كل شيء في البلد.. كلام جرايد!

أسامة الرنتيسي –

 لا أحد يثق بأحد في البلاد، لا الخطاب الرسمي مُقنع، ولا النيابي مُصَدّقْ، ولا صدى للحزبي، بينما يغرق الشعبي في الهموم والمشاكل التي لا أمل في علاجهما.

متلازمتان؛ لم نتمكن من التخلص منهما برغم مرور سنين طوال، هما الوعود الحكومية، وكلام الجرايد.

تطوَّر الإعلام إلى أن أصبح قائد التغيير في المجتمعات، وتراجع توزيع الصحافة وأهميتها، إلا أن متلازمة “هذا كلام جرايد” لم تغادر عقول الكثيرين.

والوعود الحكومية، متلازمة أخرى لا يصدقها الناس، فإذا وعدت الحكومة، تأتي قناعة الناس عكسها تماما.

تقدم الحكومة، أية حكومة، برنامج عملها إلى مجلس النواب لتحصل على ثقة الشعب، ضمن مشروعات وأهداف محددة، وروزنامة زمنية محددة أيضا، لكن بعد أن تحصل على الثقة، التي تحصل عليها دائما، لا أحد يعود إلى ذلك البرنامج للمحاسبة على أساسه.

آخر التصريحات الحكومية بعد رؤية التحديث الاقتصادي تؤشر إلى حالة فريدة من الاستقرار والأمن وتركز على تحفيز القطاعات الحيوية وتخفيض المديونية. (ركزوا على تخفيض المديونية)!!.

الخطاب الحكومي يتوسع في إطلاق الوعود، أقلها “أن الحكومة حريصة على تقديم الدعم والمساعدة بكافة أشكالهما للمؤسسات الرقابية والمحاسبية، ودعم المؤسسات الاقتصادية الكبرى لمواصلة دورها في دعم الاقتصاد الوطني”.

ومشروع المدينة الجديدة لا أحد من خارج الحكومة يدافع عنه، بل يهاجمه  كثيرون بعضهم كانوا في سدة الدوار الرابع، حتى وصل الهجوم عليه من الإعلام الخارجي فوازنه الإعلام المصري المعارض بمدينة القاهرة الجديدة، وكيف ستنجز الحكومة الأردنية الغارقة في الديون مدينة جديدة.

أما الشيء غير المفهوم هو إطلاق الوعود من الحكومة الحالية والحكومات السابقة لإدارة شركة الخطوط الجوية المَلِكيَّة الأردنية ” بدعم الشركة ناقلًا وطنيًا وسفيرًا أساسيًا للأردن لدى دول العالم كافة.”

كم تمنيت أن أعرف ما هو الدعم الذي يمكن أن تقدمه الحكومة للمَلِكيَّة الغارقة في الديون، مثلما هي موازنة الدولة، غارقة أيضا وتستغيث؟.

فكرة الوعود وتقديم الدعم، هي الصفة الغالبة ضمن الخطاب الرسمي منذ سنوات طوال، ونسمع كثيرا من أشخاص ومؤسسات تلقوا وعودا حكومية ذهبت هواء منثورا.

يزور وزير البلديات (الإدارة المحلية) إحدى المدن، فيستمع إلى مطالب أهلها، فيبدأ بإطلاق الوعود، وهو والسامعون يعرفون أنها لن تتحقق.

يضع وزير الصحة حجر الأساس على صخرة صوان لمستشفى أو مركز صحي، فيبقى حجر الصوان ويضيع حجر الأساس.

وزيرة الاستثمار تكرر ما قاله الوزراء السابقون  “إن الأردن يمتلك إمكانات كبيرة للشركات العالمية، فرسالتنا الدائمة لتلك الشركات أن الأردن مفتوح للاستثمار”، ولم نر استثمارا منذ سنوات لا بل الهاربون أكثر من الصامدين.

طبعا، عن وزراء الاقتصاد والمال، حدث ولا حرج.

وعن كلام الجرايد أيضا حُط في الخُرُج….

الدايم الله….