سياسة الضغط الأقصى الأميركية على ايران وتداعياتها الاقتصادية

18٬737
الشعب نيوز:-

 

 

زياد الرفاتي

وقعت روسيا وايران في  منتصف كانون الثاني الماضي خلال زيارة الرئيس الايراني الى روسيا اتفاق شراكة استراتيجية تنظم العلاقات بين البلدين لمدة 20 عاما .

يهدف الاتفاق الى تعزيز التعاون العسكري والدفاعي المشترك ، والتعاون في مجالات الأمن ومكافحة الارهاب والتطرف ، وتعاون البلدين في المحافل الدولية ، وصفقات التنقيب عن الغاز وانتاجه وبيعه ، ومنح الأولوية لروسيا  في حقول الغاز الرئيسية في ايران ، والتعاون في مجال التكنولوجيا خاصة أمن المعلومات والفضاء السيبراني ، والتعاون في مجالات الطاقة النووية السلمية .

 وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن اتفاق الشراكة مع ايران لن يستهدف أي دولة أخرى  .

تزامن هذا الاتفاق مع قرار الرئيس الأميركي باعادة تطبيق سياسة الضغط الأقصى على ايران بالتحديات التي تواجه البرنامج النووي الايراني في ظل حكم ترمب  الذي أعرب عن تفضيله التوصل لاتفاق مع ايران حول برنامجها النووي واستهداف أذرع ايران في المنطقة جراء الحرب الاسرائيلية الأخيرة وسقوط النظام السوري  السابق الذي أضر بتمدد ايران في المنطقة وفقدان حزب الله اللبناني حليف طهران لقادته ومعظم قدراته العسكرية ومواجهته أزمة مالية متصاعدة  بعد توقف تدفق الأموال له من ايران وهو أمام  مرحلة جديدة تختلف في أدواتها وأساليبها وتعرض الوجود الايراني في العراق الى هزة كبيرة جراء الضغوط الغربية والأميركية وتعرض الحوثيين في اليمن لضربات غربية واسرائيلية أفقدتهم الكثبر من الموارد .

و يشكك الرئيس الايراني بصدق نوايا واشنطن باجراء مفاوضات مع ايران ويتسائل لماذا العقوبات ان كانت واشنطن صادقة بشأن المفاوضات ولا نسعى للحرب وطهران لن ترضخ للضغوط الأجنبية وترمب يتأمر ضد ايران   و لا يمكن الوثوق بوعوده .

فيما تحدث وزير الخارجية الايراني أن ترمب عاد الى سياسة الضغط الأقصى ولا نثق بالمفاوضات ولن نتفاوض تحت الضغط وواشنطن تريد منا التفاوض على الاستسلام ولن نخضع للضغوط الأميركية واستخدام لغة التهديد والعقوبات لم تنجح في السابق وننسق مع شركائنا في روسيا والصين بشأن المحادثات النووية مع الغرب ، ورد وزير الخارجية الروسي أن روسيا  لا تقبل الحظر والعقوبات التي تفرض على ايران والعلاقات الروسية الصينية الايرانية استراتيجية ولا تستهدف طرفا ثالثا .

وحسب المرشد الايراني ، فانه يجب تحسين دقة الصواريخ الايرانية ويتعين أن تواصل ايران تحسين قطاع الدفاع .

وبعد مرور 46 عاما على الثورة الايرانية في عام 1979 ، فقد النظام الايراني جزءا من رصيده الشعبي والتظاهرات في المدن الايرانية دليل على السخط الشعبي ولم يعد يتمتع بمثل ما كان يتمتع بالبداية بفعل السياسات التي أثرت على شعبيته ومنها نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة بفوز التيار المعتدل على المحافظين ، وهناك معارضة حيث الرئيس  جاء منها .

وتواجه ايران أزمات وتصدعات في الاقتصاد الذي هو أبرز ما يهم المواطن الايراني ، وضغط ترمب على ايران سيزيد من انهيار العملة التي هبط سعر صرفها الى 93 ألف تومان أمام الدولار  وارتفاع عجز الموازنة الايرانية ونسبة التضخم في البلاد الى 30% و البطالة الى 10% والهدف  لأميركي تقليص تدفقات النفط الايراني بأكثر من 90%  وأن سياسة أميركا تجاه ايران أكبر خطر يهدد بصعود أسعار النفط .

وتأكل نفوذها في المنطقة والاقليم وانهيار حلفاؤها وحالة من التراجع لا يمكن نكرانها  وخشية ايران أنها ستتفاوض في موقف أضعف مما كانت عليه من قبل  ، وقد استثمر ترمب ذلك ليعود لممارسة  سياسة الضغط على ايران التي    قد تجبرها على عقد صفقة .

وحسب صحيفة واشنطن بوست  ، فان تل أبيب مستعدة لقصف المنشات النووية الايرانية بدعم أميركي أو بدونه وأنها متخوفة من تمكن ايران من تخصيب اليورانيوم اللازم لصنع القنبلة النووية وأن مدة تأخير البرنامج النووي الايراني في حال الضربة ستكون ستة أشهر بحد أقصى .

و يشكك خبراء  عسكريون  بقدرة اسرائيل بمفردها على توجيه الضربة ولو كانت قادرة على ذلك لقامت بها ، والولايات المتحدة هي التي تملك القدرات الجوية الموجهة لاصابة المنشات النووية .   

 

ووفق التقارير الاعلامية ، يسود قلق ايراني  من تقارب موسكو وواشنطن  مع بدء محادثات بينهما في شباط الماضي  وتنحاز أميركا الى روسيا على نحو غير مسبوق وروسيا تتحول الى حليف قوي للولايات المتحدة في عهد ترمب  الذي لا يرى مصلحة في التقارب بين روسيا والصين ، وان بونبن قد يغض الطرف عن أي اجراء يريد ترمب اتخاذه ضد طهران ومخاوف من أن يقدم تنازلات لترمب على حساب ايران .

 وتتابع  أن التقارب بينهما  يثير تساؤلات حول مستقبل التوازنات الدولية  وستؤدي الى تغييرات  في الشرق الأوسط  وتصدعات في المشهد العالمي  وأن أميركا انقلبت على أصدقاءها وترمب يحرق عقودا من زعامتها للعالم بنهج جديد في السياسة الخارجية وأن حلف الناتو أصبح على حافة الانهيار ،  مع التصريحات الأميركية  انها قد تسحب فواتها  المنتشرة في أوروبا  وتترك فراغا أمنيا وأن الحماية الأميركية لأوروبا ليست أبدية ، وأن أميركا في عهد ترمب أصبحت  الان تشكل تهديدا للديموقراطية في أوروبا ، وقد أقال قائد الجيش الأميركي  وقادة كبار اخرين في حملة تطهير أولية بالنتاغون ، وحديثه  أنه تم  تشكيل الاتحاد الأوروبي من أجل خداع الولايات  المتحدة ورد عليه الاتحاد بقوله أننا نحن أكبر سوق حرة بالعالم وكنا نعمة لأميركا .

وفي المقابل ، بدأت دول أوروبية تدرس خيارات لتعزيز الأمن الأوروبي بالاعتماد على نفسها في ظل التهديدات المتزايدة من روسيا وتراجع الالتزام الأميركي تجاه حلف الناتو اذا سحبت قواتها من أوروبا وازدياد الخلافات بينهما بشأن أوكرانيا وحلف الناتو .

وفيما يلي انفاق دول الناتو على الدفاع في 2024 :-

  • أميركا 968 مليار دولار .
  • ألمانيا 86 مليار دولار .
  • بريطانيا 81 مليار دولار .
  • فرنسا 64 مليار دولار .

مما يظهر التفاوت الكبير بين انفاق أميركا ودول الناتو .

وأعلنت ألمانيا أنها تعد خطة بزيادة الانفاق الدفاعي بمبلغ 200 مليون يورو ويجب أن تكون مستعدة للحرب بحلول 2029 ويبلغ عدد جنودها  في نهاية 2023 نحو 181 ألف جندي وتمتلك 300 دبابة ، فيما سترفع بريطانيا انفاقها الدفاعي  الى 3% من الناتج المحلي الاجمالي  ، أما  فرنسا  فتلوح بورقة الردع النووي لحماية أوروبا وستنشر  في ألمانيا  عددا قليلا من الطائرات المقاتلة المحملة بأسلحة نووية ولن يكون ذلك صعبا وسيرسل رسالة قوية لروسيا .

ووفق بلومبيرغ فان الاتحاد الأوروبي يخصص  المليارات من اليورو  لتمويل الدفاع .

وعلى ضوء تواصل زخم الدفاع قفزت أسهم قطاع الشركات الدفاعية الأوروبية بنسبة 30% منذ مطلع العام الجاري .

وحسب صحيفة نيويورك تايمز ،  فقد أصبح ترمب في خضم تنفيذ أحد أكثر التحولات المذهلة في السياسة الخارجية الأميركية منذ أجيال ، وهو تحول بمقدار 180 درجة من شأنه أن يجبر الأصدقاء والأعداء على اعادة تقييم مواقفهم بطرق أساسية .

وأوردت تقارير أميركية أن العقوبات على ايران قد تطال العراق ، وأن الضغوط القصوى ستطال دولا ترتبط بعلاقات  مع ايران ، واحتياطي  العراق من الدولار المحتفظ  به لدى الفيدرالي قد يستخدم لابعاد العراق عن ايران .

وتقع المصارف العراقية تحت الضغط جراء حركة الدولار الى ايران ، وأعلن العراق في مطلع 2023 اعتماد منصة ألكترونية من أجل مراقبة حركة الدولار وعمليات غسل الأموال وذلك بعد تحذيرات أطلقها الفيدرالي الأميركي الذي يحتفظ العراق باحتياطي أجنبي قدره 100 مليار دولار من عوائد بيع النفط العراقي الذي يورد الى الفيدرالي ويقوم بالتحويل  الى المركزي العراقي  بقدر احتياجات البلاد من النفقات وهو أشبه بالتقييد في الاستخدامات .

وفي تموز 2023 تمت معاقبة 14 مصرفا من الخزانة الأميركية كما فرضت قيودا مشددة على التحويلات المالية بالتعاون مع المركزي  العراقي   وفي شباط 2024 منع المركزي  بايعاز من الخزانة  8  مصارف عراقية من التعامل بالدولار عبر مزاد العملة  وفي شباط 2025 أدرج المركزي العراقي 5 مصارف عراقية أخرى   و3 شركات تحويل أموال ، وبعد شمول المصارف الخمسة بالعقوبات يكون عدد المصارف الخاصة المعاقية 34 مصرفا من أصل 44 مصرفا داخل العراق.

وهذه الاجراءات ضمن حزمة عقوبات للخزانة الأميركية بسبب تعاملات مالية مباشرة وغير مباشرة مع جهات  ايرانية ومكافحة تهريب الدولار اليها  وغسل الأموال ، مما يحد من قدرة المصارف على التعامل بالدولار واجراء التحويلات والوصول اليه ، ويسمح لها باجراء معاملات بعملات أخرى .

ويرى أعضاء في الحزب الجمهوري أنه لن يكون بمقدور ايران استغلال أموال العراق ، فيما ترى ايران أن العقوبات الأميركية غاياتها  زيادة أزمات المنطقة .

وحسب خبراء  اقتصاديون عراقيون ، يواجه العراق تحديا بتأثير هبوط أسعار النفط وسيكون كارثيا عليه واستئناف سياسة الضغط الأقصى تجاه ايران وأن العقوبات الأميركية ليست جديدة وهي من أجل الاصلاح المالي ، حيث تعتمد الموازنة على نحو  95% من عائدات النفط المباع وهو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبيك  بعد السعودية وتعتبر الصين والهند المشتري الرئيسي لنفطه .

كما يواجه العراق صيفا صعبا  بعد قرار الادارة الأميركية الجديدة انهاء الاعفاءات الايرانية بتوريد الغاز الى العراق ومدتها اربعة أشهر كانت تجدد دوريا في عهد الادارة السابقة وفي ظل مناخه الذي يتصف بالأجواء الحارة جدا بدون غاز ايران الذي يستخدم في تشغيل محطات الكهرباء وتواجه الانقطاعات لساعات طويلة في سبيل التقنين وتسارع الجهود العراقية للبحث عن بدائل للغاز الايراني لتشغيل المحطات ، وبدائل الغاز الحالية ليست كافية لتعويض نقص الغاز  والقلق ازاء شحة بدائل التجهيز في الصيف  وأن قطر والجزائر بدائل محتملة عن الغاز الايراني وقد يستورد العراق الغاز منهما عبر طرف ثالث وسيط   ضمن جهود الحكومة العراقية في توفير البدائل  وأن الروتين في العراق يجعل حل الملف لغاية حزيران المقبل ” حلما ” وفق خبراء طاقة عراقيون .

 ويستورد  العراق  يوميا 50 مليون قدم مكعب من الغاز الايراني تشكل ما نسبته 40 % من حاجته ،  وتقدر كلفة استيراده من ايران 4 مليارات دولار سنويا وفي ظل تراجع خطط استثماره بدل حرقه ويقع بين العقوبات ونقص الغاز ولم تجد بغداد بديلا حقيقيا يورد لها الغاز .

كما تواجه الخطوط الجوية العراقية  منذ 2015 حظرا أوروبيا بالطيران الى أوروبا  من قبل المنظمة الدولية  للطيران المدني ” اياتا ”  لمخالفة شروط  السلامة للمنظمة  ، والحظر موضوعه فني بحت  يشمل  ارتكاب مخالفات تهدد سلامة الركاب وعدم انضباط بعض الطيارين وضعف وسوء صيانة الطائرات ومخالفاتت ادارية ومالية وفنية  وغياب شروط السلامة في الطائرات وعدم وجود مقاعد أطفال وعدم كفاءة بعض مهندسي الطيران .

وتولي الحكومة العراقية انهاء الحظر أولوية فصوى ، وأعلن عن  معالجة 56% من المخالفات خلال اجتماع ممثلي المنظمة مع رئيس الوزراء العراقي  الأسبوع الماضي .

 

 

 

قد يعجبك ايضا