“القدس للدراسات” يختتم المرحلة الأولى من برنامج “تبادل الخبرات”، مستعرضاً دروس النجاح والفشل في التجارب الانتخابية التونسية والمغربية والتركية واللبنانية
أكثر من 130 قيادي من 25 حزب سياسي يشاركون في أربعة أيام تدريبية على استراتيجيات الحملات الانتخابية وطرق اختيار المرشحين وبناء البرامج وإعداد فرق العمل وتمويل الحملات وبناء التحالفات
عمان،
أنهى مركز القدس للدراسات السياسية المرحلة التحضيرية الأولى من برنامج مكثف لـ”تبادل خبرات” تحت عنوان “تعزيز فرص فوز الحزب السياسي في الانتخابات البرلمانية”، امتد لأربعة أيام، على مرحلتين، شارك فيه أكثر 130 مشارك من أمين عام وكادر قيادي يمثلون 25 حزباً سياسياً مسجلاً وقيد التأسيس، واستهدف بشكل خاص قادة الصف الأول في هذه الأحزاب، وعرضت من خلاله تجارب كل من المغرب وتونس ولبنان وتركيا والأردن.
البرنامج الذي تم تنفيذه بالشراكة مع مؤسسة كونراد أديناور – مكتب عمان، وبتنسيق مع الهيئة المستقلة للانتخاب، وتحت رعاية رئيس مجلس مفوضيها، معالي المهندس موسى المعايطة، استهدف تعريف قادة الأحزاب السياسية الأردنية، بتجارب انتخابية لأحزاب شقيقة وصديقة، والتعلم من دروس النجاح والإخفاق في خوض المعارك الانتخابية، وإكساب أحزابنا الوطنية، أفضل الخبرات والمهارات سيما وأنها تشهد حراكاً كثيفاً بعد انتهاء مرحلة تصويب أوضاعها وفقاً لمقتضيات قانونها الجديد، وتستعد لخوض غمار انتخابات برلمانية، غير مسبوقة، العام المقبل، شدد جلالة الملك على وجوب أن تكون “محطة رئيسة” وبإقبال كثيف على الاقتراع.
في المرحلة الأولى من البرنامج، عرضت السيدة أمينة ماء العينين، عضو البرلمان المغربي سابقاً، والقيادية في حزب العدالة والتنمية والخبيرة الدولية في شؤون الانتخابات، عرضت لتجربة الأحزاب المغربية في خوض الانتخابات المحلية والبرلمانية، متوقفة بشكل خاص، عند التجربة المتميزة لحزبها، وتركزت أوراقها حول “سبل إعداد الاستراتيجية الانتخابية وكتابة البرنامج الانتخابي”، و”طرق اختيار المرشحين وإعداد القائمة الانتخابية”، و”بناء التحالفات الانتخابية، و”تمويل الأحزاب والحملات”، كما عرض الدكتور طوني عطا الله، الخبير اللبناني – الدولي، والعميد السابق للمعهد العالي للدكتوراه في الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، للممارسات العالمية الفضلى في هذه المجالات، معرجاً بشكل على خاص، على بعض جوانب التجربة الانتخابية اللبنانية، بما لها وما عليها.
وقد تولى متحدثون أردنيون التعقيب على الأوراق المقدمة، من وحي التجربة الحزبية والانتخابية الأردنية، حيث تحدث كل من الدكتور علي الخوالدة، أمين عام وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية، في باب “القواعد والضوابط القانونية لتمويل الحملات الانتخابية”، والأستاذ حسين أبو رمان في جلسة “طرق اختيار المرشحين وإعداد القوائم الانتخابية”، والأستاذ عريب الرنتاوي في جلسة “بناء التحالفات الانتخابية في السياق الأردني”، وترأس جلسات هذه المرحلة من البرنامج كل من معالي المهندس سمير الحباشنة، الوزير والعين والنائب السابق، والسيدة دينا البشير عضو مجلس النواب الأردني، ومعالي الدكتور صبري ربيحات، وزير الشؤون السياسية والبرلمانية الأسبق، وسعادة الأستاذة ميادة شريم عضو مجلس النواب.
وشهدت الجلسات حوارات غنية ومعمقة بين المتدخلين والمعقبين ورؤساء الجلسات ومقدميها من جهة، وقادة الأحزاب والمشاركين من جهة ثانية، جرى في خلالها التوقف أمام أوجه القوة والضعف في التجربة الأردنية، وشهدت جلسة تمويل الأحزاب والحملات على وجه الخصوص، نقاشاً ساخناً، إذ وجه المشاركون انتقادات واضحة لنظام تمويل الأحزاب والحملات، وطالبوا بزيادة المخصصات المرصودة للأحزاب في الموازنة العامة للدولة.
وفي المرحلة الثانية من البرنامج، تعاقب على عرض التجربتين التونسية والتركية، كل من الوزير والمستشار الرئاسي التونسي السابق، وأحد مؤسسي حركة نداء تونس، الدكتور محسن المرزوق، والخبير في الشأن التركي ومستشار حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، والمراقب الدولي على الانتخابات، الدكتور محمد حسين مرجان، حيث عرض الأول لتجربة صعود وهبوط حركة نداء تونس، وقدّم للأسباب والمنهجيات والآليات التي مكنت الحزب من حصد مقاعد الأغلبية ومقعد الرئاسة الأولى في انتخابات 2014، فيما عرض الثاني لأسباب نجاح حزب العدالة والتنمية في كسب مختلف الانتخابات المحلية والنيابية والرئاسية والاستفتاءات العامة في تركيا خلال العقدين الفائتين.
ولقد تم توزيع مداخلات المتحدثين على محورين اثنين: الأول، وتناول الاستعدادات والحملات الانتخابية، واستراتيجيات الحملات ومهام فريق العمل المولج بالانتخابات، وكيفية الوصول إلى الناخبين ومراقبة أداء الحملات المنافسة، فيما انصب المحور الثاني حول يوم الاقتراع وما بعده، واشتمل على طرق حفز الناخبين للأدلاء بأصواتهم في يوم الاقتراع، ومراقبة الأحزاب لصناديق الاقتراع وعمليات الجمع والفرز وإعلان النتائج، وصولاً إلى الأدوار التي تضطلع بها الفرق القانونية في الحزب لمتابعة الطعون الانتخابية.
وتولى كل من السادة بسام حدادين، الوزير السابق وعضو مجلس الأعيان، وعدنان السواعير النائب السابق ورئيس لجنة الأحزاب المنبثقة عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والنائب المخضرم خير أبو صعيليك، والنائب الحالي ينال فريحات، مهمة التعقيب على التجربتين التونسية والتركية، من وحي التجربة الأردنية، وفي السياق الأردني المُتعيّن، لافتين انتباه الحضور والمشاركين، إلى أهم وأبرز الدروس المستفادة من هاتين التجربتين التي يتعين على الأحزاب الأردنية استيعابها وهو تتحضر لخوض غمار انتخابات 2024.
وترأس جلسات المرحلة الثانية والتقديم إليها، كل من السادة والسيدات: النائب الدكتور خالد البستنجي، والنائب أسماء الرواحنة، والنائب دينا البشير والأستاذ عريب الرنتاوي، حيث شهدت جلسات الورشة، حضوراً كثيفاً، طوال يومين متتاليين، كما لوحظت كثافة في مشاركة وحضور الأمناء العامين للأحزاب بذواتهم، فضلاً عمن ينوب عنهم ويمثل أحزابهم.
كما تميزت أشغال الورشة، بتفاعل كثيف من الحضور، عرضت في خلاله أبرز التحديات والمخاوف التي تواجه الأحزاب، كما أبدى المشاركون حرصاً ملموساً، على التعرف على تفاصيل وثنايا الحملات الانتخابية، وما يرافقها من استعدادات تنظيمية ولوجستية ومالية وغيرها.
وكانت فعاليات ورشة “تبادل الخبراء” قد عقدت برعاية رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب المهندس موسى المعايطة، الذي حرص في كلمته الافتتاحية على توجيه رسالتين واحدة للأحزاب والثانية للمواطنين، الأولى بوجوب إتمام استعداد لمواجهة الاستحقاق الانتخابي، والثاني بحفز المواطنين على المشاركة الحزبية والانتخابية، مؤكداً مبدأ حياد الدولة في التنافس الحزبي، ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع.
كما استُهلت ورشات التدريب، بكلمات ترحيبية من مدير مكتب الأردن في مؤسسة كونراد أديناور الدكتور إدموند راتكا ومدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي، لشرح أهداف الورشة ومراميها، وتبيان ما يمكن أن يترتب عليها من نتائج إيجابية على مسارات التحديث والإصلاح في البلاد.
وإذ رحب المشاركون بهذه المبادرة، وثمنوا أهميتها الاستثنائية، فقد حثوا المنظمين والهيئة المستقلة للانتخاب، على ضرورة مواصلة هذا الجهد لبناء قدرات الأحزاب وتكثيفه خلال المرحلة التي تفصلها عن الاستحقاق، وهو ما أبدت الأطراف استعدادها لفعله في المرحلة المقبلة.