سوريا اقتصاد منهك بعد سنوات من الحرب وتحديات داخلية وعقبات خارجية تواجه اعادة البناء والاعمار
الشعب نيوز:-
التاريخ : 11/1/2025
زياد الرفاتي
تعتبر سوريا دولة محورية في منطقة الشرق الأوسط والثانية بين دول الشام من حيث عدد السكان بعد العراق ويبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة فيما العراق 45 مليون نسمة .
وهي غنية بالموارد والثروات الطبيعية والمعدنية والزراعية والمائية جعلت منها مطمعا لدول خارجية تدخلت في شؤونها ونزاعاتها الداخلية تحت ذرائع مختلفة .
وحسب البنك الدولي والأمم المتحدة فان سوريا دولة منخفضة الدخل وبلغ حجم الاقتصاد السوري نحو 24 مليار دولار في 2022 وشهد انكماش حاد بنسبة 84% بين 2010 و2023 وفقد الاقتصاد مقوماته وخسر 85% من حجمه و90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر و12 مليون سوري يفتقرون الى الأمن الغذائي .
وبلغ حجم خسائر الحرب 600 مليار دولار ، حيث خسائر قطاع النفط والغاز 115 مليار دولار و قطاع الزراعة 16 مليار دولار والقطاع الصناعي 25 مليار دولار لكن المهمة شاقة وتواجه تحديات صعبة بسبب العقوبات الغربية على المفاصل الرئيسية للاقتصاد ، والشلل في قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة ، وفقدت ثلاثة أرباع قدرتها من انتاج القمح بسبب الحرب لتنخفض من 4 ملايين طن سنويا الى مليون طن ، وبلغت صادرات سوريا مليار دولار في 2024 فيما كانت 10 مليارات دولار قبل الحرب ، وتعاني من النقص في الطاقة وعدم قدرة الحكومة الجديدة على السيطرة على ثروات الدولة وتحديدا قطاع النفط الذي يمثل أهم الثروات الطبيعية لسوريا ، وقطاع الخدمات يعاني من أزمات متعددة ، ويوجد أصول سورية مجمدة في الخارج بقيمة 500 مليون دولار .
وقد تأثرت العملة السورية من جراء الحرب الأهلية في البلاد والأزمة في لبنان وأسعار صرف مختلفة في الأسواق .
وقد كانت 47 ليرة مقابل الدولار في 2011 قبل الحرب وأصبحت 15 ألف ليرة أثناء فترة الحرب وارتفع سعر الصرف الى 13 ألف ليرة في السوق الموازية بعد السقوط ، وتحتوي خزائن المصرف المركزي السوري على نحو 200 مليون دولار نقدا فقط ونحو 26 طنا من الذهب وقد انخفضت احتياطاته بمقدار 16 مليار دولار منذ 2011 ولا يزال يخضع للعقوبات الأميركية وكان يملك موارد تغطي احتياجات سوريا لستة أشهر ، والمركزي السوري تنفيذي تحت يد وزارة المالية في تلقي أوامر الصرف .
وأعلنت وزارة الداخلية العراقية الجمعة عن احباط عمليتين لتهريب الليرة السورية واحدة برا والأخرى جوا الى العراق خلال يوم واحد وبما مجموعه 5،2 مليار ليرة وتعادل 400 ألف دولار والقبض على المهربين ، وفق فرضيات أمنية قائمة لضرب سعر الدولار في العراق بالليرة السورية أو استخدامها في غسل الأموال حيث الشريط الحدودي بين البلدين يمتد نحو 610 كلم وبعضها غير مكتمل التحصينات وعدم ضبطها وتسلل ارهابيين ومهربي الأموال والبشر والممنوعات لداخل العراق ، حيث حركة الأموال بين الدول قد ترتبط بتجنيد عناصر مشبوهة .
ووفق بيان وزارة الخزانة الأميركية فقد قدمت اعقاءات من قيود لبعض الأنشطة لمدة ستة أشهر للسوريين وبشروط لضمان عدم اساءة الاستخدام وتصدر ترخيصا لضمان عدم اعاقة عقوبات الخمات الأساسية بعد الاطاحة بالنظام السابق لدعم المساعدات الانسانية وتسهيل وصول الخدمات الأساسية للمواطنين دون رفع العقوبات كاملا ولا يشمل فك تجميد ممتلكات أو مصالح أي شخص مدرج في العقوبات مثل الرئيس السوري السابق وحكومة سوريا والبنك المركزي السوري وهيئة تحرير الشام .
وقد قسم قانون العقوبات الأميركي سوريا لمناطق محظورة وأخرى غير محظورة .
وحسب وزير الخارجية الايراني ، فان الجيش السوري تمت هزيمته قبل أن يقاتل وما حدث جرس انذار لايران .
أما قادة في الحرس الثوري الايراني فان ايران خسرت بشدة في سوريا والفساد أحد أسباب انهيار الحكومة السورية ، فيما فسر قائد الجيش السوري السابق أن الجيش كان في حالة نفسية سيئة ولا يرغب في القتال ورواتبه متدنية .
ولدعم المساعدات الانسانية فقد أصدر جلالة الملك عبدالله الثاني توجيهاته بارسال ما يحتاج اليه الشعب السوري ، ووصلت مساعدات سعودية تم استلامها من طرف الهلال الأحمر السوري عبر شاحنات الجسر البري مرورا بالأردن كميتها 500 طن وعبر طائرات الشحن وصل عددها ثمانية حتى الان حملت 200 طن ، وتحاول الوصول بالمساعدات لكافة المناطق السورية المحتاجة لها وتتواصل مع السلطات السورية لتحديد المساعدات اللازمة .
وتوجد بسوريا أربعة مطارات مدنية ولديها 12 طائرة تقتصر في طيرانها الى دول الجوار والخليج وجهات قريبة .
وحسب رئيس هيئة الطيران في سوريا فان مطار دمشق قديم ويجب تطويره وتأثر التحديث والتطوير وقطاع الطيران بالعقوبات المفروضة ولا مبرر الان لاستمرار العقوبات على الطيران المدني وتتسبب بمشاكل كبيرة في قطاع الطيران السوري وأكبر التحديات اهمال النظام السابق للمطارات والتدريب وسيتم العمل على تأهيل الكوادر لتنشيط حركة الطيران وجاهزون لاعادة أكبر عدد من اللاجئين ، وقد استأنف المطار رحلاته الدولية في السابع من الشهر الجاري لأول مرة منذ السقوط .
وقد أعلنت ألمانيا وفرنسا وايطاليا أن هناك نقاشا جاريا مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي بشأن امكانية رفع عقوبات أخرى عن سوريا وتقود جهودا ومساع لتخفيف العقوبات الاقتصادية الغربية المتعلقة بالجوانب الانسانية على سوريا وتقترح رفع العقوبات عن سوريا لستة أشهر وقد ترفع سريعا ، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يمكن رفع العقوبات عن سوريا تدريجيا لكن نريد تقدما ملموسا وفي مجال المرأة والأمن في سوريا ، وقد فسر ذلك بأنه ذريعة ونوع من الضغوطات للحصول على مكاسب من القيادة السورية الجديدة وتربطها بالعملية السياسية ومشاركة كافة أطياف المجتمع السوري فيها وانتظار الأفعال .
وأشارت وزارة الخارجية السورية أن أسباب فرض العقوبات لم تعد قائمة وتشكل عائقا أمام تعافي البلاد ويجب ازالتها ، وتؤكد طي صفحة النظام السابق وممارساته .
وصدر الجمعة بيان أمريكي فرنسي ألماني مشترك ، حذر فيه سوريا من تعيين جهاديين أجانب بالجيش وأن تعيين جهاديين بمناصب عسكرية مقلق ، وأبلغوا قلقهم لقادة سوريا ازاء تعيينات الأجانب ودعتهم لاعادة النظر في هذه الخطوة .
وتستعد سوريا اليوم لاعادة بناء ما دمرته الحرب ، وحسب أحدث التقارير الاقتصادية حول الاقتصاد السوري فان الايرادات المتوقعة من الصناعة والزراعة تقدر بنحو 28 مليار دولار ومن الطاقة ( النفط والغاز ) 11 مليار دولار .
وقد استشعرت دول الخليج خطر ترك سوريا وحيدة وتتنافس الدول على سوريا لأهميتها ، وفق مراكز الأبحاث .
ولدولة الامارات استثمارات في سوريا بقيمة 25 مليار دولار ، وللكويت 6 مليارات دولار ، وللسعودية 2،5 مليار دولار ، أما رصيد صافي الاستثمارات الأجنبية التراكمية في سوريا قيبلع 11 مليار دولار ، فيما تدفقات الاستثمارات الأجنبية الى سوريا حاليا فهي صفرا .
والتساؤل المطروح حاليا عن الخيارات أمام الحكومة السورية المؤقتة وجهودها في اصلاح الاقتصاد .
وهي تحاول تحقيق توازن بين الداخل والخارج و قامت وفود تمثلها بجولة للدول العربية وقد اعتبر قرار صائب وتسعى لعودة سوريا للحضن العربي ، ويشكل الموقف العربي أهمية لعبور المرحلة السورية القادمة ويشكل حجر الزاوية .
وأمام الحكومة تحديات لتحقيق الأمن والأمان في الداخل السوري وتحسين الوضع الاقتصادي والواقع المعيشي والرواتب للمواطن ، وتوفير الطاقة و المواد الأساسية ، ولا يوجد تكاليف كبيرة على ميزانية سوريا بعد حل الجيش ، وهناك مقترحات قيد الدراسة في سوريا بأن تكون عملة البيتكوين بدل الليرة السورية في التعاملات وتجاوز العقوبات واطلاق ليرة رقمية بدل الورقية ، ويتناسب ذلك مع الاتجاه العالمي في بناء احتياطات من البيتكوين .
وفي قطاع الكهرباء تعاني سوريا من أزمة الكهرباء وقد تضاعفت الأزمة بسبب توقف تدفق النفط والغاز وتحتاج لرفع امدادات الكهرباء بنسبة 1000% ، وهناك خطة قصيرة الأمد وجهود الطوارئ لزيادة حصة الأهالي من الكهرباء وخطة بعيدة الأمد لانهاء أزمة الكهرباء تتمثل في تجهيز خطوط النقل وامدادات دولية بديلة مع تركيا والأردن ولكن ذلك يحتاج من 7- 12 شهر حسب خبراء ، و غادر فريق فني أردني الى دمشق في التاسع من الشهر الجاري للوقوف على الوضع الكهربائي والاحتياجات السورية حيث أعلن الأردن استعداده لتزويد سوريا بالكهرباء والغاز .
وقد أعلنت الحكومة السورية الجديدة أن سوريا ستستقبل سفينتين لتوليد الكهرباء من تركيا وقطر تغطي نصف احتياجات البلاد فيما يرى خبراء أن ذلك غير كاف لحل الأزمة ، أما وزارة الطاقة التركية فأعلنت أنها قد تبدأ بتصدير الغاز الى سوريا في غضون عام .
وبعد انقضاء شهرا على السقوط ، فان سوريا أمام تحديات وامال وشهدت ما يلي من قبل الحكومة المؤقتة :-
- قررت زيادة رواتب موظفي القطاع العام بنسبة 400% لتحسين الواقع المعيشي .
- اعادة الهيكلة الوظيفية لنحو 1،5 مليون موظف مسجلين في قوائم النظام السابق بينما عدد الموظفين الفعلي في القطاع العام نحو 900 ألف موظف وفق احصاءات الحكومة الجديدة ، مما يظهر وجود موظفين وهميين كانوا يتقاضون رواتب .
- تسيير الانفاق الحكومي اعتمادا على مبدأ الموازنة ” الاثني عشر ” للسنة المالية 2025 مؤقتا .
- اعادة النظر في شركات القطاع العام المدمر ، حيث 70% من تلك الشركات خاسرة اقتصاديا .
- تخفيف الأعباء باصدار قرارات تقضي الى ما يلي :-
ا- اعفاء المكلفين من الغرامات الضريبية ،
ب- اعفاء المكلفين من غرامات عدم الالتزام بالربط الألكتروني .
ج- الغاء رسوم الانفاق الاستهلاكي لعام 2024 .
د- تخفيف بعض الضرائب المفروضة في البلاد .
ه- دراسة الغاء بعض الرسوم لتحفيز الاستثمار .
- تسليم السلطة سلميا والحفاظ على المؤسسات الحكومية منعا من الانهيار .
- فتح مراكز تسوية لقوات النظام السابق بهدف تسوية أوضاعهم وقد راجعوها بكثافة .
- اطلاق حملات أمنية لملاحقة ” الفلول ” في الجيش السوري .
- حل الفروع الأمنية واعادة هيكلتها ، والاعلان عن اعادة تشكيل المؤسسات الأمنية .
- وصول وفود عربية ودولية الى دمشق ونشاطا دبلوماسيا مكثفا ، وزيارات وفود سورية الى السعودية وقطر والامارات والأردن ، وتحركات دبلوماسية مكثفة لانهاء حقبة العزلة الدبلوماسية .
- تدفق المساعدات الانسانية ورفع قيود أميركية .
- منع تجارة الكبتاغون وملاحقة المسؤولين عنها .
- الغاء رسوم جمركية وتخفيض بعض الضرائب ، وتوفر الدولار وتوفير المواد الأساسية بوفرة في الأسواق .
- اعادة تشغيل مطار دمشق الدولي ، وعودة الاف السوريين المبعدين الى بلادهم .
- الاعلان عن لجنة للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني .
- عقد لقاءات عدة لدمج الفصائل المسلحة بالجيش .
- تعهد وزارة الدفاع السورية بترميم الفجوة بين الجيش والشعب .
- الاعلان بعد مضي شهر أن الفرحة ستكتمل بعد عودة المهاجرين .