تكتل مجموعة ” بريكس” ومساعيها لمواجهة الهيمنة الاقتصادية الأميركية والغربية

7٬582
الشعب نيوز:-

 

 

 

زياد الرفاتي

 

بريكس (BRICS  ) بالانجليزية  هي اختصار يضم الأحرف الأولى من أسماء الدول الأعضاء والتي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا .

و هي مجموعة اقتصادية سياسية عالمية تشكلت عام 2009 و نقطة تحول تاريخية ، تشكل 30% من مساحة اليابسة  و40% من عدد سكان الكرة الأرضية وأكبر 10 اقتصادات في العالم ناتجها  المحلي الاجمالي       28 تريليون دولار ، واجمالي الاحتياطات الأجنبية 6 تريليونات دولار .

وتحولت في مطلع 2024 الى بريكس بلس بدعوتها الى  السعودية والامارات ومصر وتركيا وكوريا الشمالية  للانضمام اليها .

ولم تتخذ السعودية قرارا نهائيا بالانضمام وجمدت العضوية ولم تفعلها بعد  لحين استكمال  دراسة المزايا والمساوئ من هذه العضوية ، وقد اعتبر محللون أن السعودية دولة مستقلة وذات سيادة ولا أحد يملي عليها   ما يشاء وهذه حقيقة واضحة ، و لن تنضم باعتبار روسيا والصين أنظمة خطيرة ومدمرة ولن تقع السعودية  في الفخ .

 

وهدف دول المجموعة  كسر هيمنة الغرب والدولارعلى التحويلات المالية العالمية  والانفصال عنه  وعدم الرغبة بالتداول به  ، وانهاء نظام القطب الواحد وانشاء عالم متعدد الأقطاب ليكون حلا لغالبية المشكلات والأزمات ، والتركيز على تحسين الوضع الاقتصادي العالمي  وتوازنه ، والتعاون في مجالات الأمن والتنمية والسياسة ، ودعم العلاقات الاقتصادية بين افريقيا والجزء الجنوبي من العالم ، والسعي لاطلاق عملة موحدة .

 

وقد حذر الرئيس الأميركي في مطلع شباط الجاري دول مجموعة بريكس من استبدال الدولار الأميركي في تعاملاتها  وأن فكرة تقويض العملة الأميركية ماتت الان ، فيما ردت البرازيل بأن بريكس لا تهدف الى التخلي عن استخدام الدولار  .

 

وحسب خبراء دوليون ، فانه من غير المحتمل رؤية عملة بديلة للدولار في الوقت الحالي وأن ترمب يفكر بالدولار على المدى  البعيد و  شعور بالقلق  تجاه التحالف  بين الصين وايران وكوريا الشمالية   ويعتقد أن التحالف مرتبط بالهيمنة الروسية والصينية  وموجه ضد الولايات المتحدة ويتصدى له  من خلال فرض الرسوم الجمركية ، وهو طلب غريب في ظل العولمة وحرية التجارة العالمية ويستخدمها كأداة ضغط وحماية للمصلحة الاقتصادية الأميركية لمنع تغول كتلة نقدية مناوئة للدولار تقودها الصين وروسيا وضد من يريد تقويض النفوذ الأميركي ، وبالتالي فان التوجهات ضدهما ، علاة على أن  التجارة الدولية بحاجة لعملة بديلة أو مساندة للدولار لأن الاقتصاد العالمي يتوسع ويستخدم سلة عملات وليس الدولار فقط مثل اليوان  الصيني والروبل الروسي  والريال  السعودي . لكسر هيمنة الدولار ، حيث تعتقد أميركا أنها المهيمنة الأولى وهذا غير صحيح .

وهي تشكل منصات استثمارية مشتركة  تقوي من مناعة التكتل وغير مرتبط  بالعملة الأميركية وتحتاج لنظام سويفت ونظام لا يعطلها العقوبات والطرح من روسيا للخروج من نظام العقوبات لحربها على أوكرانيا  . ويمكن لواشنطن أن تقطع أي دولة تخرج من  نظام السويفت عن الاقتصاد الأميركي ، وأن الاستبداد في روسيا والصين  ويقابلها الحرية الاقتصادية في أميركا سيستمر في الهيمنة الأميركية ..

 

وقد بدأ ترمب بتوزيع الرسوم الجمركية على الدول وتعدد جبهاتها بنسب تماثل ما تفرضه الدول الأخرى على الولايات المتحدة  ، لتغيير سياساتهم والاصطفاف الى جانب أميركا  وتعديل الخلل في الميزان التجاري الذي يميل لصالح تلك الدول ، فيما ردت  على أميركا برسوم جمركية مضادة  .

وحسب الرئيس الأميركي فان نظام الرسوم الجمركية المتبادلة يحقق العدالة  حيث  نعمل في بيئة تجارية غير عادلة  وتضع حواجز أمام الصادرات الأميركية  ، وأن حلفاء أميركا هم غالبا أسوأ من أعدائها على الصعيد التجاري ، ويبدي رغبته بعودة روسيا الى مجموعة السبع .

وسيفرض 20% رسوما  جمركية على أوروبا في مطلع نيسان المقبل  وسيرد  على ضريبة القيمة المضافة  التي تقرضها أوروبا على  الشركات الأميركية  ، وأن الاتحاد الأوروبي عنيف جدا على صعيد التجارة .

فيما  أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يعد برد ” حازم ” وفوري على رسوم ترمب غير العادلة .

و اقتصاد الولايات المتحدة  أكبر من اقتصادات المكسيك وكندا ، وبدأها بالمكسيك  بفرض نسبة 25% بسبب رفضها التعامل مع أزمة الحدود والحد من الهجرة غير الشرعية وقد وصل عدد المهاجرين في عهد بايدن 12 مليون مهاجر  وايقاف تدفق المخدرات الخطيرة ، تبعها بكندا  بنسبة مماثلة  لوقف المخدرات عبر الحدود القادمة من الصين  ولرفضها الانضمام لأميركا لتصبح ولاية من ولاياتها ، وأخيرا بفرضها على الصين بنسبة 10% ، وسيتبعها على باقي الشركاء التجاريين للولايات المتحدة .

وأكبر 10 شركاء تجاريين لأميركا في عام 2024  مرتبين تنازليا حسب حجم التبادل  التجاري  بينهم هم المكسيك ، كندا ، الصين ، ألمانيا ، اليابان ، كوريا الجنوبية ، تايوان ، فيتنام ، بريطانيا ، الهند .

وأعلن  ترمب أثناء استقباله رئيس الوزراء الهندي في الرابع عشر من شباط الجاري وهي أحد أغضاء بريكس  أنه اتفق على العمل معا للمساعدة في بناء أعظم طرق التجارة في التاريخ وهو الطريق التجاري الذي سينتد من الهند الى اسرائيل فايطاليا ثم الولايات المتحدة ، وأن الهند ستشتري النفط الأميركي وتعزيز التجارة مع الولايات المتحدة .

 

وتكمن تداعيات تعرفات ترمب الجمركية على شركات  قطاع السيارات الأوروبية بتشكيل ضغوط كبيرة على سلاسل توريد السيارات من كندا والمكسيك وانكماش حاد في صادرات الشركات الى الولايات المتحدة وتضرر القطاع الذي يضم  نحو 14 مليون وظيفة  وتراجع أسهم شركات بي أم دبليو ، مرسيدس بنز ، ستيلانتيس .

أما التداعيات على شركات قطاع السيارات الأميركية فتتلخص في التسبب بالفوضى في القطاع وفقا لرئيس شركة فورد موتور وتضيف تكاليف كبيرة في انتاج السيارات الأميركية وترفع أسعار السيارات بشكل كبير على المستهلك الأميركي . وفي ألمانيا واليابان فان مصنعو السيارات أكبر المهددين برسوم ترمب .

ويلوح ترمب بفرض رسوم جمركية جديدة على السيارات في بداية نيسان المقبل .

وتبحث الدول الأوروبية  في اجتماعاتها حاليا العلاقات مع الولايات المتحدة وعجز موازناتها وتبحث أفكارا مطروحة  تسعى من خلالها لعدم دمج الاستثمارات العسكرية في عجز الموازنات للحد من تفاقم الديون السيادية والعجز وفي ظل ضغوط أميركية على الدول الأوروبية  لرفع سقف عتبة الانفاق العسكري الى 5% من الناتج المحلي الاجمالي  مع اهتمام أوروبي بزيادة الاستثمارات الوطنية بالمجال العسكري .

وتواجه خطة زيادة الانفاق الدفاعي عقبات ميثاق ” الاستقرار والنمو ” حيث تخضع دول لتطبيق اجراءات الميثاق ، الذي يتضمن التقيد بسياسة مالية للموازنة وابقاء العجز العام أقل من 3% وابقاء الدين أقل من 60% من الناتج المحلي الاجمالي .

وتواجه الدول الأوروبية  التي لديها عجز مفرط  في موازناتها فرض عقوبات وغرامات عليها  من قبل المفوضية الأوروبية

 

ويرى المفوض الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي أن تصريحات الادارة الأميركية الجديدة تظهر أن التزامها بالشراكة مع أوروبا  ” لم يعد مسلما به ”  ، وسنكون مستعدين للرد بشكل حازم ومتناسب ، وزادت حالة    عدم اليقين بشأن سياساتنا التجارية بشكل كبير مما أثر سلبا بالفعل على الاقتصاد العالمي  ، وتلقي التعرفات الجمركية حالة من عدم اليقين على الكتلة الأوروبية من خلال كبح الاستثمارات  والبيئة الحالية غير مستقرة للغاية لاتخاذ قرارات استثمارية واضحة ، وارتفاع أسعار الطاقة في الأشهر الماضية شكل عبئا اضافيا على الانتاج ، وفرض رسوم على قطاع السيارات قد يشكل ضربة للشركات  المصنعة الألمانية

 

أما تداعيات حروب  ترمب التجارية على اقتصادات دول جنوب شرق أسيا ، فان تدفق تبادل السلع والخدمات تعرض لضربة قوية خلال ولاية ترمب الثانية وصمودها سيحدد قدرتها على الحفاظ على تحسن مستويات المعبشة ، والمرحلة الحالية تهدد دول المنطقة وستتمكن تلك الدول من تجاوز الصراعات التجارية لكنها لن تحرج سالمة ، وتشهد مؤشرات الأسهم الاسيوية تباينا في الأداء مع تقييم التطورات الاقتصادية .

 

وحسب بلومبيرغ ،   فان ترمب يسير في ولايته الثانية بسرعة تضاهي ايقاع الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت في توقيع الأوامر التنفيذية وأصدر في أسبوعين أوامر تنفيذية فاقت ما أصدره أي رئيس خلال سنة منذ زمن الرئيس كينيدي ، وبعض الأوامر كان معدا للاستفزاز لصرف الانتباه عن السياسات الأخرى كي تنفذ بهدوء والهدف من  الأوامر الدعاوى القضائية  فمن خلال تسريع انتقالها للمحكمة العليا الميالة نحو اليمين قد تتغير السوابق القانونية ، ومع نسبة التأييد الحالية لترمب والبالغة  47% سيصعب عليه الحفاظ على هذا الزخم على مدى السنوات الأربع المقبلة .

وتضيف أن أداء الاقتصاد الأميركي يشهد نموا قويا يتجاوز التوقعات قبل سنوات ، وتفوق الاقتصاد لن يتراجع في المستقبل القريب وتلك القوة تمنح ترمب أريحية في سياسة الرسوم الجمركية والدول التي تهدد باجراءات مضادة لا يمكنها مجاراة التفوق الأميركي والديناميكية التي يتمتع بها ، وتوجهات ترمب تثير قلق المدراء الماليين في كبرى الشركات الأميركية في ارتفاع الكلف وانخفاض الأرباح وتحجيم الاستثمارات .

 

وبعد  رسوم ترمب ، يواصل الذهب ارتفاعه منذ بداية العام الحالي وبنسبة 9%  مع  استمرار تزايد الطلب  من البنوك المركزية على أصول الملاذ الامن  وارتفاع مراكز المضاربة ، وقد رفع بنك غولدمان ساكس بفعل ذلك  توقعاته لسعر الذهب  الى 3100 دولارا للأونصة بحلول نهاية 2025 بدلا من السعر المستهدف سابقا عند 2890 دولارا  ، والى 3300 دولار مع استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي وعدم التأكد تجاه  سياسة الرسوم الجمركية ،  والتوقعات بأن تؤدي حالة عدم اليقين الى خفض التجارة العالمية بنسبة 1،7% بحلول نهاية 2025 مما يضيف تحديات الى  الاقتصاد العالمي المتقلب .

أما الدولار قيتأرجح قرب أدنى مستوى في شهرين بفعل مخاوف الرسوم .

وحسب مؤسسات استشارية مالية  اقليمية ، فان أميركا قد تضطر لرفع الفائدة هذا العام ، واليورو فرصة جيدة للاستثمار في الفترة الحالية  ، والسندات استثمار غير مجدي خلال العام الجاري ، والتطورات في أميركا زادت من جاذبية الصين الاستثمارية .

 

وأعلن وزير المالية السعودي  بملتقى الأسواق المالية الذي عقد  في الرياض  بحضور صندوق النقد الدولي  في السادس عشر من الشهر الجاري ، أنه يجب  العمل  معا على معالجة  المخاطر البنيوية وتحديات الديون السيادية العالمية بطرق أكثر ابتكارا ، ويجب استخدام كل دولار بكفاءة وفعالية بسبب ندرة رأس المال ، ويجب على الجميع القيام باصلاحات مالية وهيكلية وتنويع الاقتصادات وزيادة قدرة القطاع الخاص ، ويرى شهية من المستثمرين الاسيويين للاستثمار في المملكة التي تشكل رابطا للمستثمرين شرقا وغربا وقد شهدت تحولات هائلة مع اطلاق رؤية 2030 التي عززت تدفقات الاستثمارات الأجنبية ويجب أن نوجهها الى فرص عمل في المنطقة  وتسعى المملكة لتصبح رائدا عالميا للمال والأعمال والاقتصاد المتنوع ، وأن أسواق أدوات الدين في السعودية ضئيلة مقارنة بامكانيات المملكة .

 

فيما أشار صندوق النقد  الى أن ارتفاع قيمة الدولار تجعل السياسة النقدية أكثر تعقيدا ، وأن أداء الاقتصاد الأميركي يشهد نموا قويا يتجاوز التوقعات قبل سنوات وقوته ترفع نمو الاقتصاد العالمي الى 3،3% ،  وأميركا تعافت الى مستوى امكاناتها الاقتصادية قبل جائحة كورونا .

 

 

.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا