أعلنت الحكومة انها ستلغي كل الاجراءات التقييدية في التعامل مع جائحة كورونا في بداية شهر ايلول القادم، بعد مرور عام ونصف العام على بدء العمل بقانون الدفاع، ولجوء السلطة التنفيذية إلى تدابير استثنائية لمواجهة فيروس كورونا في الاردن.
منذ نهاية الشهر الماضي قسمت الحكومة خطتها للتعامل مع الجائحة الى ثلاث مراحل بدأت مطلع هذا الشهر الحالي بفتح قطاعات عمل اضافية كانت مغلقة مثل الاندية الرياضية ودور السينما، ويتبعها في منتصف الشهر السماح بتقديم الأرجيلة في المقاهي والمطاعم، على ان يجري تقليص ساعات الحظر بشكل ملموس في بداية الشهر المقبل تموز، واهم القرارات مع نهاية الصيف العودة للتعليم الوجاهي في المدارس والجامعات في شهر ايلول القادم.
لم تتخذ الحكومة خطتها الا بعد تراجع المنحنى الوبائي للإصابات في البلاد في الاسابيع الماضية، واصبحت النسب الايجابية للإصابة من بين الفحوصات لا تتجاوز 5 %، وهذا مؤشر آمن عالميا، وبذات الوقت تراجعت الوفيات، وتقلصت بشكل ملحوظ اشغال أسرة العزل بالمستشفيات، واستخدام اجهزة التنفس.
كل هذا ما كان يمكن ان يتحقق لولا تسريع عملية اعطاء اللقاحات حتى وصلت الى حدود 100 ألف جرعة في اليوم بعد ضمان وصول عدد كاف من المطاعيم للأردن، وزيادة عدد المراكز التي تعطي المطعوم، وتغيير في آليات التطعيم بإشراك قطاعات بالحملة مثل النقابات، وغرف التجارة والصناعة، والتركيز على تغطية اعطاء اللقاح لقطاعات عمل بالكامل كالسياحة، والتعليم، وموظفي القطاع العام.
تأخرنا بسبب الاخطاء الكثيرة في تسريع وتيرة اعطاء اللقاحات، وما تزال تواجه الحملة عراقيل ومصاعب أبرزها الاستنكاف عن أخذه، حيث بلغ عدد الذين لم يأخذوا المطعوم في الموعد المحدد لهم 200 ألف شخص، وهو ما دفع المركز الوطني للأمن وادارة الازمات بالتعاون مع الحكومة لوضع خطة جديدة عنوانها سلة حوافز لمن تلقوا المطعوم، وقيود على من يرفض تلقيه.
هذه التوجهات حتما ستسرع خطة التطعيم بشكل فعال، فكل من يأخذ جرعتي المطعوم مستثنى من ساعات الحظر، وكل من يرفض ولم يسجل على المنصة لن يكون بإمكانه الحصول على ترخيص بالتجول خلال ساعات الحظر، والاكثر تأثيرا أن كل من لم يأخذ اللقاح ملزم بإجراء فحص اسبوعي على نفقته حتى يستطيع الالتحاق بعمله في القطاع العام والخاص.
تأمل الحكومة ان يتجاوز عدد من يتلقون اللقاح مع نهاية هذا الشهر 2.5 مليون شخص، وان تصل الارقام الى 4.5 مع بداية شهر ايلول قبل بدء المدارس، وقد يذهبون لإعطاء اللقاح للأعمار من 12 الى 18 سنة، وبهذا نكون قد اقتربنا من المناعة المجتمعية، واي موجة وبائية سيكون تأثيرها وضررها محدودا، بعد نجاعة التطعيم في الحد من الاصابات، او ضعف تأثيرها ومخاطرها على الصحة العامة، بالإضافة الى ان الدراسات تتوقع ان نسبة من اصيبوا في الاردن ولم يعلنوا، او لم يعرفوا تفوق 30 %.
الآن على الحكومة ان تفكر بعقل بارد بعيدا عن الازمة الضاغطة وتنظر في تجربتنا المريرة والمؤلمة التي مررنا بها خلال جائحة كورونا، ومن المهم تشكيل لجنة مستقلة تطرح الاسئلة الصعبة، وتبحث عن اجابات لها، واهمها هل نجحنا أم أخفقنا في مواجهة جائحة كورونا؟، هل اثبت نظامنا الصحي كفاءة وقدرة على التعامل مع الاوبئة والازمات؟، لماذا سجلنا كل هذه الاصابات حتى بتنا من أكثر دول العالم إصابة ووفيات مقارنة بعدد السكان؟
لا نريد كلاما إنشائياً، بل دراسات علمية، وعملا منهجيا تقوده شخصيات مشهود لها بالنزاهة، والقدرة على التحقيق، فالمساءلة إن لم تجد طريقها فإن الخطايا ستتكرر، والضحايا لا بواكي لهم.
أخيراً متى ستوقف الحكومة العمل بقانون الدفاع؟، فقد استنفد أغراضه، ومنذ البداية لم يكن له ضرورة، واليوم أكثر من اي وقت مضى لا بد أن يتوقف حتى لا يبقى مظلة للحكومة لتمرير ما تريد.
الغد