ليلة القبض على “التوجيهي”

أسامة الرنتيسي –

 ليست الحرارة العالية التي قضّت مضاجع الأردنيين وحرَمتهم  النوم في الليالي السابقة، بل أضيفَ لها “بعبع التوجيهي” حيث غاب النوم من أعين كثير من العائلات الأردنية في انتظار فجر الأربعاء ونتائج التوجيهي (الثانوية العامة) لتفاجئهم الوزارة أن النتائج في الرابعة عصرا.

لعلم الوزارة؛ أن الأردن جميعه لم ينم جيدًا ليلة النتائج، وبقيت عائلات الطلبة وأقاربهم وأصدقاؤهم وجيرانهم مستيقظين ينتظرون الفرج العظيم.

أتمنى ألا يحدث خَللٌ في موقع الوزارة الإلكتروني مثلما حدث قبل سنوات، وكان التبرير أن هناك ضغطًا على الموقع…يا لطيف.!!

منذ سنوات تخسر وزارة التربية والبلاد في كل موسم امتحانات توجيهي جزءا من سمعتها العلمية والأكاديمية، حتى فقدنا السمعة الطيبة التي كانت موجودة في الثمانينيات والتسعينيات.

كما نسمع أن وسائل الغش تطورت واستفادت من التطورات التكنولوجية لأجهزة الهواتف، بحيث يتم استغلالها في تهريب الأسئلة إلى خارج قاعات الامتحان لأشخاص جاهزين لحلها وإعادة إرسالها من جديد، فإذا كان هذا صحيحا، وهو صحيح بالتأكيد، ولا تنفيه الوزارة ، فلا أدري ما هو المبرر الذي لا تتشدد فيه الوزارة بإدخال أجهزة الهاتف أو أية أجهزة إلكترونية أخرى إلى قاعات الامتحان؟

لقد خضع امتحان التوجيهي في الأردن إلى تجارب نقلها وزراء التربية كل على طريقته الخاصة، ففي السنوات الأخيرة جرت تعديلات على أسس الامتحان، لا يمكن أن تصنع طمأنينة لدى الطلبة وأهلهم، بل إن معظم الأردنيين لم يعرفوا أسس الامتحان ولا طريقة اختيار المواد الدراسية، حتى أولياء أمور الطلبة ذاتهم مصدومين من جهلهم في التغييرات التي وقعت على الامتحان ولم يتمكنوا من متابعتها.

حتى قضية إعلان نتائج التوجيهي، لا أحد يعلم لِمَ تحتاج إلى كل هذه المدة لاستخراجها، وفي دول أخرى، عدد طلابها خمسة أضعاف طلبتنا كالسعودية ومصر مثلا، لا تحتاج سوى أيام قلائل، وفي دول أخرى تعلن النتائج بعد يومين من تقديم آخر امتحان، ومع كل هذه المدة التي تصرفها الوزارة لاستخراج النتائج، إلا أن نسبة الأخطاء ليست قليلة، ولنا تجربة مؤلمة قبل سنوات.

إذا كانت وزارة التربية، والحكومة من ورائها، لا تستطيعان ضبط امتحان بمستوى امتحان التوجيهي، وأصبح قضية مربكة فعلا للجميع، فكيف بالله عليكم سيتم ضبط شؤون البلاد العامة، وتحت كل قضية بسيطة كانت أم كبيرة، توقد أفران النار، ولا احد يدري متى ستشتعل وتلتهم الأخضر واليابس؟

بالمناسبة؛ ليس الفشل في وزارة التربية بإدارة امتحان التوجيهي، فالوزارة الجهة المعنية بضبط الأخطاء التعليمية حيث يقع وزراؤها المتعاقبون منذ سنوات في خطأ فاحش عندما يقولون تعويض “الفاقد التعليمي” للطلبة…

لأن الفاقد معناه الشخص أو الإنسان الذي فقد شيئا

فنقول المرأة الفاقد إذا فقدت زوجها أو ابنها، أو رجل فقد عزيزا عليه أو فقد شيئا يعز عليه أو يملكه، فيقال كذلك فاقد ضميره، فاقد رشده، فاقد خلقه، فاقد وعيه.. إلخ.

والصحيح الفقد العلمي أي المعلومات العلمية والدروس والحصص الدراسية التي ضاعت على الطلبة بسبب كورونا، وهذه المعلومة والتوضيح ليس مني بل من الخبير اللغوي حسن علي اسماعيل أبو وسيم.

الدايم الله…