أعتقد أن الإجابة هي نعم، ثمة صحوة غير مسبوقة على مستوى التضامن مع القضية الفلسطينية، وكذلك هناك وعي عالمي بما يحدث في غزة. ولعل من مظاهر هذه الصحوة، هو أن الناس لم يعودوا يصدقون الرواية الإسرائيلية حول حركة حماس، وحول ما يحدث في غزة من موت ودمار وحصار. نحن ندرك أن الآلة الإعلامية الصهيونية نجحت في تحييد القضية من ناحية، ومن ناحية أخرى نجحت في إقناع الناس في الغرب بأن إسرائيل ضحية وقعت بين أنياب العرب، وأن الفلسطينيين إرهابيون يقتلون نساءها، ويذبحون أطفالها. هذه هي الرواية التي سادت لعقود طويلة، وهذا هو التعتيم الإعلامي القائم منذ النكبة وما قبلها. لكن يبدو أن السردية الصهيونية لم تعد صالحة لهذا الزمن الإلكتروني المتسارع، والعابر للحدود والقارات. وأنه لا يمكن لإسرائيل من بعد الآن أن تستمر في الكذب وفي تزييف الحقائق، حقائق الأرض والحياة والتاريخ.
في الحقيقة، لقد رأيت الضفة الغربية في يوليو الماضي، أي قبل ثلاثة أشهر ونصف من الآن، ورأيت ما يكابده الإنسان الفلسطيني في الحدود وفي داخل الأراضي المحتلة. وما نراه في الإعلام هو جزء بسيط من الوجع الذي يتعايش معه الفرد الفلسطيني. لهذا، ومع وصول الأصوات الإنسانية إلى المتابع الغربي، عبر الإعلام الصهيوني نفسه، فإن الحقائق لا تلبث وأن تطغى على سطح سرديات الكذب والتزييف، وليس أمام الضمائر الحية سوى تغيير قناعات عاشت وهي تحملها لعقود طويلة، ولطالما آزرت فيها الاحتلال الإسرائيلي. وهذا ما كشفته الأحداث الأخيرة التي ما تزال غزة ترزح تحت وطأة دمها المسفوك.