“الإخوان” والمطاعيم وعقلية المؤامرة

أسامة الرنتيسي –

 

يكاد يكون النائب الإسلامي عضو كتلة الإصلاح عدنان مشوقة الأكثر هُدوءًا بين نواب الكتلة، وقد احتل المرتبة الأولى على ذمة تقرير “راصد” في توجيه الأسئلة للحكومة، إذ قدم نحو 67 سؤالا، لكن المهم كم كانت هذه الأسئلة موضوعية ومنتجة وكم عدد الأسئلة التي  أجابت عليها الحكومة؟!

آخر أسئلة “سعادة النائب” كانت عن مطعوم قررته وزارة الصحة لأطفال الأردن، وقد جاء السؤال بالنص التالي: “ما هي الأسباب التي دفعت وزارة الصحة إلى اتخاذ قرار تطعيم الأطفال  من عمر سنة وحتى عمر الثماني عشرة سنة بلقاح MR ؟.

أما باقي تفاصيل السؤال فهي (لِيعذرني سعادته) فيها عقلية مؤامرة، وكَأنَّ في التطعيم أهدافًا أخرى!! كما أن أغلب نص السؤال منقول من أسئلة عوام الناس على وسائل التواصل الاجتماعي.

 لم أستغرب كثيرا سؤال النائب، وتذكرت فورا زمن الكورونا وكيف أن  مثقفين تمنعوا عن أخذ اللقاح  لأنهم شككوا في نيات الجهات الصانعة، وفي قضية الكورونا من أصلها.

أيُعقل أن ثقافة العوام التي انتشرت عن المَطاعيم ما زالت حاضرة في عقول مثقفين ومتعلمين.

أيُعقل أن بيننا من  يتحدث حتى الآن عن اللعب في الجينات، وموت المُطَعَمين كلهم بعد عامين، وعن مؤامرة الخلاص من كبار السن.

للمطاعيم في الأردن حكايات تروى، فهل تتذكرون قصة حبة الفيتامين في عام 2003 التي قررت الحكومة إعْطاءَها لأبنائنا الطلبة بعد دراسة بينت سوء تغذية  أطفالنا، خاصة من هم  في العشر سنوات الأولى من أعمارهم.

أتذكر يومها أنه حصل اجتماع على مستوى عال مع أصحاب شركات الأدوية الذين تبرعوا مشكورين بكميات كبيرة من الفيتامينات لتعطى لطلبة المدارس، ويقوم المعلمون بتوزيعها إلى الطلبة صباحا.

يومها؛ ثار أصحاب عقلية المؤامرة، ونشروا أفكارهم مشككين بحبة الفيتامين التي سوف تعطى لطلبة المدارس، وأن لهذه الحبة مخططات خبيثة وراءها “إسرائيل”، وأن كل من يتناول هذه الحبة سوف يصاب بالعقم.

أنتشرت هذه الخزعبلات بين الناس كالنار في الهشيم، ورفض أغلبية الأهالي إعطاء أبنائهم حبة الفيتامين، حتى وصل الأمر إلى أن الطالب كان يحصل على الحبة ولا يبلعها ويُخفيها في جيبه  ليتخلص منها بعد ذلك.

يومها بادرنا مجموعة من الكُتّاب والصحافيين إلى  دحض هذه الرواية البائسة، ونَبّهْنا الأهالي إلى ضرورة تشجيع أبنائهم لأخذ حبة الفيتامين، وعاتَبنا مؤسسات المجتمع المدني خاصة الأحزاب التي وقفت صامتة إزاء هذه الخرافات.

في أيام الكورونا ظهرت أشكال عديدة من الآراء والمواقف، هناك من يؤمِن حتما أنّها حملات بيولوجية، للقوتين الاقتصاديتين الكبيرتين في العالم أمريكا والصين ونحن فئران يجرون علينا تجاربهم.

وهناك من نشر فيديوهات ومعلومات  تظهر أَنّ الكورونا ليست جديدة اعتمادا على فيديو بث في فيلم سينَمِيٍ أو جاء  تحقيقا في مجلة، أو أغنية ذكرت كلمة كورونا.

الدايم الله….