أعرف كائنات تكذب وتعرف انها تكذب وتدرك ان الناس تعرف أنها تكذب، ومع ذلك فإنها تستمر في كذبها.
ترى ، كم « كاف» و» ذاء» في الموضوع؟
أكيد… كثير. لكن ليس أكثر من الذين يعيشون حياتهم وسط «كذبة« كبيرة يستملحونها ويستعذبونها ويشعرون انهم بما يفعلون يتفوقون على الآخرين.
وذا كان زعيم بولندا السابق «ليخ فاليسيا» كان يقول ان البولنديين يخترعون النكتة ويضحكون عليها، فإن بعضنا يخترع وهم الأهمية ويصدق نفسه، بل ويسوق فيها.
ولا أدري كيف تتحمّل هؤلاء «جلودهم» وهم يمارسون «الإدّعاء» و»الزّعم « و»التخيّل « أنهم « مهمّون «. وكيف ينظرون الى عيون أبنائهم ـ إن كان لهم أبناء ـ، أو كيف ينظرون الى وجوههم في المرآة إن كانوا غير متزوجين.
الكل مهم ولا أحد يعرف التواضع، والكل يعرف كل شيء ويمتلك مفاتيح «كل الغرف»، وبالتأكيد لا أحد يريد أن يدرك ان الحياة أكبر من ان نحتويها ونلخصها ونختصرها في أشخاصنا وذواتنا.
سائق «السرفيس» الذي يقود السيارة بعصبية ولا يتوقف الا «للنساء« فقط وتحديدا «الجميلات« و «الحسناوات« وتحت سن معين يظن نفسه «كازانوفا« ويستعرض خفّة دمه أمام البنات وكأنه داخل في منافسة مع «توم كروز». وطالب الجامعة الذي يادوب معه مصروفه، يستعرض امام زميلاته بجهازه الخلوي وعلبة السجائر الفاخرة، أو وهو يفتح «اللاب توب» قال يعني عنده معجبات كثار ومش ملحّق ردود على «الفيس بوك».
او البنت التي لا تملك من شخصيتها سوى أُنوثتها، تمارس الإدّعاء أنها «مطلوبة« وأن الشباب كلهم «دايخين فيها». والموظفة التي تقضي وقت دوامها بالرد على «الفيس بوك«، موهمة الناس أنها «مش فاضية».
كثيرون منا يغرقون في «شبر ميّة». والغريب أنه يصنعون الوهم من أنفسهم ولأنفسهم ويبيعون «الكذب« على الآخرين.
الغريب اكثر ان هؤلاء «الأفّاقين« يجدون من «يعزف لهم على الربابة»، فقط أمامهم وحين يغادرون مكاتبهم، تجدهم يتحدثون عنهم بلغة مختلفة.
يعني، كله بيكذب على كله، والكل يعيش الوهم ويصدق نفسه!!.