ماذا يحدث في غزّة؟

إعداد: سليم النجار- وداد أبوشنب

” مقدِّمة”
مفردة “السؤال” وحدها تحيل إلى الحرية المطلقة في تقليب الأفكار على وجوهها، ربّما هدمها من الأساس والبناء على أنقاضها، كما أنَّها من أسس مواجهة المجازر وحرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة والضّفّة، من قِبَل الاحتلال الاسرائيلي٠
في هذا الملف نلتقي بعدد من الكُتّاب العرب الذين يُقدِّمون لنا رؤاهم حول ماذا يحدث في غزّة؟
وما يستدعي الدرس والتمحيص والنقاش والجدال والنقد، لأنّ الأشياء تحيا بالدرس وإعادة الفهم، وتموت بالحفظ والتلقين٠
القاصّة إنصاف قلعجي من الأردن تكتب لنا من زاويتها “ماذا يحدث غزة”؟

ماذا يحدث في غزّة؟
إنصاف قلعجي/الأردن

1-جرائم بني صهيون المتكرِّرة
بعد سنين من هزائمنا المتكرِّرة، وبعد أعوام من نومنا العميق، نصحو وقد أشرقت غزّة لتقول لنا: أنتم أمّة رضيت بالعار والخذلان، غزّة التي جاءها العدو الصهيوني ليرتكب الجرائم القذرة العنيفة من قذائف بمساندة أمريكا وأتباعها من العرب وغير العرب. فنرى يوميا القذائف والصواريخ والنيران تشتعل في المستشفيات والمراكز الطبية، ولم يعد هناك مكان آمن لنقل الجرحى والمرضى بسبب نقص المستلزمات الطبية، وتم إبادة السكان من نساء وأطفال وخاصة الأطفال الخدج، وانهارت البيوت فوق رؤوس أصحابها والكثير منهم دُفنوا تحت الأنقاض، وانهارت الكثير من الأمّهات لوعة وحسرة. ولم يتوانَ الشباب حين تسارعوا لإنقاذ المصابين وإحضار سيارات الإسعاف لإنقاذ الجرحى والمصابين إصابات خطيرة.
يا الله ما رأينا أبشع من هذه الفظائع والجرائم التي ساعدت في زيادتها الآلات الغربية القاتلة التي دعمت كلّ ما قامت به اسرائيل ومناصروها.

2-صدى ما يحدث قي غزّة بين الشعوب والحكومات
العالم يضجّ ويستنفر وتخرج الجماهير في كافة أنحائه تحمل أعلاما فلسطينية مناصرة لما يتعرّض له شعب من إبادة جماعية.
في حين الدول العربية غالبيتها صامتة كأنها أصيبت بالشلل، لا أحد يصرخ ويطالب بفرض القوانين الدولية. فقد خذلتنا الحكومات ومؤتمرات القمّة العربية التي يطالب أكثرها فقط بفتح ممرات إنسانية لنقل المساعدات لأهل غزة الأبية وأهل الضفة الغربية.
فمن الذي ينصر أهل غزة سوى اليمن الأبي وجنوب لبنان، وقبلها المقاومة الفلسطينية المتمثلة في كتائب القسام وسرايا القدس وغيرها من فصائل المقاومة.
الحرب لن تنتهي إلا بتحرير غزة من الدخلاء الذين تستهويهم الحروب وتشريد الشعوب وقتل المدنيين العزل أو أسرهم.
وما فتئت تداعيات التهجير القسري تلقى بظلالها على سكان القطاع المنكوب، فأضحى الناس ينامون في الشوارع والمخيمات والبيوت المهجورة وحتى دور العبادة في محاولات منهم للنجاة بأي ثمن.
لقد حرم أهل غزة والضفة الغربية من أبسط مقومات الحياة اليومية: من ماء وغذاء وكهرباء وأدوية ووقود، حتى كثير من الطواقم الطبية خسروا حياتهم جراء القصف المستمر والقتل .
كما انهارت البنى التحتية حتى أن كثيرا من القتلى والجرحى ما زالوا يقبعون تحت الأنقاض حتى صعب إنقاذهم لعدم توفر الإمكانيات المطلوبة والمعدات لإخراجهم.

3-قهر المواطن العربي بسبب عجزه أمام مأساة غزّة
فماذا يفعل العربيّ أمام كل هذا؟ لا شك أن الشعوب العربية تشعر بالقهر والعجز أمام موقف حكوماتها المتخاذل، وترجو أن تفتح لهم الحدود ليحاربوا بأجسادهم وأرواحهم، لكن هذا الخيار ليس ممكنا سياسيا، ولهذا يكتفون بالتظاهر وحملات المقاطعة وبالكتابة والتعبير عن التضامن والقهر والغضب على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويشعر العربيّ أمام شاشات التلفاز بشعورين متلازمين: الأسى والحسرة على ما يفعله الصهاينة في البيوت والمستشفيات بسادية لم نشهد مثلها في العصر الحديث، وبالفخر الشديد بما يفعله رجال المقاومة الذين تجهزوا لطوفان الأقصى منذ سنوات، ويعرفون أنّهم تُركوا وحيدين تماما للدفاع عن فلسطين. وبينما يضجّ الإعلام الغربي بإدانة حماس وقتل المدنيين وبدعوات مائعة لوقف القتال، لا شكّ في أن العربي يفتّش عن انتصار، ويرى في كل كلمة يقولها الناطق العسكري أبو عبيدة عن ملامح هذا الانتصار، وإن كان الثمن غالبا جدا. وإن الكثيرين ممن يرون توجههم السياسي مختلفا عن حماس، لتركوا كل أوجه الخلاف ليحيّوا المقاومة، وليحتفوا بالمقاومة، وليدعوا لها بالنّصر، لأنّ ما يفعله رجال القسام لهو دفاع عن شرف أمة عربية بأكملها أنهكها العجز، ومزّقتها سياسات الدبلوماسية والسلام الّتي لم تزد الشعوب إلا إحساسا بالهوان.

4-كلمة وتحية لشعب الصمود
فتحيّة لشعب فلسطين، ولشعب غزّة الذي صدم العالم بصموده، الذي يخرج فيه الناس للبحث عن روح حيّة بين الأنقاض، الذين اختاروا ألا يبيعوا أنفسهم للأقوياء، ووقفوا مع أبناء المقاومة، مع أبنائهم، الذين يدفعون ثمنا مماثلا كلّ يوم من عائلاتهم وأحبائهم الذين يرتقون شهداء على مرأى العالم المتسلط الجبان.

وتحية لرجال المقاومة، وفي مقدمتهم كتائب القسام، الذين كلما فجّروا دبابة صهيونية يعيدون لنا ما ضاع منا، والذين كلما سمعنا تحليلا عسكريا عن بطولاتهم أدركنا أن ثمة للأمة كاملة من يدافع عنها، بتخطيط ووعي واحتراف، وأنّ دم الشهداء لا يضيع عندهم، وأن طفلا يبكي خوفا سيطلقون من أجله صاروخا نحو تل أبيب، لأنّ الانتصار لا يكون بالكلام والتنديد والاستنكار. فتحية لهم ودعاءً أن ينصرهم الله، لننتصر جميعا بعد عقود من اليأس والهزيمة.