
اجتهادات شيطانية
الشعب نيوز:-
بقلم : سارة صالح الراشد
هذه الحياة مكابدة، كل الأحياء تصارع فيها صراع البقاء. والإنسان يصارع.. في فكره ومشاعره ومسعاه «لوجوده» ثم يأتي الاجتهاد، تجتهد، تركز، وتوجه جهدك لتنال المطالب، أية مطالب؟ في حياتنا الاستهلاكية والمادية أصبحت معظم المطالب أمورا في الحقيقة سطحية، هامشية، آنية! يحركها الجمهور باسم «الصرعة أو الهبة» تدفعها فكرة «حالنا حال غيرنا» وغايتها «إرضاء الخاطر»، ومفرغة من المتعة!
وسط هذا الخواء الروحي يبحث البعض عن الإثارة فيقدم على أفعال تافهة أو مستهجنة أو خطيرة. لكن لم كل هذا الاجتهاد فيما لا ينفع ولا يرفع؟
الشيطان وجنده يعملون بلا كلل أو ملل لإيقاعك يا ابن آدم، فما بالك لا تجتهد لنفسك؟
بل لماذا وكيف من أين جاء الاعتقاد بأن الاجتهاد للصلاح صار تخلفا وجمودا؟!
من الذي قال إن الانفلات هو السعادة والبهجة؟ وإن الاستمتاع بالحياة يعني أن تفعل كل شيء؟ من دون مبدأ ولا رادع؟ أن تنطلق دون منهجية! حتى تصبح اللامنهجية هي المنهجية – للمقبلين على الحياة! هنا جاء التخبط، وأثمرت اجتهادات الشيطان، عندما غذت الصحبة السيئة هذا الاعتقاد المنحرف حتى ظن المخدوع أنه لا عودة من هذا الطريق المظلم، وحوله عصبة فساد تجره حتى لا يتوقف فيتلمس مخرجا.
أنت المجتهد «لنفسك»، وأنت تختار الخروج مثلما اخترت الدخول، أنت المسؤول عن نفسك وأين تضع جدك ولأي المقاصد اجتهادك.
اجتهد لنفسك، اجتهد لنفسك، اجتهد لنفسك، لا تستسلم لأي عائق أو ناعق، تلك أهواء، انج بنفسك، فالعقبات كثيرة – ومستمرة – ونحن في جهاد ليل نهار، هذا هو الواقع باختصار!
إن الشيطان عندما أسكن الله تعالى آدم وزوجه الجنة يرغدان فيها، ونهاهما عن الشجرة، الشيطان ما تراخى وما تحبط، ولا توانى ولا تردد! فصرف انتباههما كله إلى تلكما الشجرة! وحدها، وسط وفرة الأشجار والثمار.
إبليس الموعود بالخلود في النار يجتهد ليخرجنا من كل سلام، ونحن الموعودون بالمغفرة مالنا لا نستغفر؟!
كل يوم نعمة، كل يوم ميلاد جديد، كل يوم، وكل ليلة.
«كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون».
ذات مساء سألت والدي – حفظه الله-: أبي.. ألا تعتقد بوجود شيطان كسلان.. «ماله خلق يوسوس»؟
فأجاب بنبرة جازمة: لا أبداً.