أسامة الرنتيسي
لا يمكن أن تكون القنبلة التي فجرها زعيم حزب الميثاق الدكتور محمد المومني – في صالون السبت ذراع الأمانة في الأنشطة الثقافية وقال فيها: إن هناك “أحزابا اخترقَها المال السياسي وقريبا سيذهب أصحابها إلى السجن” – هوائية في لحظة حماس، بل جاءت بكامل إرادة وتصميم، من أقرب حزب جديد إلى عقل الدولة الأردنية، يضم بين أعضائه ما يقارب نصف أعضاء البرلمان الأردني غالبيتهم من الوزراء والمسؤولين السابقين.
قنبلة المومني لن تمر مرور الكرام، فقد التقطت إشارتها أكثر من جهة، وطالب أكثر من حزب أن تتابع المعلومة ويكشف عن تفاصيلها وأن لا تبقى ضمن العموميات.
لن يتراجع الدكتور محمد المومني عن أقواله، فهو لم يَقُلها في مقابلة صحافية، بل في مواجهة مباشرة مع جمهور يتجاوز عدده المئة، بصريح العبارة من دون أية مواربة.
إذا تراجع المومني عن تصريحاته فسوف يحرق حالة سياسيا أولا، ويشطب احتمالية وصوله إلى سدة الدوار الرابع ممثلا لحكومة (حزبية برلمانية) ثانيا، ويمنح الغاضبين من الحالة الحزبية القديمة والجديدة ذخائر حية يقصفون بها الأحزاب جميعها ثالثا.
ليس مطلوبا من الدكتور المومني متابعة ما جاء على لسانه من اتهامات بل مسؤولية الدولة والأطراف المعنية بالعمل السياسي والحزبي تحديدا.
بكل تأكيد؛ “قنبلة المومني” سوف تتضرر من شظاياها العملية الحزبية التي يتم بناؤها (بالشوكة والسكين)، وستدفع الحالة الحزبية فاتورة هذه التصريحات إن لم تتابع رسميا من الأطراف المعنية، وستزيد تشاؤم الأردنيين من جدوى الأحزاب السياسية.
في الثلاثين عاما الماضية من عمر الدولة وإقرار قانون الأحزاب وتحولها إلى أحزاب علنية، صدرت اتهامات مشابهة لاتهام المومني، بأن عديدا من الأحزاب مرتبطة تنظيميا وماليا مع تنظيمات ودول خارجية، فهل تبقى اتهامات المومني مثل سابقاتها ويتم إطلاقها عند الحاجة؟!
قبل “قنبلة المومني” وقبل وأد 19 حزبا لم تتمكن من تصويب أوضاعها، لم تتوقف مجسات الدولة وأجهزتها وأدواتها ولجانها، لحظة عند نتيجة استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، أن 1 % من الأردنيين مهتمون بالأحزاب وقد يفكرون بالانضمام إليها.
هذا يعني أنه بعد أكثر من عام على لجنة التحديث السياسي وإقرار قوانين إصلاح الحالة السياسية ضمن قانوني الانتخاب والأحزاب، وبعد أكثر من عام على الضخ الإعلامي والتحشيد وتشكيل الأحزاب وتنقلها بين محافظات المملكة تأتي النتيجة 1 % من الأردنيين مهتمون بالأحزاب.
ويعني أكثر أننا بحاجة لمئة عام أخرى حتى نقنع الأردنيين بجدوى الأحزاب ودورها في التغيير.
الدايم الله…