سهولة امتلاك السلاح لمصلحة مَنْ؟!

أسامة الرنتيسي –

 

 كعادتنا؛ يوم؛ يومان؛ ثلاثة، وتنتهي حكاية الأسلحة وإطلاق العيارات النارية في الأفراح والمناسبات جميعها، والأعيرة النارية العشوائية التي تقتل من دون أن نتوقف جديًا إزاء هذه الظاهرة.

منذ سنوات ونحن نعيش معاناة هذه الأحداث وآلامها كلها، وبعد 48 ساعة تنتهي الحكاية، وتبدأ حكاية جديدة، ونَدفن أحزاننا تحت رماد قلوبنا المنكسرة.

قُتل حمزة قبل عرسه بساعات نتيجة عبث بالسلاح وإطلاق النار إظهارا  لِفَرحِنا، وأصيبت الطفلة هدى قبل أسبوع في جرش برصاصة طائشة، توجعنا، وانْقَهَرْنا ودمعت أعيننا،  وبعد ذلك عدنا  إلى سيرَتنا الأولى، لنبدأ حكايات جديدة.

أخبار استخدام الأسلحة النارية في المشاجرات والأعراس والاستعراضات تَفتح على ظاهرة باتت تشكل رعبًا لدى الأردنيين، وتَفتح على سؤال مؤلم، لِمَ السلاح من دون قيود وبشكل لافت بين أيدي المواطنين؟.

منذ سنوات والحديث عن السلاح وكمية انتشاره، تفاصيل بعضها يمكن تصديقه، وبعضها الآخر يُشعر المرء أنه مبالغ فيه لدرجة كبيرة.

لنتذكر الاشتباكات التي حصلت قبل سنوات في مدينة معان، وقد ذهب ضحيتها، رجلان من القوات المسلحة، وصبي من معان، تم تناقل المعلومات عن أسلحة ظهرت في الاشتباك تجاوزت المسدسات والبنادق، إلى الأسلحة الثقيلة، والرشاشات، وإذا كانت هذه المعلومات دقيقة، فإن الخطورة باتت لا تحتمل المعالجة الشكلية، بل هناك حاجة لمعالجة جذرية حاسمة في قضية امتلاك الأسلحة، وتفعيل قانون الأسلحة النارية والذخائر.

وصل الأمر بموضوع السلاح، إلى أن تناقلت الكاميرا الخفية قبل فترة، عندما حاول مُعدّوها المزاح مع مواطن وقد تركهم وتوجه إلى سيارته، فأخرج رشاشا، وأطلق النار في الهواء، فكادوا أن يفقدوا حياتهم من جراء لعبة الكاميرا الخفية.

تسمع من محبي امتلاك السلاح روايات عن تجارة منتشرة في البلاد، وارتفاع جنوني ملاحظ على وقع مستجدات المشهد السياسي في المحيط والدول المجاورة، حتى بات هوس التسلح هاجسًا لدى أفراد المجتمع كافة، إذ لا يكاد يخلو منزل من قطعة سلاح خفيفة، وتتكشف هذه الظاهرة بوضوح إذا ما كانت هناك مناسبة فرح، ففي بعض المدن والبلدات تتحول الأعراس وحفلات التخرج إلى جبهات لا يمكن تصور واقعها، ويُسمع أزيز الرصاص من مختلف أنواع الأسلحة، كأننا في جبهة قتال.

أخطر ما في الظاهرة أن هناك استسهالا غريبا باستخدام الأسلحة، فخلاف بسيط على ضمان مزرعة في الأغوار، يُقتل فيه شاب بسلاح ناري، ومشاجرة بين طالبين في جامعة، تتحول في إثرها الساحات إلى ميادين مواجهة بالسلاح الناري، عوضا عن السلاح الأبيض، وإذا اختلف اثنان على إشارة ضوئية، فلا تستغرب رفع السلاح في تلك اللحظة.

نعيش أجواءً من العنف المجتمعي، والتوتر نتيجة الأوضاع الاقتصادية، والقلق نتيجة الأوضاع السياسية المرتبكة داخليا، والمتفجرة من حولنا، فهل نزيد من حالة الغليان بامتلاك مزيد من الأسلحة، أم نُفعِّل دولة الحق والقانون؟ ونتساءل ما الذي يدفع المواطن في دولة القانون والمؤسسات إلى اقتناء السلاح سرا؟

الدايم الله…