ناصر اللوزي .. من شابه أباه – بورتريه

كتب هشام عودة

ربما لم يشعر المهندس الوسيم ناصر احمد اللوزي بكثير من القلق والدهشة، وهو يتسلم مهام منصبه الجديد رئيساً للديوان الملكي مطلع تشرين الأول ۲۰۰۸، إذ من المؤكد أن الرئيس العتيق أبو ناصر، الذي شغل المنصب ذاته قبل ما يقرب من ثلاثين عاما، قد شرح لنجله الأكبر ما تتطلبه مثل هذه الوظيفة الحساسة من اشتراطات والتزامات، وهو يشعر بداخله بكثير من الزهو والسرور لكن المؤكد أيضا أن الظروف السياسية والاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية، التي واجهها الأب عندما تسلم منصبه عام ۱۹۷۹ تختلف كثيراً عن الظروف التي يتسلم فيها الابن المنصب ذاته.

بعض السياسيين تنطبق عليهم مقولة “من شابه أباه”، لكن المهندس ناصر اللوزي تنطبق عليه بالإضافة لها مقولة اخرى تقول ” ثلثين الولد ع خاله” في إشارة للرئيس أبي عون.

أولى مهمات المهندس اللوزي الشاب تكمن في قدرته على إعادة فتح خطوط العلاقة مع مختلف الدوائر والمؤسسات التي أغلق بعضها في السنوات السابقة، حين أصبح شخص سلفه مادة للنقد السياسي والإعلامي المعلن على غير العادة، وهي المرة الأولى التي يصبح فيها رئيس الديوان طرفاً في المعادلة، بدل أن يكون جامعاً لكل الأطراف وهذا ما قراه الرئيس الجديد جيداً .

مهمة رئيس الديوان الملكي، ليست مهمة سياسية أو اقتصادية أو بروتوكولية، بل هي كل هذه التوصيفات وربما غيرها والوزير السابق ذو الصوت الهادئ القادم من ميدان الفعل الاقتصادي قادر على إعادة فتح الأبواب ورسم ملامح الخريطة للمرحلة المقبلة .

ناصر احمد اللوزي المولود في عمان عام ١٩٥٧، أنهى مرحلة الثانوية العامة من دراسته في الكلية العلمية الإسلامية قبل أن يلتحق بجامعة ارلنغتون في الولايات المتحدة الأميركية لدراسة الهندسة المدنية.

يمكن أن يكون الموقع المختلف الذي تسلمه المهندس المدني ناصر اللوزي هو حقيبة وزارة الثقافة ووزارة الإعلام في حكومة الرئيس عبد الرؤوف الروابدة، لكن الذين عملوا معه في تلك الفترة يؤكدون أن الرجل قاد مركب الثقافة والإعلام في الأردن بهدوء، وتعرف إلى المثقفين والصحفيين والفنانين والمبدعين الأردنيين والعرب، إلا أن التعديل الأول الذي جرى علي حكومة أبي عصام أعاده إلى ملعب اختصاصه في وزارة النقل، ليظل ذلك منسجما مع طبيعة ولون الحقائب الوزارية الأخرى التي تسلمها من قبل مثل حقيبة النقل في حكومة خاله الرئيس عبد الكريم الكباريتي التي دخل من خلالها بوابة الدوار الرابع، وحقيبة الأشغال العامة والإسكان في حكومة الرئيس عبد السلام المجالي الثانية وحكومة الرئيس فايز الطراونة، وهي مهمات قد تكون اقرب إلى اختصاصه و اهتمامه و میدان تجربته

المهندس ناصر اللوزي ليس له بيت خاص به، أو هكذا يبدو لأصدقائه ومعارفه، فما زال الرجل يسكن في منزل والده، عميد الرؤساء الأردنيين احمد اللوزي، ويمكن اعتبار الوزير الوسيم الشاب احد أشهر العازبين في الحياة السياسية الأردنية المعاصرة، رغم الضغوط الاجتماعية المتواصلة التي قد يكون تعرض لها للدخول طوعيا في القفص الذهبي .

ولد ناصر اللوزي في بيت سياسي عريق، لذلك من الطبيعي أن يكون قد عاش طفولة تختلف عن طفولة غيره، فعندما كان طفلا كان والده وزيراً في حكومات متعاقبة، وعندما كان طالبا في المرحلة الإعدادية كان والده قد أصبح رئيساً للوزراء، ليراه بعد ذلك رئيساً للديوان الملكي قبل أن يتخرج من الجامعة في تكساس، لذلك كان طبيعياً أن يتدرب الابن جيداً في مدرسة والده السياسية التي ظلت تتسم بالهدوء رغم سخونة الأحداث في بعض المراحل ، وان يتعرف كذلك على سياسيي الأردن البارزين في مراحل متعددة، قبل أن يسير في طريقه إلى الدوار الرابع.

ليست الوظيفة الرسمية العليا هي التي استدرجت المهندس الشاب إلى أجوائها، فقد تسلم بعد مغادرته للوظيفة الرسمية مواقع عديدة في القطاع الخاص في جانبه الاقتصادي، في البنوك والشركات الاقتصادية الكبرى، وله دراية في موضوع التخاصية حين كان
يقود هذه المهمة في الملكية الأردنية، وربما يراوده شعور خاص وهو في طريقه إلى المطار، الطريق الذي يحمل بعض بصماته.
البرلمان والصحافة وغيرهما من المؤسسات التي اتسمت علاقتها بالتوتر أحيانا مع سلفه في الوظيفة العليا، أعربت عن ارتياحها وهي تتابع خطوات المهندس الوسيم في طريقة إلى مكتبه في الديوان الملكي، ليكون قريباً من الدوائر الأولى لصنع القرار في البلاد.

هدوء المهندس الشاب وقلة عدد خصومه في الشارع السياسي والاقتصادي، سيمنحانه مزيداً من القدرة على فتح حوار مع الأطراف كلها، وهو يسعى لترجمة مقولة الملك بان الديوان الملكي سيظل بيتا لكل الأردنيين.