اعتبر المحلل السياسي في صحيفة “معاريف” العبرية، تل ليف رام، أنه رغم “الحساب” مع “حماس”، فإن “حزب الله” كان ولا يزال التهديد الأكبر على “إسرائيل”. واشار إلى أن شدة المواجهة العسكرية في الحدود اللبنانية سترتفع في الأيام القريبة القادمة. ورأى أنه ليس صواباً الحديث عن الضربة المسبقة لـ”حزب الله قبل أن تكون كامل صورة الوضع واضحة لدى “إسرائيل”.
وكتب المحلل “الإسرائيلي” في صحيفة “معاريف”:
حجم الأحداث على الجبهة الشمالية أمس يقرب “إسرائيل” و”حزب الله” من الحرب. يدور الحديث عن يوم قتالي تضمن إطلاق ما لا يقل عن خمسة صواريخ ضد الدبابات ونحو عاملين في شتولا، دبابة واستحكامات للجيش “الإسرائيلي” ونار صواريخ وتبادل نار من منطقة سلسلة رميم ومصابين في طرفنا.
حتى لو كان الجهد المركزي للجيش “الإسرائيلي” يتركز في هذه المرحلة في قطاع غزة، قبيل دخول بري، فإن ما يجري على الحدود مع لبنان لا يزال ممكناً وضعه في إطار أيام قتالية. وفي النظرة العامة للجيش حول الوضع في الساحات المختلفة لم تعد هذه حرب غزة، ذلك لأن “حزب الله”، في تفعيل قوة محدودة في هذه المرحلة، يسعى لأن يؤثر على القرارات في القيادة “الإسرائيلية”.
في قيادة هيئة الأركان العامة يشيعون في هذه المرحلة بشكل قاطع بأن خطوة برية في القطاع ليست مسألة “هل ستأتي” بل “متى تأتي”، وأن ضجيج الحرب من الشمال لن يؤثر على القرار للانتقال إلى المرحلة التالية: دخول بري إلى القطاع، حتى عندما يكون هناك إدراك بأن الأيام القتالية في الحدود اللبنانية من شأنها أن تتطور إلى جبهة حرب أخرى.
تبث هيئة الأركان في هذه المرحلة رسالة مفادها أن الجيش “الإسرائيلي” قادر على أن يتصدى لهاتين الجبهتين بالتوازي، ذلك في ضوء حقيقة أن الجيش “الإسرائيلي” جند 360 ألفاً من جنود الاحتياط ولأنهم في الجيش واثقون أيضاً من قدرة سلاح الجو على العمل في الساحتين.
مهما يكن من أمر، ومع أن الهدف الأول للحرب هو “حماس”، فإن تصعيداً إضافياً في الشمال سينقل الجهد العسكري “الإسرائيلي” المركزي وذلك لأن التهديدات من الشمال أكثر خطورة بكثير بسبب حجم الصواريخ ونوعيتها وحجم جيش “حزب الله”.
مسألة القضاء على “حماس” كفيلة في مثل هذا الوضع أن تتأجل. ومعنى ذلك أنه سيظل ممكناً إدارة قتال بقوى عالية في غزة يتضمن، إضافة إلى الأعمال البرية، نيراناً جوية أيضاً. كما أنه في وضع تقاتل فيه “إسرائيل” في ساحتين فإن “نزع القفازات” في قطاع غزة سيرتفع درجة أخرى.
هذا عندما تكون “إسرائيل” تخوض حرباً وجودية على عدة جبهات.
وفي كل حال، على “إسرائيل” الاستعداد للإمكانية الأسوأ: أن يُدَهوِر “حزب الله” الوضع في الشمال بنية خوض حرب مع “إسرائيل”.
وزير الدفاع غالانت قال أمس إنه ليس لـ”إسرائيل” مصلحة في خوض حرب في الجبهة الشمالية. لكنه أضاف أنه إذا اختار “حزب الله” طريق الحرب، فإنه سيدفع ثمناً باهظاً جداً. كما قال إنه إذا لجم الحزب نفسه فإننا سنحترم هذا ونحافظ على الوضع كما هو.
هذه الأقوال تعبر جيداً عن غاية الحرب لدى “إسرائيل” في هذه المرحلة في الجبهة الجنوبية “إبادة قدرات عسكرية وسلطوية لحماس ومنظمة أخرى تهدد إسرائيل، استعداد للمناورة البرية، ضغط مدني على الحكم في ضوء الإغلاق المطلق على غزة، كل هذا في ظل تحذير جهات أخرى من فتح جبهة أخرى على إسرائيل”.
في ضوء الرغبة في التركيز على الساحة الجنوبية، تعمل “إسرائيل” حتى الآن بشكل براغماتي حيال “حزب الله”، الذي يأخذ بشد الحبل أكثر فأكثر. في زمن الدخول البري إلى قطاع غزة، معقول الافتراض ـ في ضوء تطورات الأيام الأخيرة ـ بأن “حزب الله” سيقترب أكثر فأكثر من حافة الحرب. وهذا يعني أنه إلى جانب الاستعدادات للعملية البرية في غزة يجب بفرضية الانطلاق أن تكون “إسرائيل” جاهزة للحرب حيال “حزب الله” أيضاً.
رغم الحساب مع “حماس” والواجب العملياتي والقيمي لهزمها، في إدارة المعركة العامة لا يوجد تغيير: “حزب الله” كان ولا يزال التهديد الأكبر على دولة “إسرائيل”. شدة المواجهة العسكرية في الحدود اللبنانية سترتفع في الأيام القريبة القادمة، وإلى هذا على الأقل يجب الاستعداد.
في كل حال، هذه لم تعد مسألة غزة فقط. فحتى لو لم يدخل “حزب الله” إلى الحرب بكل القوة، فقد بات منذ الآن جزءاً منها. وهذا يعني أن “إسرائيل” تخوض في هذه اللحظة على الأقل معركة في بضع ساحات بقوى مختلفة حيال فروع إيران. إن معضلة الضربة المسبقة تجاه “حزب الله”، نعم أم لا، ليس من الصواب الحديث فيها إعلامياً قبل أن تكون كامل صورة الوضع واضحة أمامنا.
وفي هذا السياق، وكما أن هناك أهمية كبيرة لإدارة الحرب، هناك أهمية كبيرة لتركيبة الكابينت الذي في تركيبته الضيقة الحالية يخضع لضغوط سياسية أكبر بكثير وأفكار أقل عن اليوم التالي.