صلاح سلام
تنفس اللبنانيون الصعداء مع إنتهاء خطاب السيد حسن نصرالله، دون أن يعلن فتح جبهة الجنوب، والدخول في الحرب الدائرة في غزة، والإكتفاء بكلام من نوع «بشفافية ووضوح .. وغموض»، كل الإحتمالات تبقى مفتوحة، رابطاً الأمور بمجرى تطورات الحرب في غزة.
الحديث عن مضمون كلمة الأمين عام لحزب الله يجب أن يتجاوز الخصومة السياسية التقليدية، ويوضع في إطاره المحلي والإقليمي المناسب، ووضع نقاط أولية فوق الحروف الصحيحة، وذلك وفق المعطيات التالية:
١ــ يمكن القول أن مجمل الخطاب كان متجاوباً مع الإجماع الوطني برفض توريط لبنان في الحرب المحتدمة في غزة، في مرحلة يعاني منها البلد من سلسلة إنهيارات، لا تعد ولا تحصى، ويفتقد فيها إلى أبسط مقومات الصمود في مثل تلك الظروف الصعبة.
٢ــ التخفيف من أجواء القلق والحذر السائدة في القرى الحدودية خاصة، وفي المناطق الجنوبية عامة، بعد التصعيد الناري الذي شهدته المنطقة على طرفي الحدود، وتسبب بحركة نزوح بين أهالي بعض القرى، التي طالها القصف المتبادل.
٣ــ إبقاء لبنان في موضع جبهة المساندة، يُهدئ بعض الشيء من حسابات المتخوفين من الإنخراط في المعركة مباشرة، وتحويل الجنوب إلى جبهة مواجهة، لن تبقى نيرانها وتداعياتها محصورة في المناطق الجنوبية.
٤ــ الإشارة الواضحة التي وردت في خطاب نصرالله حول السرية المتشددة التي أحاطت بها حماس عملية «طوفان الأقصى»، توقيتاً ومضموناً، توحي بأن حماس لم تُبلّغ الحلفاء في محور الممانعة، ليكونوا على أهبة الإستعداد للمشاركة، أو على الأقل للمساندة الفاعلة.
٥ــ التحذيرات الأميركية الجدّية منذ اليوم الأول لإندلاع الحرب، لإيران وأطراف الممانعة، خاصة حزب الله في لبنان، من محاولة الدخول في الحرب، لأن حاملة الطائرات والبوارج الأميركية ستتولى الرد مباشرة على كل متدخل في مجريات المعارك، مما قد يؤدي إلى توسيع جغرافية المواجهة العسكرية، وتحويلها إلى حرب إقليمية واسعة.
٦ــ حرص طهران على عدم إعطاء مبرر لنتانياهو بجر إيران إلى مواجهة عسكرية بتوقيته، ومتسلحاً بالدعم الأميركي والأوروبي المطلق، وإستهداف المنشآت النووية الإيرانية، في وقت مازالت المحادثات الأميركية ــ الإيرانية سالكة في سلطنة عُمان، بعيداً عن القصف السياسي والإعلامي.
لا شك أن خطاب نصرالله سيثير عواصف في البازار السياسي،على إيقاع الخلافات التقليدية، والإنقسامات المزمنة، ولكن متطلبات المرحلة الحرجة التي يمر فيها لبنان، تتطلب من العقلاء، بل من كل لبناني مخلص لوطنه، أن يكون من «الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه».