أطلق مركز القدس للدراسات السياسية حملة وطنية تحت عنوان “لحفز المشاركة ومغادرة العزوف”، تستهدف رفع مستويات المشاركة السياسية والمدنية في الفضاء العام وزيادة نسب الإقبال على الاقتراع في الانتخابات العامة، سيما في الدوائر والمحافظات التي تتدنى فيها نسب التصويت عن الثلاثين بالمئة.
وقد دشن المركز حملته الوطنية هذه، بتنظيم لقاء حواري حاشد، في قاعدة بلدية الرصيفة، تحت عنوان فرعي: “طريق الأحزاب السياسية إلى المجتمعات المحلية”، بمشاركة أكثر من 100 شخصية وناشطة من أبناء وبنات المدينة وجوارها، يمثلون طيفاً واسعاً من نشطاء المجتمع المدني وقادة المجتمع المحلي وشباب ونساء وممثلين عن أحزاب سياسية وجمعيات أهلية مختلفة.
وقد افتتح الأستاذ عريب الرنتاوي مدير عام مركز القدس للدراسات الورشة بكلمة ترحيبية، عرض في خلالها أهم أهداف الحملة الوطنية لتعزيز المشاركة ومغادرة العزوف، متناولاً الأسباب التي قادت إلى تفشي ظاهرة العزوف عن المشاركة السياسية، سواء ما تعلق منها بسياسات وإجراءات الحكومات المتعاقبة، وقوانين الانتخابات التي نظمت العملية السياسية طوال الثلاثين عاماً الماضية أو ما اتصل منها بأداء الأحزاب ذاتها وبُناها الداخلية وأدوات عملها وخطابها.
وأوضح الرنتاوي أن المركز بصدد القيام بجولة على مختلف دوائر المملكة، بدءاً بأقلها إقبالاً على الاقتراع، سعياً لملاقاة الحراك الحزبي النشط الجاري حالياً، واستعداداً للانتخابات النيابية القادمة- 2024، مؤكداً أهمية الانخراط في الأحزاب السياسية منوهاً إلى إمكانية تشكيل أحزاب سياسية جديدة وعدم الاكتفاء بالأحزاب القائمة في حال لم تكن مقنعة لجمهورالمواطنين في إشارة لأهمية العمل الحزبي، ودعا الرنتاوي الجميع إلى استغلال نافذة الفرص التي وفرته مواقف وتصريحات جلالة الملك ومخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
رئيس بلدية الرصيفة الأستاذ شادي الزناتي تحدث في كلمته الترحيبية عن أهمية ودور البلديات في لعب دور داعم ورديف لجهود التحديث السياسي من خلال استضافة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، مُشيراً إلى أن أسباب ضعف معدلات الاقتراع في مدينة الرصيفة تعود لأسباب ديمغرافية واقتصادية، إضافة إلى انتشار ما يُعرف بالمال الأسود، مؤكداً بأن المجتمع المحلي في الرصيفة يحتاج لمزيد من الوعي السياسي ليكون مجتمعاً مُسيساً يدرك أهمية الانخراط في الانتخابات والأحزاب،وأثر ذلك في تحسين الواقع المعيشي للمواطن.
وتعاقب على الحديث في الورشة كل من الدكتور خالد البكار أمين عام حزب تقدم الذي أشار في مداخلته إلى أهمية التركيز على جذب الاستثمار وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، منوهاً إلى أن هناك فجوة بين القطاعين مما يستلزم الحاجة لمعالجتها، ونوه إلى أن عدد أعضاء حزب تقدم تجاوز 1700 عضواً موضحاً أن من أولويات حزبه تشكيل وحدات محلية في المحافظات للوقوف على ما تتمتع به كل محافظة من ميزةٍ نسبية يمكن استثمارها في النهوض بالمحافظة اقتصادياً، كذلك شدد البكار على ضرورة استقلالية البلديات واقتصار دور وزارة الإدارة المحلية على الجانب التنظيمي.
من جانبه تناول الدكتور مصطفى العماوي أمين عام حزب الائتلاف الوطني أهمية الاستماع لوجهات نظر جمهور المواطنين، مُشراً إلى أن حزب الائتلاف الوطني لديه 17 فرعاً منتشرة في أنحاء المملكة، وقد شدد العماوي على أهمية المشاركة في الانتخابات القادمة نظراً لما يلعبه القانون من أثرٍ في الوصول إلى مجلس نواب قائم على الكتل والأحزاب البرامجية، بدل البرلمانات الفردية التي عرفها في السنوات الماضية، مطالباً بعدم ترك الصناديق فارغة على حد وصفه، كذلك أشار العماوي إلى أهمية نهوض الحكومة بدورها التشبيكي مع مختلف الجهات لتوسيع أفاق الحوار.
أما نائب الأمين العام لحزب الميثاق النائب الأستاذ محمد الحجوج فقد استعرض في مداخلته تاريخ الحياة الحزبية في الأردن، مُشيراً إلى أن وجودها سبق تأسيس الإمارة وواكبها، وأكد الحجوج على أهمية الحوار والانفتاح على جميع التيارات السياسية والحزبية، منوهاً بأن حزب الميثاق قد انتهج نهج الحوار مع كافة الأحزاب، وأردف قائلاً بأن الإشكالية التي عانت منها الأحزاب الوسطية خلال العقود الثلاث الفائتة كانت في ضعف توجهها للحوار مع الأحزاب الأخرى.
وأفاد الحجوج إلى أن عدد الأعضاء في حزب الميثاق قد وصل إلى 8500 عضواً منوهاً إلى أن حزب الميثاق يعد من حزباً وسطياً محافظاً.
وإذ أظهر المشاركون والمشاركات حماسة لطرح الأسئلة والمداخلات، فقد تمحورت مداخلاتهم حول ضرورة معالجة التحديات التي تعيق الانضمام للأحزاب السياسية وبخاصة تلك المتعلقة بالوعي السياسي والحزبي، وأهمية أن تقوم الأحزاب بأدوارها في إقناع جمهور المواطنين في الانتساب اليها، إضافة إلى دعوة الأحزاب السياسية للانخراط أكثر في مستجدات الشأن العام وتوضيح موقفها من أي قضايا تعتبر مثار اهتمامٍ للرأي العام.
ولفتت كلمات عدد من المتحدثين إلى انشغال الشباب الأردني بالبحث عن فرص العمل ولقمة العيش، باعتبارها أولوية سابقة على غيرها، كما أشار مشاركون إلى أثر المخاوف الأمنية التي تحد من مشاركة بعض الفئات الشبابية والطلابية في العمل السياسي والحزبي، وتضمنت المشاركات انتقادات موجهة للأحزاب ذاتها، إن لجهة بنيتها الداخلية أو لجهة برامجها وطروحاتها.
وهدفت الحوارية التي أقيمت في واحدة من أقل المناطق إقبالاً على الاقتراع خلال الجولات الانتخابية المتعاقبة للتعرف على واقع وآليات عمل الأحزاب السياسية في استقطاب جمهور المواطنين، والوقوف على رؤاهم للمرحلة القادمة، في ظل مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي أفرزت قانونين جديدين للأحزاب والانتخاب، وتخصيص 41 مقعداً من مقاعد مجلس النواب العشرين للقائمة الحزبية، إضافة لإقرار نظام للعمل الحزبي داخل مؤسسات التعليم العالي، مما يؤشر على دخول الحياة السياسية مرحلة جديدة تحتل الحياة الحزبية حيزاً رئيسياً فيها.
وحضور مشروع قانون الجرائم الالكترونية المعروض على مجلس النواب، في النقاشات من خارج جدول الأعمال، حيث نبه مشاركون، إلى أثره السلبي على حرية الرأي والتعبير، وإضعاف الثقة بمسارات المشاركة والإصلاح والتحديث وتساءل مواطنون عن مواقف الأحزاب السياسية المشاركة من هذا المشروع.