تعديلات بنكهة الأحكام العرفية تعيدُ مجلس النواب إلى الغرف الصفية !

لم تلاقِ التعديلات الأخيرة التي أقرها مجلس النواب على نظامه الداخلي ومدونة سلكوكه ترحيبًا وموافقة بالإجماع، بل نقدًا لاذعًا ذهب فيه بعض النواب بوصف هذه التعديلات بأنها”تضيق على دور النائب”.

ولم يكن من النائب القانوني صالح العرموطي إلا التعليق بأن تعديلات مدونة السلوك “فيها حجر على فكر المواطن ومحظورات منها أن يكون لدى النائب النزاهة والأمانة والقيادة وهي أمور مفترضة أن تكون موجودة والمعايير التي يجب أن يتحلى بها النائب أن تكون وفقا للمعايير الدولية ونحن لدينا معايير دستورية ويجب الإلتزام بها” .

وقال في تصريحات صحافية إن “مدونة السلوك والجزء المتعلق بعدم تقديم الدعم للاحتجاجات غير المشروعة تعني أنه إذا كان هناك اعتصام أمام مجلس النواب ولم يحصل على الموافقة يجب على النائب عدم التواجد فيه أو دعمه وكذلك إذا حصل اعتصام على الفقر والجوع أو البطالة”..

وانتقد العرموطي “تمرير مدونة السلوك بهذه الطريقة، وصفًا أن ماحدث غير مريح، ومعتبرًا أن مدونة السلوك ليس لها أصل دستوري وكان يجب ضمها إلى النظام الداخلي بعد اجراء تعديلات عليها”.

فيما اعتبر النائب المحامي زيد العتوم إقرار مجلس النواب نظامه الداخلي ومدونة السلوك باليوم الأسود، لافتًا إنه سيطعن فيه لدى المحكمة الدستورية.

وقال في إدراج على صفحة فيسبوك إن “تم مناقشة التعديلات من قبل اللجنة القانونية بسرية تامة بعيدا عن النواب وعن الاعلام وكأنها سرًا من أسرار الدولة، ثم جاءت جلسة التصوت دون قراءة المقترحات المقدمة على النظام الداخلي ومدونة السلوك، وتم التصويت دون وجود نصاب قانوني للجلسة”.

وتابع العتوم “إذا كانت الغاية هي وجود مجلس نواب شكلي فهذا خارج نطاق اهتمامي أو اهتمام المواطن وهذا الاسلوب سيفشل في النهاية فالذي يعمل والذي لا يعمل واحدًا، لا بل أن الذي لا يعمل يكسب صحته ووقته وحالتة النفسية أما الذي يعمل فهو خاسر”.

وأشار إلى أن “المواطن يعرف الصحيح وأي محاولة للتذاكي على الشعب مصيرها الفشل أما إذا كنا نريد مجلس نواب قوي فما حدث اليوم هو دكتاتورية وسلطوية مطلقة فإما التراجع عما حدث اليوم واعادة الأمور لنصابها وإما إعلان الأحكام العرفية والاستغناء عن مجلس النواب الذي يتم تحجيمه من قبل بعض أعضاءه”.

جبهة المعارضة النيابية لم تكن الوحيد التي انتقدت التعديلات على النظام الداخلي ومدونة سلوك النواب، حيث حذر المحامي الدكتور طلال الشرفات قبيل تصويت المجلس على التعديلات من أن “النص الوارد في مشروع النظام الداخلي لمجلس النواب والمتعلق باستحداث موقع النائب الثالث لرئيس مجلس النواب بقصد تمكين المرأة مخالف للدستور”.

وأضاف “ويخلق مركز قانوني جديد ويخل بمبدأ المساواة بين اعضاء المجلس بصورة تخالف نصوص الدستور وروحه ومضامينه الراسخة، ويختلف اختلافاً جذرياً عن احكام الأنظمة التي يصدرها مجلس الوزراء بموجب المادة 120 من الدستور”.

جديرٌ بالذكر أن مجلس النواب صوت، أمس الثلاثاء، على تعديلات النظام الداخلي وجاء أبرز مافيها، أن استقالة الرئيس تعتبر نافذة من تاريخ إيداعها للأمانة العامة، واستقالة النائب تعتبر نافذة من تاريخ تقديمها للرئيس.

وبموجب التعديلات فإنه إذا لم تفز أي إمرأة من سيدات المجلس بمواقع الرئيس أو نائبيه، فإن أحد مقعدي مساعدي رئيس المجلس يكون مخصصاً للترشح للمرأة فقط، ذلك بعد رفض النواب استحداث منصب النائب الثالث والذي كان سيخصص للسيدات في حال لم تشغل سيدة أي منصب من الرئيس والنائبين الأول والثاني.

كذلك فقد أصبحت لجان المجلس الدائمة (20) لجنة بعد أن كان عددها (15) لجنة، واللجان الخمس التي تم إضافتها هي: الشباب والرياضة والثقافة، والبيئة والمناخ، والسياحة والآثار، الاقتصاد الرقمي والريادة، والريف والبادية، وتم تغيير مسميات عدد من اللجان منها الصحة والبيئة لتصبح الصحة والغذاء.

ووفق التعديلات الجديدة يتم حسم مالي عن النائب المتغيب بدون عذر عن الجلسة، كما تم وضع تعديل جديد بموجبه يتم وضع عقوبات على النائب الذي تزيد مدة غيابه عن ثماني جلسات متتالية أو خمسة عشرة متفرقة.

فيما الزمت بعض التعديلات على مدونة السلوك أعضاء مجلس النواب بتقديم اشهار الذمة المالية المعتمد وادامته، وعدم اشهار الصفة النيابية بدون مبرر، بالإضافة إلى تجنب الواسطة والمحسوبية وتجنب تضارب المصالح، وعدم تقديم الدعم لاحتجاجات غير مشروعة، وعدم الاستفادة من المعلومات الحصرية، وعدم نشر ما يتصف بالسرية والالتزام بالانتماء الحزبي أو الكتلوي.