” مقدِّمة”
مفردة “السؤال” وحدها تحيل إلى الحرية المطلقة في تقليب الأفكار على وجوهها، ربّما هدمها من الأساس والبناء على أنقاضها، كما أنَّها من أسس مواجهة المجازر وحرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة والضّفّة، من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي٠
في هذا الملف نلتقي بعدد من الكُتّاب العرب الذين يُقدِّمون لنا رؤاهم حول ماذا يحدث في غزّة؟
وما يستدعي الدرس والتمحيص والنقاش والجدال والنقد، لأنّ الأشياء تحيا بالدرس وإعادة الفهم، وتموت بالحفظ والتلقين٠
الشاعر والكاتب عبدالرحيم حسن حمزة من السودان يكتب لنا من زاويته “ماذا يحدث غزة”؟
بوابة التغيير: غزّة تفضح أكذوبة حقوق الإنسان
عبدالرحيم حسن حمزة
1-همّتي خذلتها حقوق الإنسان!!
بالنسبة لي، فإنّي مقيم على مرارة الألم والفقد والإحساس باليتم والقهر خارج حدود هذا العالم، منذ الخامس عشر من شهر أبريل الفائت!! وحين هممت بالكتابة عن غزّة- وقد عجزت عن الأمر، على امتداد أمد المأساة، لهول ما يجري هناك مرّات ومرّات- علمت أنّنا في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، فيا للسخرية.. وأين العالم وأين الحقوق وأين الإنسان، الإنسان الذي سوف يحقِّق ما استخلفه به الله في الأرض من الكرامة والأهلية والنزاهة والعدل على أساس المساواة بين بني البشر، لقد فضحت فداحة ما يجري في غزّة أقطار الدنيا فلم تترك لذي عقل عقلا، وأنا هنا لا يمكنني أن أصف ما يجري على الأرض، فأنهُر الدماء المتغلغلة في تجاويف الأرض المجيدة تمعن في لطمنا بقوة، وليتنا نستفيق!!
2-عصر جديد
هو إيذان بتغير حدود العالم القيمية المدعاة والمادية المتحوِّلة بفعل عجلة التاريخ وديناميكية الأحداث، وأنت أيّها الحامل برأسك أذنين وعينين تسمعان وتبصران: لا يحدثنّك امرؤ بعد اليوم عن المواثيق والمعاهدات والبنود والبروتوكولات والدساتير الأممية المصانة؛ رياح من الشّك العميق تعصف بكلّ هذا الآن، وفي الأرض إرادة اسطورية للبقاء ضدّ عقائد القتل والتنكيل والإبادات الممنهجة المتسلسلة.. لعلّ آخر الزمان قد اقترب، وفي العقيدة الراسخة ما ينوهنا به البال عن الظاهرين عن الحقّ لا يضرّهم من خذلهم..
3-غزّة بوابة التغيير
لطالما احتجنا أن نكون الفعل وليس ردّ الفعل إزاء عالم منافق يستظهر قوّة القانون لكنه يؤمن بقانون القوّة في أجندته المخفية المعلومة.. هل تتغيّر قواعد اللعبة وتهتزّ موازين القوى وينكشف ظهر النمر الورقي على خارطة ممتدة؟ أجل، أعتقد ذلك.. هل المشهد هناك في غزّة يكشف عن بوابة متأرجحة على الصراط، قد تقود إلى حرب عالمية ثالثة تقضي على زهرة الحياة ولا تستثني أحدا؟ ذلك ممكنٌ.. وأي حياة تستساغ بعد الذي يُرى.