أسرار وكينونة “معركة الكرامة الخالدة “بقلم المستشار الاعلامي جميل القاضي
الشعب نيوز:-
ان ذاكرة الوطن هي منارة لعظماء الرجال ، وفي هذا الحمى العربي الهاشمي فأن منارته كانت ولا تزال تتمثل بقيادته الهاشمية الحكيمة وفي الجيش العربي الاردني هذا الجيش الذي يضم في جنابته الاشاوس العظماء ، والذي له الدور البارز في محطات الوطن المجيدة وحلقات الفخر المتواصلة في عهد الاردن المشرق بمئويته الاولى واطلالته على مئويته الثانية التي هي امتداد لمسيرة حياة هذا الوطن وهذا الشعب ذو الجذور الاصيلة .
واليوم ونحن نعيش ذكريات معركة الكرامة الخالدة التي وقعت في زمن كان قريبا من شفا الهاوية وكأنت المنطقة تربض على بركان متفجر واعقاب هزيمة مريرة تعرضت لها امتنا العربية في حرب ١٩٦٧ فكان صراع عنوانه ان نكون او لا نكون وصراع لاثبات الذات لكل العرب وتجديد الرؤى والامال في تجليات صور المقاومة والدفاع عن حياض الوطن والانتماء لتاريخ الأجداد والاباء في وادي الاردن واستنهاض ايام اليرموك وانتصارات خالد بن الوليد وابو عبيدة …
فكانت المعركة وكان سر الجيش العربي المجيد لتأتي انجازاتهم اكبر بكثير مما كان يتوقعه أكثر المراقبين تفاؤلا ، فبذل النشامى الرجال العظماء والأبطال الخالدون دمهم مهرا لا تقوى الايام على طي ذكراهم او طمس انجازاتهم ليضعوا منارة جديدة في تاريخ منارات هذا الحمى العربي الهاشمي
ولهذا الجيش العربي المصطفوي الاردني قصص من الامجاد بنيت بإرادة وعزم وهمة القيادة الهاشمية والتفاف الشعب الاردني حول قيادته الراشدة في مسيرة مرت بمراحل العزم والاصرار والتطوير وتوالت بعدها مسيرة النهضة والنماء
وكان من اسرارها المقومات التي امتلكها (الجيش العربي) القوات المسلحة الاردنية والمتمثلة بالقرار السياسي الهاشمي الراشد والارادة الاردنية الحرة والحنكة العسكرية والتلاحم الوطني .
وكذلك كان من أسرارها بأنها كانت معركة فاصلة غيرت معالم الصراع العربي الاسرائيلي حيث كانت فاتحة الانتصارات وعروس حرب الاستنزاف وهي التي مهدت السبل لحرب تشرين المجيدة فقد جاءت على اثر نتائج حرب ١٩٦٧ التي افرزت واقعا جديدا للاستراتيجية العسكرية الاردنية ، حيث كان من الضرورة بمكان وضع استراتيجية جديدة تقوم على أهمية الموازنة بين الأهداف السياسية وعناصر قوة الدولة المختلفة بما فيها العسكرية فانعكس ذلك على خطط تدريب القوات المسلحة الاردنية التي هدفت لتدريب الأفراد على استخدام السلاح المتوفر بكافة انواعه والعمل الجماعي والتنسيق الدقيق ، وتهيئة مسرح العمليات ، والاستعداد لمواجهة اية ضربات استباقية وتحسين الدفاع الجوي واستغلال طبيعة ارض العمليات في تقوية الدفاع وإعطاء الأهمية البالغة لتطوير وسائل الاستخبارات والاستطلاع والحصول على المعلومات الدقيقة عن نوايا العدو .
ان الاحتفال بذكرى معركة الكرامة هو أحياء لتاريخنا واستلهاما للصبر والعظات من مجدنا التليد ، وربط للحاضر المشرق بالماضي الزاهر والحافل بالبطولة والشرف والسؤدد وذلك شحذا للههم وتقوية للشعور الوطني واثراءا لتجربتنا الكربلائية يوم الكرامة .
في الكرامة ، لم نخض على ربى الغور معركة عادية مع كيان عادي ، لكن خضنا أشرس المعارك واشدها فزعا وأكثرها تضحيات مع كيانا به الكثير من الصلف والغرور ، يدعمه غربا حاقدا ، فكان مقابلها النشامى الغيارى، شعارهم الصدر او القبر .
ان انتصارنا في معركة الكرامة لم يكن صدفة ولم يأت كيفما اتفق
فأن الشعوب العظيمة لا ترتجل الملاحم ولا تغامر بشرفها وأرواح أبنائها ولكنه انتصار مخطط له بدقة وإتقان وعلم وخبرة وكفاءة اقل ما يقال في حقه انه وليد معاناة الى جانب تلاحم وتجارب وارتباط
القيادة بالشعب وانصهار الجميع في بوتقة الوطن الحق ، دفاعا عن حياض الوطن وحرمته وسيادته وذودا عن شرف العروبة .
قاتل أبطال الجيش العربي القوات المسلحة الاردنية الهاشمية ، بخصال جهادية يستلهمون وقعات اليرموك وحطين وعين جالوت ، فعملوا على دحر المعتدي ، وتطهير أرضنا من رجس الغزاة الطامعين الصهاينة .
رحم الله شهداء معركة الكرامة الخالدين الذين كانت أرواحهم هي من صنعت بطولات معركة الانتصار والحرية وهي نفس الروح الاردنية التي يحملها كل ابناء الوطن على اكتافهم في سبيل تحصين البلاد وحماية ورفع شأنه واعلاء رايته
تحت راية جلالة قائدنا الاعلى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورزقة مزيدا من التوفيق والسداد ، اللهم احفظ بلدنا هذا الحمى العربي وتحية الاجلال والاكبار لقواتنا المسلحة الاردنية الباسلة .