لِمَ يَسْلُقون قانون الانتخاب…أسامة الرنتيسي

الشعب نيوز:-

لا تَجِدُ تفسيرًا عند أي من السياسيين ولا البرلمانيين، لِمَ يتعامل مجلس النواب بهذه السرعة غير المعتادة لإقرار قانون الانتخاب، حيث يتم عَقدَ جلستين صباحية ومسائية لمناقشة بنود القانون، وفي الجلسة الأولى تم إقرار ثماني مواد.

ليأتي السؤال؛ لِمَ يسُلِقَ أهم قانون في المئوية الثانية للدولة بهذه الطريقة، ومَن ضغط بذلك، وهل هناك توجُّهٌ لحل البرلمان بعد إقرار القانون والذهاب لانتخابات مبكرة؟

نصف الإجابة عن السؤال يعلمها القاصي والداني، لأن الجديد في القانون يعتمد على الحياة الحزبية، لتغيير شكل  ونهج الحياة السياسية في البلاد.

والحياة الحزبية، الآن ضعيفة جدًا، فنكاد نقول إنها غير موجودة على الأرض للفعل السياسي والانتخابي وتحتاج التجارب الجديدة إلى أعوام حتى تكون جاهزة، إلا إذا كان الهدف تفريغ الساحة للإسلاميين فقط، فالإخوان  برغم تراجعهم لا يزالون حزبا يستطيع خوض الانتخابات، وتوحيد الوسط الإسلامي وزمزم خطوة للتجهيز للمرحلة المقبلة.

لهذا نحتاج سنوات بعد إقرار القانون، وقد نحتاج إلى تمديد عمر مجلس النواب مثلما قال عرّاب منظومة الإصلاح سمير الرفاعي حتى تكون الأمور جاهزة لخوض التجربة الجديدة، للدولة والبلاد والحياة السياسية والاستقرار، والتيارات السياسية المعارضة والحليفة جميعها، والتجمعات الشبابية والشعبية، والقوى الحية هي مصلحة وطنية  للوصول إلى قانون انتخاب جديد، توافقي تقدمي للشروع بانتخابات بمشاركة الجميع، بأعلى درجات النزاهة.

للدقة؛ إذا كانت الدولة مأزومة من عدم مشاركة الإسلاميين في الانتخابات البلدية ومقاطعة انتخابات نقابة المهندسين، والحركشة في نقابة المعلمين، فإن الإسلاميين أيضا مأزومون من قرار المقاطعة، ولا أرى أن هناك مجالًا لاتخاذ قرار تُجاه المقاطعة بعد إقرار القانون الجديد مهما كانت الظروف، ومهما كان القانون، فالمحيط متحرك ومشتبك، ولا مجال للمقاطعة والانكفاء والحرد.

بعد كل ما حصل في العالم العربي في العشر سنوات الماضية، وما حدث لأول مرة في مصر، إذ انتخب رئيس بنسبة لا تزيد على 53%، بينما حصل منافسه على نحو 48% من أصوات الناخبين، نفتح على دروس جديدة تنتشر أمامنا لمن يريد ان يقرأ ويفهم ويتعلم، إذ أن صندوق الانتخاب وحده ليس كفيلًا بتحقيق الديمقراطية، بل هو العتبة الأولى للسير تُجاه تحقيق العدالة اذا ما توافرت شروط وطنية ضرورية، أبلغها وأهمها: الوحدة الداخلية المؤسَّسة على الاعتراف بالآخر والإقرار بالتعددية السياسية وكفالة حرية الرأي والمعتقد، وبالتوازي مع هذا الاتجاه السياسي، السير نحو تصحيح وتصويب المسارات الاقتصادية الخطرة التي أوصلتنا إلى أزمات عميقة.

الدايم الله…

قد يعجبك ايضا