أسامة الرنتيسي –
عقل الدولة المعنِي في الانتخابات مهموم جدا بتحسين نسبة التصويت في الانتخابات النيابية المقبلة، التي تحوم دائما حول 30 % من الأردنيين، بضعف واضح في العاصمة عمان وإربد والزرقاء.
الرافعة الرئيسية لرفع نسبة المشاركة في التصويت في الانتخابات المقبلة هي الأحزاب السياسية، على افتراض أن هذه الأحزاب سوف تؤثر في المجتمع الأردني وترفع نسبة التصويت.
بقراءة أرقام غير رسمية فإن 27 حزبا صوبوا أوضاعهم وفي سِجلّاتهم نحو 26 ألف عضو، بينهم نحو 18 ألفا انضموا عن طريق “إبعث صورة هُويتك” بمعنى ليس لهم في العملية الحزبية أي طموح ولا يعرفون مِن الحزب الذي انضموا إليه سوى الاسم، أو اسم القريب أو الصديق الذي “مان” عليهم للانضمام.
هذه الحال لن ترفع نسبة المشاركة فعليا في الانتخابات، ولن يشارك أصحاب “البلوكات الانتخابية” في التَّرَشُّح ضمن قوائم الأحزاب التي إنضموا إليها، (أو للدقة طُلب منهم الانضمام إليها)، بل سيترشحون ضمن القوائم المحلية، ويدعمون القوائم الحزبية بما تجود به الأصوات التي يمونون عليها.
قبل أشهر نصحت بأنه ليس مهما أن يتمكن 27 حزبا من توفيق أوضاعهم ضمن قانون الأحزاب الجديد، وليس مهما أن يتم وأد 19 حزبا لم تتمكن من تصويب أوضاعها.
المهم؛ أن كل مجسات الدولة وأجهزتها وأدواتها ولجانها، لم تتوقف لحظة عند نتيجة استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، عندما أعلن أن 1 % من الأردنيين مهتمون بالأحزاب وقد يفكرون بالانضمام إليها.
هذا يعني أنه بعد أكثر من عام على لجنة التحديث السياسي وإقرار قوانين إصلاح الحالة السياسية ضمن قانوني الانتخاب والأحزاب، وبعد أكثر من عام على الضخ الإعلامي والتحشيد وتشكيل الأحزاب وتنقلها بين محافظات المملكة تأتي النتيجة أن 1 % من الأردنيين مهتمون بالأحزاب.
وبتوضيح أكثر نحن بحاجة إلى مئة عام أخرى حتى نقنع الأردنيين بجدوى الأحزاب ودورها في التغيير.
هذا لا يعني أننا بحاجة إلى أن يتحزب المجتمع الأردني كله، نحن بحاجة إلى أن يقتنع المجتمع بجدوى الأحزاب وجدية التوجه نحو الحياة الحزبية، والأهم من هذا كله أن يقتنع المواطن الأردني بأن عقل الدولة بدأ يؤمن بالحياة الحزبية، وتغيرت نظرته للأحزاب وتغيرت قناعاته المعروفة سابقا للناس بأنه ليس مع الأحزاب المعارضة والمُوالِية.
ما جرى ويجري في تشكيل الأحزاب الجديدة ليس له علاقة ببناء أحزاب حقيقية ببرامج وهُوية وفكر، فقليلون هم من التقطوا فكرة التحول نحو الحياة الحزبية، وفهموا أن أولى خطوات الحياة الحزبية، هي “تحزيب الانتخابات” المقبلة من أجل البناء عليها لتأطير وتعظيم وتجويد الحياة الحزبية.
الخطوة الأولى في هذه العملية، كان البحث عن القواسم المشتركة والأفكار المتقاربة، والمبادىء العامة، والرؤية والرسالة لكيفية “تحزيب الانتخابات” من أجل الشروع مستقبلا في بناء برامج الحزب وهُويته السياسية.
في قانون الانتخاب الجديد والمقاعد الـ 41 المخصصة للقائمة الحزبية هناك عقدة العتبة التي تتطلب أن تحصل قائمة الحزب على 50 ألف صوت على المستوى الوطني.
لهذا فإن قوائم الأحزاب وترتيب أسماء مرشحيها في الانتخابات النيابية المقبلة هي التي ستحسم تماسك هذه الأحزاب أو تفسخها، لأن كثيرا من الشخصيات الذين انضموا إلى أحزاب هدفهم الأول والأخير العودة للبرلمان، فإن لم يجدوا في الحزب وسيلة، فلن يبقوا لحظة فيه.
الدايم الله…