مبادرة نون للكتاب: الأدب في حضن الحوار . بقلم: القاصة فاتن شحادة

الشعب نيوز:-

.
حين يجتمع الشغف بالكلمة مع الرغبة الصادقة في التطوير، تولد مبادرات قادرة على إحداث فرق حقيقي… مبادرة نون، التي أطلقها الروائي والناقد المبدع أسيد الحوتري، ليست مجرد حلقة نقاش أدبي، بل مساحة نابضة بالوعي، تهدف إلى دعم الكتّاب وصقل قدراتهم الأدبية بمنهجية نقدية رفيعة.
في مكتبة عبد الحميد شومان – فرع جبل عمّان، يلتقي الأدباء شهريًا في جلسة حوار مفتوح حول عمل أدبي منشور – رواية، قصة، أو أي جنس أدبي آخر – بشرط أن يكون قد طُبِع وتم تداوله. يقرأ المشاركون العمل مسبقًا، ويضعون ملاحظاتهم النقدية استنادًا إلى محاور محددة تُثري النقاش وتضبطه.
يدير الحوار الكاتب أسيد الحوتري، ويُنقَل البث مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ليكون متاحًا لكل من يهتم، أينما كان. كما تتم استضافة ناقد أدبي مختلف كل شهر لتقديم قراءة معمّقة للعمل وملاحظاته الاحترافية، بينما يتولى أحد أعضاء المبادرة تقديم اللقاء.
لإضفاء جوّ من الإلهام والجمال، تتخلل الجلسات فواصل شعرية أو خواطر أدبية من تقديم المشاركين أنفسهم، فتتحول الأمسية إلى مهرجان صغير للكلمة.
ما يميّز “نون” أنها لا تكتفي بالتقييم، بل تسعى إلى البناء؛ فالنقد هنا يوَجَّه بلطف، ويكشف مواطن القوة ليتمسك بها الكاتب، كما يسلّط الضوء على نقاط الضعف بأسلوب تِقَني نقيّ، بعيد عن أي أحكام شخصية أو تهجّم هدّام.
هذه المبادرة، بصدق، تمنح الكتّاب الجدد أولى خطواتهم على طريق النضج الأدبي، وتفتح لهم أبواب الظهور، إذ يقوم الأستاذ أسيد بنشر تفاصيل الجلسات، ومعلومات عن الكاتب والكتاب في المنصات الإلكترونية والصحف.
في ختام كل جلسة، تُمنح دروع تقديرية، وتُلتقط صورة جماعية توثّق اللحظة… لحظة أن الأدب لا يزال يجد من يؤمن به، ويمنحه الحياة.
لقد أثبتت مبادرة نون أنّها بيئة أدبية تحتضن النص وتكشف إمكاناته، بعيدًا عن المجاملة أو القسوة… حيث تتحوّل القراءة الواعية إلى نقد منهجي، وتُمنَح الكلمة فرصتها الكاملة للنمو.
لا يسعنا سوى أن نرفع القبعات للأستاذ أسيد الحوتري، صاحب هذه الفكرة الملهمة، التي ساهمت – وما زالت – في إعادة تشكيل مشهد الأدب العربي، ودفعه بخطى واثقة نحو الأمام.

قد يعجبك ايضا