..وإنتحار أخلاقي أيضا!أسامة الرنتيسي

138
الشعب نيوز:-

عشرات المرات؛ بل قل أكثر من ذلك بكثير، وصل إلى هاتفي أمس السبت فيديو انتحار الشاب السوري الثلاثيني من فوق جسر عبدون.
ما فجعني فوق فاجعة الانتحار، نوعية الأعصاب ومستوى الأخلاق عند من صوّر الفيديو من الجهة المقابلة للجسر.
كأننا أمام مشهد تمثيلي حقيقي، شاب يقترب بكل جرأة من “جسر الانتحار” تقف خلفه سيارة دفاع مدني في محاولة لمنعه من الانتحار، لم ينتظر الشاب وصول أحد إليه، تدلى من أعلى الجسر كأنه يريد السقوط لا الانتحار، لأنه لم يقفز كما يفعل المنتحرون بل تدلى قليلا وترك لنفسه العنان، فسقط من عل وانفجر على الأرض كما تنفجر بِطِّيخَة.
هذا المشهد لو كان في فيلم سينمي لاستحق عليه المخرج جائزة، أما أن يجد أحد الهواة في الجهة المقابلة للجسر فرصته بمسك هاتفه ومتابعة الشاب وهو يقرر القفز والانتحار، فهذا مشهد لا يمكن اختزاله في شخص هاوٍ بل محترف يتعامل مع الموت بكل هدوء وسكينة.
مشهد تصوير حالة الانتحار لا تختلف كثيرا في فجاعتها عن مشهد العشرات عندما يسحبون هواتفهم ويصورون جثث ضحايا حوادث الطرق، بعضهم يستخدم الزووم حتى يصل لأدق التفاصيل في تصوير حالة الضحايا والمصابين.
هل فعلا ضريبة التكنولوجيا، وهوس اللايكات، ونشر الفيديوهات، والتسابق في البث والإرسال وغزو الجروبات أكثر تأثيرا في ثقافتنا الجديدة، تعادل مشاعر الإحساس مع الضحايا والمصابين، وكأننا أمام مشاهد عادية لا يتأثر المرء بها أبدا.
هل فقدنا حاسة التعاطف والتضامن مع الضحايا، ماذا كسب مصور فيديو الانتحار وبثه في الفضاء الإلكتروني، وما هو المكسب الذي يحصل عليه كل من يقوم بإعادة بث الفيديو على مجموعاته والجروبات المشارك فيها.
لم يعلم أحد ما هي الأسباب التي تدفع شابا ثلاثينيا إلى اتخاذ قرار ترك الحياة ومغادرتها بكل هذا الصخب، الانتحار عن سبق إصرار، لا نعلم حجم القهر الساكن في قلب ونفس هذا الشاب السوري، ولا ظروف حياته وأهله في الأردن.
طبعا؛ ارتفاع حالات الانتحار في الأردن ظاهرة مقلقة، فقد سجلت حسب مصدر أمني 116 حالة انتحار في 2019، مقابل 143 في 2020، وتسجيل 593 محاولة انتحار في 2021.
بالمناسبة؛ برأيكم الخطية في انتحار الشاب السوري من فوق جسر عبدون تسجل في رقبة من؟!
الدايم الله….

قد يعجبك ايضا