ينظر حزب العمال بقلق إلى التطورات الحاصلة بشأن الأندية الرياضية في دوري المحترفين لكرة القدم، واقدام فريقي الرمثا وسحاب بالأمس على التوقف عن اللعب احتجاجا على عدم تلقيهما الدعم المالي الذي طالبا به الاتحاد علما بأن مطالبهم مشروعة وأقل من القليل، بل ولا تذكر مقارنة بما تتلقاه أندية الكرة اقليميا او دوليا من دعم مؤسسي أو شعبي أو تجاري، وهو الموقف الذي يعبر عن حال باقي الأندية في المملكة التي يمكن وصفها بأنها دخلت طور الاحتضار في ضوء تجاهل الحكومات المتعاقبة لأهمية الرياضة.
إن حزب العمال يتبنى سن قانون للمسؤولية الاجتماعية يقتطع نسبة 2% من أرباح جميع الشركات التي تحقق أرباحا فوق الخمسة ملايين دينار سنويا دون استثناء، وعلى رأسها البنوك وشركات الصيرفة وشركات التعدين العملاقة لدعم الرياضة والشباب والاندية الرياضية في كل انحاء المملكة صغرت ام كبرت، وبغض النظر عن الرياضات التي تتخصص بها، جماعية أو فردية، ضمن معايير عادلة توزع بها هذه المخصصات على الاندية يدخل فيها قياس الانجازات والحاجات والفئات التي يخدمها النادي واسهامه في الرياضة التي يتخصص فيها.
كما يقترح الحزب اقتطاع 1% اضافية لصالح دعم الثقافة والفنون و2% لدعم القطاع الخاص غير المنظم وايجاد آليات قانونية لتوفير حماية اجتماعية وتأمينية للعاملين فيه بحسب معايير معلنة وعادلة وضمن دراسات علمية موضوعية، على أن يكون جمع هذه الاقتطاعات وتوزيعها من مسؤولية وزارة المالية ضمن برنامج خاص له مجلس إدارة ديمقراطي مكون من ممثلين عن القطاع الخاص والنقابات والاتحادات وعن جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان، ويكون خاضعا لرقابة ديوان المحاسبة ومجلس الأمة.
إن إهمال الأندية الرياضية بهذا الشكل المخجل لهو دليل جديد على فشل الحكومات المتعاقبة في التعامل مع ابسط حاجات الشعب الأردني، لا سيما الشباب الذين تتغنى بهم ليل نهار ولا تقدم لهم شيئا على الإطلاق، فلا هي توظفهم ولا هي توجد لهم فرص العمل، ولا هي تسهم في تزويجهم بدعم مالي معقول لتكوين اسرة او توفير سكن كريم، ولا حتى تسعدهم بابقاء الفرق الرياضية التي يحبونها ويشجعونها حية وقابلة للحياة، ولا ترعى نموهم بدعم الرياضات التي تصقل الجسم وتشحذ العقل وترتقي بالسلوك، بل إن حصص الرياضة في المدارس يتم الاعتداء عليها غالبا من قبل معلمي المواد الأخرى لاستكمال المنهاج، هذا إن توفرت اصلا في المدارس ادوات وساحات كافية لممارسة الرياضة.
إن دعم الرياضة اليوم ليس مسألة كمالية، بل هو ضرورة حيوية لتنمية الإنسان والمجتمعات، كما أن الإنجازات الرياضية، سواء في مجال كرة القدم أو السلة أو الطائرة أو السباحة أو التنس أو غيرها من الرياضات جماعية أم فردية باتت مبعث فخر واعتزاز للشعوب، ومصدرا من مصادر الشعور بالإنجاز والكرامة أمام باقي الأمم في المنافسات العالمية والاقليمية، ولا يعقل أن يتذرع الأردن بضعف الإمكانات، لأن إمكاناتنا ليست ضعيفة، ولكن الفساد وسوء الإدارة أضعف كل شيء وأنهك كل القطاعات ودفع الكثيرين إلى هاوية اليأس، بل وأدى إلى إقلاع القطاع الخاص عن التبرع لفقدان الثقة في الادارات.
لماذا يعجز اتحاد الكرة عن ايجاد داعم للدوري؟ وأين هو دور القيادات اللامعة في جميع المواقع في جمع التبرعات لصالح الأندية؟ ولماذا تترك الأندية لوحدها تصارع العجز والحاجة في حين أن إداراتها تتكون من متطوعين يدفعون غالبا من جيوبهم لدعم النادي الذي يحبون؟
قطاع الأندية يقرع اليوم جرس الإنذار، وستلحق به أجراس إنذار أخرى، إن لم يتغير النهج الذي يدير الدولة منذ عقود، ونتحول فورا إلى حكومات منتخبة ببرامج معلنة يتم التصويت عليها في صناديق اقتراع شفافة ونظيفة لا تشوبها شائبة وعبر حياة حزبية تخلو من الهندسة الفوقية وديمقراطية حقيقية يفتح فيها الباب امام كل الحقوق والحريات العامة والفردية لتتنفس وترى الشمس، أما مواصلة ما نحن فيه والادعاء بأننا أفضل من غيرنا وإغماض أعيننا عن رؤية الخطأ والاصرار على أننا على صواب وكل الاخرين على خطأ، فلا يعني إلا التهاب جروحنا وتعفنها ووفاة المريض.