“الحظر” يضرب قطاع الخدمات ويرفع نسب “العاطلين” والمتعثرين

تعاني القطاعات التجارية والصناعية المختلفة في الأردن، من التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا وما رافقها من قرارات حكومية عطلت كثيرا من أعمال هذه القطاعات، إذ شملت إغلاقات للعديد منها، وحظرا كليا أو جزئيا للتجول.

وليس بعيدا عن هذه القطاعات؛ يقف المواطن العادي عاجزا عن فعل شيء أمام هذا الواقع الذي حرمه من عمله، وألجأه إلى الاستدانة كي يتمكن من الوفاء بالتزاماته الأسرية، في ظل ارتفاع مؤشر البطالة في البلاد إلى 24.7 بالمئة، وتزايد أعداد المتعثرين إلى مليون متعثر مطالبين بما قيمته 2.5 مليون دولار.

والأربعاء؛ أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، صخر دودين، عن إجراءات جديدة للتعامل مع تطورات وباء كورونا، شملت فرض حظر تجول شامل أيام الجمع من كل أسبوع في جميع مناطق المملكة، مع تعليق أداء صلاة الجمعة في المساجد، وقداس الأحد في الكنائس حتى نهاية الشهر الحالي.

وتضمنت القرارات تمديد ساعات الحظر الليلي اعتبارا من السبت المقبل وحتى إشعار آخر، بحيث يبدأ من الساعة السابعة مساء للأفراد والسادسة مساء للمنشآت، وينتهي عند الساعة السادسة صباحا، بالإضافة إلى تخفيض سعة تشغيل وسائط النقل العام من 75 بالمئة إلى 50 بالمئة، وتقليص ساعات دوام موظفي القطاع العام.

وقررت الحكومة الأردنية أيضا إغلاق قطاعات النوادي الليلية والبارات وصالات الديسكو، والكاونتر الذي يقدم مشروبات روحية داخل المطاعم السياحية، والمسابح الداخلية الموجودة في المنشآت الفندقية والمجمعات السكنية السياحية، والمراكز والأكاديميات والأندية الرياضية، والحمامات الشرقية، إضافة إلى نوادي الفروسية والحدائق العامة، بما في ذلك المحلات التجارية الموجودة فيها.

أخف الضررين

وحيال هذه القرارات؛ أوضح نقيب أصحاب المطاعم ومحال الحلويات، عمر عواد، أن “القطاع لحقته أضرار اقتصادية كبيرة؛ أدت إلى إغلاق نحو أربعة آلاف محل، من أصل 22 ألف محل مرخص في البلاد”.

ووصف عواد قرار الحكومة تمديد عمل المطاعم ومحلات الحلويات للساعة 12 ليلا بـ”الإيجابي”، لافتا إلى أنه جاء استجابة لتوصية نقابته، “في حالة نادرة من قبل الحكومات المتعاقبة التي لا تشاور أحدا، ولا تستجيب لمطالب أحد”.

واستدرك بأن القرار يندرج تحت قاعدة “أخف الضررين” ويرجع لنا بصيص أمل بأن تتحسن الأوضاع قليلا، مؤكدا أن “الوضع الاقتصادي أسوأ مما يمكن تخيله، وذلك قبل أزمة كورونا التي كشفتنا على حقيقتنا”.

وأوضح عواد أن التجار باتوا يعانون من تراكم الالتزامات المادية المطلوبة منهم، “فإذا دفع الواحد منهم إيجار محله؛ فإنه لا يجد ثمن فاتورة الكهرباء، وإذا دفع هذه الأخيرة فلا يملك نقودا لدفع تكاليف الدراسة لأبنائه.. وهكذا”.

تعميق حجم الخسائر

وكان ممثل قطاع المواد الغذائية في غرفة تجارة الأردن، رائد حمادة، قد أكد أن زيادة ساعات الحظر الجزئي خلال الفترة المقبلة “سيعمق من حجم خسائر القطاع والأعباء المترتبة عليه”.

وقال حمادة في بيان، إن قطاعات المطاعم والمواد الغذائية ومحال بيع الحلويات بعموم المملكة لم يعد بمقدورها تحمل أعباء إغلاقات أو إجراءات جديدة تعرقل عملها، مطالبا الحكومة الأردنية باللجوء إلى تشديد إجراءات الصحة والسلامة العامة، بدلا من زيادة ساعات الحظر الجزئي.

ولفت إلى أن عودة الحكومة إلى الحظر الشامل أيام الجمعة أضر بعدة قطاعات، وبخاصة المطاعم، كونه يشكل ما يزيد على 50 بالمئة من نشاطها الأسبوعي.

وطالب حمادة بإلغاء أو تخفيض الضرائب والرسوم الجمركية المفروضة على السلع الغذائية الأساسية، وضخ المزيد من السيولة النقدية، لتمويل احتياجات القطاع الخاص ليتمكن من الصمود في وجه الجائحة.

ويشكل قطاع المواد الغذائية ما نسبته 30 بالمئة من حجم القطاع التجاري، ويضم أكثر من 50 ألف منشأة تعمل في عموم المملكة.

“الحكومة تتحمل المسؤولية”

من جهته؛ قال أستاذ علم الاجتماع البروفيسور حسين الخزاعي، إن عدم توفير الحكومة الأردنية للقاح بشكل كاف أدى إلى انتكاسة كبيرة وسريعة في الوضع الوبائي بالبلاد.

وأضاف أن القرارات الحكومية الأخيرة حملت المواطن المسؤولية الكاملة عن تفشي المرض “وهذا أمر غير دقيق”، متسائلا: “إذا كان المرض متفشيا؛ فهل ساعتا حظر ستلغي هذا التفشي أو تخففه؟”.

وأوضح الخزاعي أن حوالي نصف الشعب الأردني أجرى فحص الكورونا، ونسبة الشفاء عالية، والأرقام التي بين أيدينا تشير إلى أن الوضع الوبائي في البلاد ليس مرعبا بالصورة التي توحي بها الحكومة، وبالتالي فإن الأمر لا يستحق كل هذه الإجراءات المتشددة.

وأكد أن المواطن الأردني لا يثق بالخطاب الحكومي على الإطلاق، وبالتالي كان من الضروري إقناعه بأن الحظر الجزئي أو الكلي لصالح صحته، لافتا إلى أن الشعب الأردني بات يركز على العمل لتوفير الغذاء، أكثر من الصحة.

وتابع: “المواطن الأردني يشعر بعدم سيطرة الحكومة على الحالة الصحية، وبالتالي هو يقول لماذا أخسر الصحة والعمل معا؟ ولماذا أموت من الجوع ومن كورونا معا؟”.

وقال الخزاعي إن الخطاب الحكومي يولد لدى المواطنين الخوف والقلق والتوتر وفقدان الأمل بالمستقبل، وخاصة أن دول الجوار تتعافى من الفيروس ونحن لا نتعافى، مضيفا أن هذا يُضعف معنويات المواطنين ويعرضهم للإصابة بالمرض، “لأن هناك علاقة كبيرة بين الخوف والتوتر، وبين نقص المناعة”.

ولفت إلى ارتفاع مؤشر البطالة في البلاد إلى 24.7 بالمئة، مبينا أن ثمة دراسات توثق فقدان 100 ألف فرصة عمل، بالإضافة إلى خسارات كبيرة في قطاعات المطاعم وصالات الأفراح والفنادق السياحية وغيرها.

وبين الخزاعي أن عدد المتعثرين بلغ أكثر من مليون شخص، وبلغت قيمة الشيكات المرتجعة ملياراً و733 مليون دينار أردني، ما يعني أننا مقبلون على خلافات ومشاكل ما بين المالكين والمستأجرين، لعدم قدرتهم على دفع إيجارات البيوت أو المكاتب أو المحال التجارية.

وأوضح أن 423 ألف طلب في ديوان الخدمة المدنية ما زال أصحابها بالانتظار، ومليون و300 ألف طلب لدعم الخبز يجهلون مصير هذا الدعم الذي لم تخصص له الحكومة شيئا في موازنتها الأخيرة.

وأشار الخزاعي إلى أن 69.6 بالمئة من الجرائم في الأردن موجهة ضد المال، مرجحا ارتفاع نسبة السرقات، وازدياد الانحلال الخلقي والعنف الأسري والمجتمعي.

(عربي21)