شكو موظفون في مستشفى خاص بعمّان من عدم صرف رواتبهم كاملة منذ نحو ثلاثة أعوام، إذ يتقاضون أجزاءاً ضئيلة لا تُجاوز الـ20 بالمئة من رواتبهم وأحيانا لا يتقاضون أي شيء.
ويقول الموظفون إن معظم من يعمل في المستشفى يُعاني من هذه المشكلة أكانوا ممرضين أو صيادلة أو فنيين أو إداريين أو محاسبين أو حتى رجال أمن وحماية، على الرغم من أن العديد منهم معيل لأسر.
ويوضحون أن سبب عدم صرف رواتبهم هو الأزمة المالية التي يمر بها المستشفى، إذ عليه التزامات مالية وديون متراكمة عليه لدى البنوك.
الموظفون يروون القصة
تواصل المرصد العمالي مع بعض الموظفين لمعرفة تفاصيل القضية.
تقول إحدى الموظفات، وتعمل فنية مختبرات، إن المستشفى يعاني من أزمة مالية جراء الديون المتراكمة عليه من قبل البنوك، إذ وصلت الديون إلى عشرات الملايين.
وتبين، خلال حديثها إلى “المرصد العمالي”، أن المستشفى أُنشىء في الأصل على ديون لدى البنوك، ولم يكن باستطاعة مدير المستشفى سدادها أولا بأول، ما فاقم الأزمة المالية وحال دون صرف رواتبهم.
وتشير الموظفة، التي طلبت عدم نشر اسمها، إلى أن العديد من الموظفين في المستشفى تركوا العمل لعدم استطاعتهم التحمل أكثر من ذلك، وتوضح أن عددهم حاليا لا يُجاوز الـ150 موظفا وموظفة بعدما كان يقارب الـ400.
ويقول موظف آخر، ويعمل محاسبا في المستشفى، إن رواتبه المتراكمة على المستشفى تصل إلى نحو 4000 دينار، ويلفت إلى أن هذا حال معظم الموظفين.
ويؤكد أن آخر مبلغ استلمه كان الشهر الماضي، ولم يستلم سوى 35 دينارا فقط، وهو ما لا يُجاوز 15 بالمئة من راتبه الكامل.
ويُقر بأن إدارة المستشفى غير مبالية بصرف رواتب الموظفين، فهي تقول لهم بشكل صريح “إذا مش عاجبكم اتركوا الشغل وبنجيب موظفين بدل منكم”.
ويلفت إلى أن إدارة المستشفى وظّفت في الفترة الأخيرة عشرات الموظفين من الخريجين الجدد بدوام جزئي، وتُغريهم بالخبرات التي سيكتسبونها، بهدف تغطية النقص الحاصل في الموظفين، الذين ترك العديد منهم العمل وذهبوا للعمل في مستشفيات أخرى.
وبينوا أن معظمهم تقدموا بشكاوى لوزارة العمل أكثر من مرة، لكن لم يستفيدوا شيئا، فالوزارة لم تتخذ أي إجراءات سوى مخالفة مدير المستشفى بغرامات مالية.
ضحايا استثمار جديد بالمستشفى
يقول بعض الموظفين ممن قابلهم المرصد العمالي إن إدارة المستشفى جلبت مستثمرا جديدا في تموز الماضي لتحسين الوضع المالي في المستشفى وصرف رواتب الموظفين المتأخرة.
ووفق حديثهم، فإن الإدارة بدأت، فور استلام المستثمر المستشفى، بالتواصل مع الموظفين الذين تركوا العمل وطلبت منهم العودة إلى المستشفى، وأبلغتهم بأن الأزمة المالية ستنفرج بوجود المستثمر الجديد، وبالتالي ستصرف جميع رواتبهم المتأخرة.
إلا أن هذا المستثمر لم ينجح في إدارة المستشفى وخرج منها بعد نحو ثلاثة أشهر، ما أوقع الموظفين الذين عادوا إلى المستشفى ضحية الإغراءات التي وعدتهم بها الإدارة، إذ لم تُصرف رواتبهم المتأخرة، ناهيك عن أنهم خسروا عملهم الجديد ووظائفهم التي تركوها، واضطروا إلى البقاء في المستشفى بدون رواتب.
يقول أحد الموظفين الذين عادوا إلى المستشفى بعد مجيء المستثمر، إنه كان قد ترك العمل من المستشفى في كانون الثاني الماضي لعدم صرف رواتبه، وعمل في مستشفى آخر.
ويبين أن إدارة المستشفى تواصلت معه في تموز الماضي، عند مجيء المستثمر الجديد، وطلبت منه العودة إليها ووعدته بصرف جميع رواتبه المتأخرة.
الموظف وقع في هذا الإغراء، خصوصا وأن رواتبه المتراكمة على المستشفى تصل إلى نحو 12 ألف دينارا، واضطر إلى ترك العمل في المستشفى الذي توظف فيه حديثا.
إلا أنه تفاجأ بعدم صرف سوى 220 دينارا من مجمل رواتبه المتأخرة، والأزمة المالية ما تزال قائمة بعد فشل المستثمر الجديد.
ويوضح بالقول: “يا ريتني ما رجعت للمستشفى، لا رواتب أخذت، وخسرت شغلي الجديد كمان”.
ويشير إلى أنه اضطر إلى البقاء في المستشفى بدون رواتب، ويؤكد أن العديد من الموظفين والموظفات زملائه وقعوا بنفس “الفخ”.
ويلفت إلى أن العديد من الموظفين في المستشفى غير قادرين على ترك العمل حاليا، فمنهم من لم يحظ بفرصة عمل أخرى، ومنهم من قارب على التقاعد.
الحقوق التأمينية
وبخصوص الضمان الاجتماعي، يقول الموظف إنهم جميعا مسجلون بالضمان، لكن إدارة المستشفى لا تدفع المستحقات التي عليها وعلى الموظفين لمؤسسة الضمان، بسبب الأزمة المالية.
ويوضح أنهم أبلغوا مؤسسة الضمان الاجتماعي بذلك، لتؤكد لهم بأن رواتبهم التقاعدية وجميع منافعهم التأمينية لن تتأثر، فهي ستتكفل بذلك، لأن مشكلتها مع إدارة المستشفى وليست مع الموظفين.
ويؤيد ذلك الخبير في التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي، إذ يقول إن تأخر سداد الاشتراكات لا يؤثر على الحقوق التأمينية لهؤلاء الموظفين طالما أنهم مسجلون بالضمان الاجتماعي.
ويبين الصبيحي لـ”المرصد العمالي” أن مؤسسة الضمان الاجتماعي بإمكانها مطالبة مدير المستشفى بمستحقات الاشتراكات المتراكمة عليه، وفق القانون.
أما فيما يخص التأمين الصحي، فيقول الموظفون إن المستشفى أوقفت التأمين منذ عام ونصف العام، بسبب عدم قدرتها على دفع المستحقات لشركة التأمين.