للمملكة، وإلى ما بعدها أيضًا، وصولًا إلى مصر والخليج، وهو أمر سهل ويَسير للسياح العرب والأجانب المتقاطرين على الأردن من مختلف بقاع الكرة الأرضية.
في الأخبار الأردنية، ووفقًا لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية “بترا”، (في السادس من كانون الثاني / يناير 2020)، أن الأردن بادر أولًا إلى بحث القضايا المتعلقة بخط الطيران المُباشر بين عمّان وباكو، إذ سَبق وبحث السفير الأردني لدى جمهورية أذربيجان سامي غوشة، مع رئيس شركة الخطوط الجوية الأذربيجانية (أزال) جهانقير عسكروف، المسائل المتعلقة بإقامة خط الطيران المباشر بين البلدين، وقد جاء ذلك في أعقاب الزيارة الرسمية لجلالة الملك عبدالله الثاني إلى أذربيجان الشقيقة، في كانون الأول الماضي (2020)، حيث كان جلالته وفخامة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف قد اتفقا، خلال مباحثاتهما في باكو، على توسيع آفاق التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، ذلك أنه كان من المقرر أن يجري تسيير الرحلات ما بين البلدين في نهاية أيار من العام نفسه، بمعدل رحلتين أسبوعيًا، لكن الظروف القاهرة المتمثلة بجائحة كورونا قد عرقلت تنفيذ هذا المشروع الكبير، الذي نأمل أن يبدأ تنفيذه في القريب العاجل، وهو ما يُعد في صالح الدولتين الشقيقتين.
إضافة إلى ذلك، فإن من شأن مثل هذه الاتفاقية أن تعمل على توسيع نسبة الأشغال في التبادلات السياحية وغيرها من ألوان التعاون بين الدولتين، ذلك أن أذربيجان والأردن يَقعان في منتصف إقليميهما الكبير والمتعدد الثقافات والألسن والتقاليد، ومن عاصمتيهما يستطيع السياح الانتقال بكل أريحية إلى الدول المجاورة ذات الحضارات العريقة والمطابخ القومية الجاذبة، حيث يمكن أن ننشط في هذا الاتجاه على تطوير سياحة التذوق.. أو لنقل سياحة الغذائية القومية الثقافية بين قطرينا الإثنين وأقطار إقليمينا الكثيرة، وبعدها نعود إلى عاصمتيهما بسهولة وسرعة كبيرتين. وبإمكان السياح والزوار كذلك، تنظيم جولات وسياحة واسعة ومتشعبة جغرافيًا في كلٍ مِن باكو وعمّان، والعواصم المجاورة لهما، خلال عطلاتهم الأسبوعية، ولإحياء المناسبات التاريخية والشخصية التي يرغبون باستذكارها بأحلى الصور عائليًا. هؤلاء جميعًا سينعمون براحة وأعمال وجولات غير مكلفة ماليًا، يؤكدها المَثل العربي الشهير، الذي يقول: “يَضربون عصفورين بحجر واحد”. أما نحن فنقول: بل هم يَضربون عدة عصافير بحجر واحد!
في السياحة والتبادلات الإنسانية واليومية بين الأردن وأذربيجان والدول المجاورة لهما، نشهد نموًا متواصلًا للتبادلات السلعية، وازدياد أعداد وأدوار الخريجين الأردنيين من الجامعات والمعاهد الأذربيجانية، ونلاحظ كذلك التسارع الموصول في إقبال المشاهدين الأردنيين على متابعة الفضائيات الأذربيجانية الناطقة بمختلف اللغات، منها الروسية، والتي يَحرص على مشاهدتها أولئك الذين يتقنون هذه اللغة أو مَن درسوها في المملكة الأردنية الهاشمية والدول المجاورة لها، وأعدادهم ضخمة جدًا، إضافة إلى العدد الكبير لزوجاتهم الناطقات باللغة الروسية، وأبنائهم وأحفادهم وإلخ.
شخصيًا، أستبشر خيرًا بالعلاقات الحالية الأكثر تشعبًا بين الأردن وأذربيجان، وبِما يمكنني أن أُسميه بثقةٍ بـِ”العلاقات الجوية” بين بلدينا ومحيطيهما، والتي ستفزر العديد من أشكال التعاون المتجددة بين شعبينا ومؤسساتهما الرسمية والاجتماعية.
*متخصص بالعلاقات الأذربيجانية الأردنية.