أسامة الرنتيسي –
بالله عليكم يا أهالي قطاع غزة لا تسامحونا إذ خذلانكم وما فعله إخوانكم في العروبة وفي الدين وفي الإنسانية، ليست الأنظمة المتخاذلة وحدها، بل حتى الشعوب التي لم تفعل شيئا سوى الدعوات، ولم تخرج إلى الشوارع إلا بعد أن سالت دماؤكم غزيرة فاضت عبر شاشات الفضائيات.
معكم كل الحق إن كفرتم بإخوتكم في العروبة والدين والإنسانية، فهم حتى مذبحة المستشفى كانوا يتساءلون عن موقفهم وماذا يفعلون.
عالم يبقى صامتا عندما يتم تهديد المستشفيات بالقصف، هذا عالم قذر وحقير وبلا إنسانية أو رحمة، فليس غريبا أن تقع فيه أم المذابح في المستشفى المعمداني في غزة.
عالم لا يحاسب مجرمي الحرب الذين يقطعون الماء والكهرباء والطعام والدواء عن مليوني ونصف المليون هم أبناء قطاع غزة، عالم ليس لنا فيه حياة.
ودماء الغزًيين تُفجر شوارع القطاع، بعد ان تفجرت غزيرة على شاشات التلفزة، والمقاومة الفلسطينية تسطر ملاحم بطولية، كشفت “عهر” الشعارات والمبادئ والقيم التي قامت عليها المجتمعات الغربية وأنظمتها وأحزابها، لنكتشف أنهم بربريون همجيون يشاركون في الذبح من دون أن يرف لهم جفن، هكذا في الأقل ظهر الرئيس الأميركي بايدن في فلسطين المحتلة اليوم.
اكتشف الغزيون أن كل مناداتهم القديمة/ الجديدة “يا عرب.. ويا مسلمين..” صرخات في البرية، وأن ضمائر بعض الشوارع الغربية محترمة أكثر من ضمائر الشوارع العربية، وأن الحكومات الغربية التي تدعي حقوق الإنسان لا تختلف عن حكومات الدول العربية التي لا تعترف بالإنسان وحقوقه.
في تواصل يومي مع أصدقاء غزًيين، من عّظْم المقاومة ولحمها، ومن قيادات الصف السياسي الأول، ليسوا محسوبين على حماس، وغير متعاطفين مع نهج السلطة ورئيسها محمود عباس، نكتشف أن العدوان هذه المرة مختلف عن الحروب السابقة، في حدته.
كان القصف إلاسرائيلي بربريا شرسا وبشعا إلى درجة مسح وجه الأرض بهدف استرداد ماء الوجه الذي استبيح فجر 7 أكتوبر، واستئصال المقاومة من جين الشعب الفلسطيني وشعب غزة تحديدا.
هكذا.. تتلظى غزة جوعًا كما تتلظى الكرامة العربية على أبواب التأريخ المعاصر.. فمن لغزة ينقذها ويجفّف دموعها، ومن للتأريخ يكتبه بقلم ذي خط مقروء.
غزة التي لم تركع للاحتلال يوما ، لن تركع للبطش، وتهدي القبور كل يوم شهداء.
المبكي في غزة ليس فقط ما أصبحت الأعين تأبى رؤيته والعقول ترفض إدراكه، وإنما نكاد نشعر أن العالم العربي والمجتمع الدولي يريدان بتآمرهما تقبيل البسطار العسكري الإجرامي.. ولن أكون آسفًا أن أقول: تلمّعه دول الغرب والأمم المتحدة الصامتة على أبشع جرائم التأريخ، وأقسى هولوكوستات البشر، وأقل قيم الإنسانية.. بل والحيوانية.. ولربما تدفع ثمنه بعض الدول العربية سواء علمت أم لم تعلم!!
عيب بعد كل هذه السنوات والمجازر أن يبقى الجدب والشجب والإدانة لغة يمارسها بعضهم لتبييض الوجوه، فمقابل مجازر الصهاينة في غزة تسقط كل الشعارات والتنظيرات وكل المحاور، ..
يا “غزة” لا تسامحينا
نحن الشعوب السافلة …
الدايم الله….