أسامة الرنتيسي –
من لحظة وصول سجل باسم عوض الله إلى محكمة أمن الدولة، يكون الأردنيون قد طووه نهائيا، كما طووا في سنوات خلت سجل منافسه مدير المخابرات الأسبق محمد الذهبي.
ومهما آلت اليه نتيجة المحاكمة في أمن الدولة، والقرار الذي سوف تتخذه بحق عوض الله وشريكه الشريف حسن، وحتى لو وقعت مفاجآت في المحاكمة، فإن حكاية عوض الله التي احتلت مساحة واسعة من حياة الأردنيين تكون قد انتهت.
منذ سنوات طوال، سواء كان حاضرا أم غائبا، بقي اسم عوض الله متداولا في الحياة السياسية الأردنية، وأكثر تداولا في الوقفات الاحتجاجية في الكرك والسلط وذيبان.
وعوض الله هو الشخصية الذي كانت تحظى أخباره باهتمام بالغ في أوساط السياسيين، ولا تغيب أسابيع إلّا وخبرا خاصا يتعلق بعوض الله يملأ فضاء الإعلام، تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي كل على هواها.
حتى أن إشاعات الظّل في أوقات معينة، وكنوع من جس النبض كانت تركز مواقع إخبارية وصفحات سوشيال ميديا تعرف أن اسم عوض الله يجذب القرّاء، على أخبار عوض الله وترشحه لاحتلال مواقع متقدمة في الدولة، حتى وصلت يوما إلى موقع رئاسة الوزراء، ومع أن هذا الخبر لا يعدو أن يكون إشاعة ساذجة، إلّا أن تناقل الخبر بشكل واسع يعطي انطباعًا بأن عوض الله لا يزال وسيبقى الشخصية الأكثر جدلًا في الأردن، سواء كان موجودًا في عمّان أم مستقرًا في الرياض.
الغريب أن عوض الله (الذي يقال إنه والشريف اعترفا بالتهم الموجهة لهما ووقعا محضر التحقيق) كان يحضر في دواوين الأردنيين بمناسبة ومن دون مناسبة، ويبقى اسمه مصلوبا في مسيرات احتجاجية على قرارات رفع الأسعار والضرائب، مع أنه خارج السلطة، وخارج البلاد.
عوض الله الذي غادر مواقع المسؤولية في الدولة الأردنية منذ سنوات عديدة لا يزال عنوانا توجه له السهام، بمناسبة او من دون مناسبة، هذه الحال لا تتوقف عند الوقفات الاحتجاجية والمسيرات، بل أيضا في خطابات نواب، يلتقطون أي فرصة للهجوم على عوض الله.
هل فعلا كان لباسم عوض الله كل هذا الحضور والتأثير والتخطيط، ولديه حلفاء ومناصرون يدفع بهم الى مواقع المسؤولية ليبقى فاعلا في صناعة القرار؟
وهل كان يقود باسم عوض الله فعلا جماعة النيوليبرالية (الليبرالية الاقتصادية) وجماعة الديجيتال وفرقة الصلعان الذين يستهدفهم التيار المحافظ ويهاجمهم ويحملهم وزر ما وصلت إليه أوضاع الأردن الاقتصادية.
لم ألتق باسم عوض الله يوما في حياتي، ولا أعرفه ولا يعرفني، وأحاول دائما أن أجد تفسيرا منطقيا لهذا الحضور والهجوم على شخص عمل وزيرا ومسؤولا وغادر منذ سنوات طوال ولا تزال سيرته حاضرة في كل المناسبات، لكني لم أفلح في ذلك.
الدايم الله…