اسامة الرنتيسي
صحيح أن طعم عيد العمال العالمي اختلف كليا مع عهد الكورونا، ولم يعد هذا اليوم التقدمي الذي يحتفل به عمال العالم على طريقة الشعار الأممي “يا عمال العالم اتحدوا…” لأنه في زمن الكورونا أكثر من طحنتهم الظروف هم العمال، وأكثر من تأذّى هم عمال المياومة.
في منتصف السبعينيات، جسد فنان الكاريكاتور الفلسطيني العالمي ناجي العلي صيغة حقيقية لعيد العمال العالمي، عندما رسم عاملا يحمل لافتة قماشها مرقع كتب عليها “تعيش الطبقة العاملة” إلى جانبه زوجته التي تحتضن ابنها الصغير، وبكل قهر الدنيا تقول له: “طز بهيك عيشة يا زلمة..”.
بعيدا عن شعارات الأحزاب والنقابات والمؤسسات التي تحتفل كثيرا في الأول من أيار بعيد العمال العالمي، وعن التهاني الكثيرة التي تلقاها العمال في عيدهم، وهم على رأس عملهم، لأن الشيء الغريب في عيد العمال العالمي، وهو عطلة رسمية، أن جل الذين على رأس عملهم في هذا اليوم من العمال، ومن ينعمون براحة الإجازة هم أرباب العمل!.
الحكومة فعلت خيرا هذا الشهر على غير عادة الحكومات في تقديم الهدايا حيث تعودنا على رفع الأسعار خاصة مواد الوقود، أما هذا الشهر فقد ابقت الحكومة على أسعار الوقود والكهرباء لشهر أيار، هدية للعمال في عيدهم.
هل تذكرون رسالة البسطاء التي وصلت قبل ثلاثة أعوام في مثل هذا الوقت مباشرة من إربد الى دولة الرئيس وهو يغادر المسجد بعد صلاة الجمعة، حيث لحق أحد المواطنين سيارة الدكتور هاني الملقي وقال له….”الناس جاعت وأكلت خرا دولتك! لو ترخصوا الأسعار أحسنلك من حجة عند الله”!.
ما علينا.. نتذكر الأول من أيار، عيد العمال العالمي، فتعود بنا الأيام إلى مرحلة الأحكام العرفية، التي غادرناها في عام 1989، وتمر في الذاكرة حالة النقابات العمالية النشطة في تلك الفترة، خاصة نقابة العاملين في المصارف، عندما كان يقودها نقباء مُجيدون ومُجتهدون، كالروائي المرحوم جمال ناجي، والمرحوم الدكتور حيدر رشيد، وأطال الله في عمر يوسف الحوراني.
كنّا طلابًا في الجامعات، نشارك نقابة المصارف وعموم رفاق التيار القومي واليساري في احتفالاتهم، حيث كانت النقابة تنظم رحلة اجتماعية في عيد العمال لأعضائها وأسرهم وأصدقائهم كافة إلى دبين، تقام خلالها المسابقات الثقافية، والأمسيات الشعرية، وحفلات الغناء الوطني بقيادة فرقة بلدنا وكمال خليل.
أتذكر تلك الأيام، وأُوازنها بأيامنا هذه، التي لا تزال مطالب الحركة العمالية هي ذاتها التي تُطالب بها منذ عشرات السنين بضرورة تعديل قوانين العمل والضمان الاجتماعي ونظام النقابات العمالية الموحّد.
يدخل علينا يوم العمال العالمي بأخبار إغلاقات كثيرة لمؤسسات وشركات نتيجة جائحة كورونا وتسريحات عمالية في كثير من الشركات والمؤسسات، وبمذكرات احتجاجية تطالب بتحسين أوضاع العاملين، بعد أن تغوّلت الأسعار على رواتب العمال، ولم تعد تكفي لتوفير قوت العيال بكرامة، ونسمع أصواتًا نقابية هَرِمت وهي تطالب بتغيير قيادة اتحاد العمال التي تترأس النقابات العمالية منذ أكثر من عشرين عامًا، ولا تزال متمسمرة على مقاعدها….
الدايم الله…..