القرارات التي أعلنت عنها حكومة الدكتور بشر خصاونة يوم أمس، تندرج ضمن سلسلة القرارات والإجراءات التي تتخذها تباعًا في ضوء تطورات الحالة الوبائية في المملكة في محاولاتها الجادة للسيطرة على فيروس كورونا ووضع حد لارتفاع عدد الإصابات، خاصة في مرحلة تستعد فيها المملكة للدخول إلى صيف آمن يخلو من الأمراض مما يتطلب المزيد من التعاون من قبل المواطنين الذين يقع عليهم تقبّل قرارات الحكومة بشيء من الرضا والارتياح والكفّ عن النقد المسبق والاتهام الذي لا مبرر له، فالمسألة لم تعد كما كانت من ذي قبل وهناك حياة معطلة يجب أن تعود إلى طبيعتها في كافة القطاعات وعلى أبعد تقدير في تموز أو آب القادم، وهو ما لم يتم إلا إذا تراجع المنحنى الوبائي إلى نسبة معقولة تسمح للحكومة باتخاذ قرارات للفتح المنتظر في القطاعات كافة.
قرارات الأمس كانت وفق نهج منطقي سليم، وكانت في معظمها استجابة لنداءات الناس، ولو أمعنا النظر فيها خاصة ما له علاقة بإيقاف العمل بحظر يوم الجمعة، والسماح للمواطنين بالخروج سيرًا على الأقدام لأداء صلاتي العشاء والتراويح، وكذلك إعادة فتح الحدائق العامة والمحال التجارية بداخلها، فإن جميعها تصب في خانة ما كان المواطن اول من أمس يطالب الحكومة به، وعليه فإن التعامل مع القرارات الآنف ذكرها يجب أن يكون على مستوى عال من الوعي والتفهم لتحديات المرحلة التي تمر بها الدولة.
معنيون جميعًا بأن تعود الحياة إلى طبيعتها كما كانت عليه، وهناك استحقاقات كبيرة تنتظر الحكومة، فالمدارس والجامعات والمطاعم وإعادة الكثير ممن تقطعت بهم سبل الرزق، وغيرها من معطيات ووقائع قاسية فرضتها ظروف الفيروس اللعين، والتي في عودتها مصلحة وطنية عليا نتفق الجميع على ضرورتها في أقرب فرصة ممكنة.
الحكومة ليست عدواً للشعب، وهي تعمل وفق تكليف ملكي ونهج صريح ومعلن منذ اليوم الأول لتسلّمها مهامها حين أعلن رئيسها أن حكومته لن تعمل من أجل الحصول على شعبيات زائفة وان عملها وخططها سوف تكون واضحة المعالم وبمنتهى الوضوح والصراحة والمكاشفة، وإلا فإنها إن راحت تبحث عن شعبوية ووضعت مصلحة الوطن والمواطن جانبًا، فإنها تغالط مبادئ ومرتكزات كتاب التكليف السامي حيث تعمل في ضوء توجيهات الملك.
لنوقف سهام النقد اللاذع الموجهة للحكومة، ولنتريث وننتظر تراجع المنحنى الوبائي، وليقبل الجميع على التسجيل وأخذ اللقاحات، فجميعنا مسؤولون ومطالبون بما علينا من مسؤوليات وواجبات تجاه وطننا في هذه الآونة المهمة، ونحن إذا ما شجعنا وأيدنا قرارات الحكومة فإننا لا نقدم لها قربانًا ولا نغازلها ولا نبحث لديها عن مصالح آنية، فالوطن هو الغاية وهو الهدف، ومصلحتنا ومصلحة أبنائنا في عودتهم إلى جامعاتهم ومدارسهم وأعمالهم، هي أسمى من المهاترات والتقولات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.