الأردن يحمي 95 مُبلغًا عن الفساد ويستعيد نصف مليار دينار من فم الفاسدين
الشعب نيوز:-
بركات الزِّيود-
في سبع سنين لم تكن عجافًا بمكافحة الفساد في الأردن وكسر ظهره وحماية المجتمع من آثاره الجانبية الكبيرة، استطاعت هيئة النَّزاهة ومكافحة الفساد بيدها اليُمنى تنفيذ القانون ضدَّ من مدَّ يده على المال العام ودارت حوله شُبهات الفساد، وبيدها اليُسرى تصنع البرامج التي تقي الإدارة العامة والنَّاس من الوقوع في جرائم الفساد والتَّبليغ عنها.
في اليوم العالمي لمكافحة الفساد، والذي يحتفل به العالم يوم التاسع من شهر كانون الثَّاني من كلِّ عام، عادت وكالة الانباء الأردنية (بترا)، سبع سنوات إلى الوراء وتحديدًا إلى العام 2016، للبحث في حرب الأردن على الفساد والوقاية منه والمستمرة منذ 18 عامًا، ليتبين لها أنَّ هيئة النَّزاهة ومكافحة الفساد لم تغمض لها عين طيلة آخر 2555 يومًا استطاعت فيها استرجاع مال عام من فم الفاسدين وصل إلى نحو نصف مليار دينار بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
وقرأت (بترا) آخر 7 تقارير رسمية وموثِقة لأعمال الهيئة والتي نشرتها للعامة وعلى موقعها الرَّسمي من العام 2016 وحتى نهاية العام 2022، وتبين أنَّ كوادرها طيلة هذه الأيَّام تعاملت مع أكثر من 20 ألف ملف ومعلومة تتحدث عن جنايات وجنح فساد متوقعة أو تدور حول بعض القضايا لم تهمل أيًا منها، درستها دراسة مستفيضة، وحقَّقت بها وتعقبتها قانونيًا خطوة بخطوة، منها ما تمَّ تحويله للقضاء، ومنها ما تمَّ تسويته والتعامل معه في الهيئة وفق الصلاحيات الممنوحة لها من القانون، ومنها ما تمَّ حفظه.
في الحرب الأردنية على الفساد، تمكنت الهيئة خلال السنوات السبع الماضية من توفير الحماية القانونية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية المختصَّة لـ 95 شخصًا أخبروا وشهدوا على الفساد وقدَّموا معلومات موثقة وثابتة في قضايا الفساد، حيث منحت الهيئة الحماية القانونية لأربعة اشخاص في العام 2016، و 12 شخصا في العام 2017، و18 شخصا خلال العام 2018، و16 شخصا في العام 2019، و13 شخصا في العام 2020، فيما تم تأمين الحماية لـ 14 شخصا في العام 2021، ولـ 18 شخصا خلال العام الماضي 2022، وهذا دليل على أنَّ الأردن في حربه ضدَّ الفساد يوفر الحماية لكل من يقوم بالتبليغ عن أي معلومة في قضايا الفساد.
ورصدت (بترا) خلال السنوات الست الأخيرة 19 ألفًا و682 معلومة وشكوى متعلقة بالفساد، استطاعت التعامل معها جميعًا بدقة وشفافية، حيث وصلها في العام الماضي 2932 شكوى، وفي العام 2021 وصلها 5 آلاف معلومة وشكوى، وفي العام 2020 كان عدد الشكاوى 2090 شكوى، وفي العام 2019 وصلها 3572 شكوى، وخلال العام 2018 وصلها 2797 شكوى، وفي العام 2017 كان عدد الشكاوى 2050 شكوى، وفي العام 2016 بلغ عدد الشكاوى 1241 شكوى.
ومن فم الفاسدين استطاعت هيئة النَّزاهة خلال آخر خمس سنوات استعادة 474 مليونًا و497 ألفًا و92 دينارا بطريقة مباشرة وغير مباشرة، منها 159 مليونًا و483 ألفا و902 دينار العام الماضي ، و142مليونًا و118 ألفًا و45 دينارًا في العام 2021، ومليون و884 ألفًا و56 دينارا خلال العام 2020، و150 مليونًا و600 ألف دينار خلال العام 2019، واحتوى تقرير هيئة النزاهة عن العام 2018 استرجاع 20 مليونا و411 ألفًا و389 دينارًا.
وأوضحت هيئة النَّزاهة في تقرير لها خلال العام 2021 أنَّ نسبة نجاح الملفات التَّحقيقية المُحالة إلى القضاء وصلت إلى 83 بالمئة في قضايا الجنايات الأمر الذي يُشير إلى أنَّ الإجراءات التي تقوم بها الهيئة والمتابعة والتطوير والتحسين لأدوات التَّحقيق أصبحت تؤتي اكلها في محاربة الفساد والتعامل مع القضايا الخاصة بالفساد.
وخلال تتبع (بترا) لتقارير هيئة النزاهة تبين لها أنَّها لا تعمل بشكل عشوائي أبدًا فهي تسير وفق الاستراتيجة الأم والتي بدأت من العام 2017 – 2025، وتم انبثاق استراتيجية وطنية محدثة للنزاهة ومكافحة الفساد عنها للأعوام 2020 – 2025، وبين التقرير الخاص بالعام 2020 أنَّ هذه الاسترتيجية المحدثة منحت أهمية قصوى للوقاية الاستباقية في مكافحة الفساد والوقاية منه، وفي العام 2019 قامت الهيئة بـ 46 زيارة لمختلف القطاعات الحكومية وقدمت 604 توصيات لعملية القياس الخاص بمدى الالتزام بمعايير النزاهة.
عالميًا، عادت (بترا) لآخر 7 تقارير أصدرتها منظمة الشَّفافية الدَّولية لمؤشر مدركات الفساد الخاص ب 180 دولة حول العالم من بينها الأردن، وتبين بها أنَّ مرتبة الأردن بين عامي 2016 – 2022 كانت بين 57 – 61 أي أنَّه من بين أول 60 دولة كأكثر الدول مكافحة للفساد، ويقع على المؤشر خلف الأردن 119 دولة.
وفي العام الماضي 2022 حلَّ الأردن في المرتبة الرابعة عربيًا و61 عالميًا على سلم المؤشر الأهم عالميًا، وخلال العام 2021 حصل الاردن على المرتبة ال 58 كأكثر الدول مكافحة للفساد، وفي العام 2020 و 2019 حلَّ بالمرتبة الـ 60، وفي العام 2018 حلَّ بالمرتبة الـ 58، وعام 2017 كان في المرتبة 59، وانتهى العام 2016 في المرتبة 57.
ومن هذه النتيجة تبين لـ (بترا) أنَّ الأردن بقي على أعلى وتيرة في تطوير الإجراءات لمكافحة الفساد ما انعكس على ترتيبه العالمي في مواجهة الفساد وأنَّ عملية الكر والفر في مواجهة الفاسدين كانت تُسبِّب التأرجح القريب في مرتبة الأردن في مؤشر الفساد.
وانتقلت هيئة النَّزاهة ومكافحة الفساد لخطوات جديدة عملية وواقعية للوقاية من الفساد وبثِّ الوعي بخطورته بين المواطنين وموظفي القطاع العام، وبدأت حملات توعية متعددة حول الواسطة والرشوة ومخالفة القانون والاعتداء على المال العام، وبدأت بتطبيق مؤشر النَّزاهة الوطني والذي شمل في مرحلته الأولى 100 مؤسسة ووزارة وجهة رسمية حكومية.
السلطة القضائية وخلال عام واحد أدانت 205 أشخاص بجرائم فساد مختلفة ارتكبوها، وقرَّرت بحقهم عقوبات وصلت في بعضها إلى السَّجن أكثر من 20 عامًا، وإلزامهم بإعادة المال العام الذي حصلوا عليه بطرق غير قانونية، وفُرضت عليهم غرامات مالية بموجب القانون لتحقيق الردع العام والخاص وعدم العودة لهذه الجريمة السَّافرة.
وعَهِدَ جلالة الملك عبد الله الثاني للحكومة بإنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد، وكان هذا العهد تعبيراً عن إرادة سياسية جادة لإعلان الحرب على الفساد وتجفيف منابعه، واستنهاضاً لهمم أجهزة الدولة لمكافحته والوقاية منه بشكل مؤسسي.
وصادق الأردن على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد عام 2005 وإنشاء هيئة مستقلة فيما بعد لمكافحته، وفي العام 2006 صدر قانون هيئة مكافحة الفساد رقم (62) لعام 2006 والذي حدد أهداف الهيئة ومهامها وبيّن الأفعال التي تعد فساداً، ثم استدعت الحاجة والمعطيات الجديدة إلى إجراء تعديلين عليه، الأول كان عام 2012 وبموجب “القانون المعدل رقم 10 لسنة 2012” حيث تضمنت التعديلات الجديدة مواد قانونية خاصة بتوفير الحماية للشهود والمبلغين والخبراء في قضايا الفساد ومنح الهيئة صلاحية وقف العمل بأي عقد أو اتفاق أو امتياز تم الحصول عليه نتيجة فعل فساد، واستثنى التعديل أيضاً جرائم الفساد والعقوبات الخاصة بها من السقوط بالتقادم.
وجرى تعديل آخر بموجب القانون رقم 16 لسنة 2014 وبموجبه تمت إضافة جرائم غسل الأموال والكسب غير المشروع، وعدم الإعلان أو الإفصاح عن استثمارات أو ممتلكات أو منافع قد تؤدي إلى تعارض في المصالح وكان من شأنها تحقيق منفعة شخصية مباشرة أو غير مباشرة للممتنع عن إعلانها.
وقرَّر الأردن الاستمرار في الحرب على الفساد وشكَّل لجنة ملكية لوضع ميثاق وطني للنزاهة، وكان قانون النزاهة ومكافحة الفساد رقم 13 لسنة 2016 أحد مخرجاته وتمّ بموجبه دمج هيئة مكافحة الفساد وديوان المظالم في هيئة واحدة هي هيئة النزاهة ومكافحة الفساد للعمل على خلق بيئةٍ وطنيةٍ مناهضةٍ للفساد، ومكافحته بأشكاله كافة وتطويقه وعزله والحيلولة دون انتشاره حفاظاً على موارد الوطن وذلك من خلال العمل على تفعيل منظومة النزاهة الوطنية وترسيخ قيم النزاهة ومعايير السلوك الفردي والمؤسسي وتأهيل قيم الحوكمة الرشيدة وتعزيز سيادة القانون وإعمال مبدأ المساءلة والمحاسبة وتحقيق مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
ووفقاً لمعطيات جديدة لتفعيل عمل الهيئة وتكريس استقلاليتها وتلافي بعض الثغرات تمّ إجراء تعديلات ليخرج قانون رقم 25 لسنة 2019 كان من أبرزها تأكيد استقلالية الهيئة، وتوسيع صلاحياتها وتحصين مجلسها ومنحها حق مراقبة نمو الثروة لدى المسؤولين المشمولين في قانون الكسب غير المشروع، إضافة إلى منحها صلاحية المساهمة في استرداد الأموال المتحصلة من أفعال الفساد، وكذلك شمول موظفي المؤسسات الدولية بأحكام القانون، علاوةً على إصدار نظام خاص بحماية المبلغين والشهود والخبراء وذوي الصلة بهم.
— (بترا)