صمتك أيضاً.. “تطبيع”!
الشعب نيوز:-
زينب سلهب
يستمر العدوان الاسرائيلي على غزة، منذ أكثر من شهرين حتى اليوم، وسط دمار هائل يحدثه قصف جيش الاحتلال الاسرائيلي على القطاع، حيث تجاوز عدد الشهداء الـ20 ألفاً.
وعلى الرغم من أن الاحتلال والعدوان الاسرائيلي على فلسطين المحتلة مستمر منذ 75 عاماً، إلا أن الحرب الحالية تعد من أبشع الجرائم التي يرتكبها الاحتلال، ضد الشعب الفلسطيني المقاوم في غزة.
إلى جانب ذلك، تختلف هذه الحرب عن غيرها، لاختلاف الزمن والتطور التكنولوجي، فقد تمكنت وسائل التواصل الاجتماعي من فضح جرائم الاحتلال بشكل أكبر، مما أدى لنشر الوعي والثقافة في المجتمعات العربية والغربية، حول همجية الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين، والظلم الذي يتعرض له الشعب في المنطقة، وغزة خصوصاً.
وعليه، ساهمت وسائل التواصل بتوعية المجتمعات بضرورة مساعدة الشعب الفلسطيني وتقديم الدعم المادي والمعنوي، ونشر واسع للمعلومات على هذه الوسائل، وفضح الاحتلال ودعم القضية، عبر الوسوم والحملات الاعلامية التي أسستها بعض الجمعيات والأفراد، دعماً ونصرة لغزة.
إلا أن هذه الوسائل لم تكفِ لإحياء الضمائر الميتة، التي لم تتوانَ يوماً عن مساعدة أطفال الغرب أو أطفال أي دولة أخرى غير فلسطين المحتلة، في ظل الأزمات، فصمت العديد من المؤثرين والمعنيين بجمعيات حقوق الانسان في العالم من مشاهير وفنانين إزاء ما يحصل في غزة، ولم يقدموا على الحديث حتى عن الموضوع، ناهيك عن عدم القيام بأي خطوة لجمع التبرعات والمساعدات للشعب الفلسطيني.
البداية مع اللاعب المصري والعالمي محمد صلاح، الذي أثار صمته الرأي العام، معتبراً أن صلاح الذي لم يتأخر يوماً عن تقديم المساعدات لأهله في مصر أو للوطن العربي عموماً، كان يجب أن يكون من أكثر الناس تأثيراً في الحرب الدائرة اليوم.
لكن صلاح لم يدعم القضية منذ بداية معركة “طوفان الأقصى”، وعاد ليستدرك خطأه بعد أيام عديدة منذ بدء الحرب، لينشر مقطع فيديو على صفحته، اعتبره الناس مفبركاً، ويتضمن موقفاً رمادياً، ولا يغفر له صمته عن الحق طوال الأيام التي مضت، وخيانة للقضية الفلسطينية.
إلى جانب صلاح، لم تدعم المغنية والفنانة العالمية سيلينا غوميز الأطفال والنساء الذين يتعرضون للإبادة على يد الاحتلال الاسرائيلي في غزة، وصمتت لأيام طويلة عن الموضوع، ولم تقم بجمع أي تبرعات أو مساعدات للشعب المظلوم.
غوميز، التي لطالما عرفت بحملاتها الانسانية لدعم حقوق الانسان والأطفال خصوصاً حول العالم، والتي تخصص جزءاً كبيراً من أرباح شركتها العالمية “رير” للمساعدة في العلاج النفسي، لم تكلف نفسها بالحديث حتى عن الشعب الفلسطيني وأهل غزة تحديداً، وهي التي جعلت منصتها منبراً للتعبير عن معاناة ذوي البشرة السوداء في أميركا في وقت سابق.
وعادت المغنية العالمية لتستدرك خطأها بقولها إنها ترفض جميع أشكال العنف ضد الأطفال، ولكن الجمهور اعتبر تصريحها متأخراً.
وظهرت غوميز بعد أيام في حفل زفاف لمشهور “اسرائيلي”، مما أثار ردود الفعل تجاهها من جماهيرها في الوطن العربي، باعتبارها خطوة تعبر عن تأييدها للاحتلال الاسرائيلي.
أما العارضة العالمية فلسطينية الأصل جيجي حديد، لم تعبر عن رأيها بشكل واضح كما فعلت أختها بيلا حديد، التي بدأت حملات المساعدة للفلسطينيين مذ بدء الحرب، وعبرت علناً عن تأييدها لهم، مما أدى إلى خسارتها عقد عملها مع ماركة “ديور” العالمية.
لكن جيجي اكتفت بنشر بيان صغير، تعبر فيه عن وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني والشعب “اليهودي” أيضاً، وأنها ترفض جميع أشكال العنف ضد كل الأطراف والشعوب، مما أثار غضب المتابعين لاعتبار الحياد أيضاً جريمة!
وفيما يخص سفراء منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” حول العالم، فلم يعلنوا الدعم للشعب الفلسطيني ولم يناشدوا العالم لمساعدة الشعب الفلسطيني في غزة، كما فعلوا مع بقية أطفال وشعوب العالم.
لم تبدأ الممثلة الهندية والعالمية بريانكا تشوبرا حملة تبرعات كما تفعل عادة في الكوارث لمساعدة أطفال غزة، ولم تتكلم حتى عن الموضوع أو حتى تساهم في نشر الوعي فيما يخص القضية، مما يظهر ازدواجية المعايير لديها، حيث أنها تعتبر أن الشعب الفلسطيني والأطفال في غزة، غير معنيين بحملاتها ورسالتها للدفاع عن حقوق الانسان في العالم.
واكتفت فيما بعد بنشر خطوات عبر صفحتها على “انستغرام”، لكيفية مساعدة أطفال فلسطين وأطفال “اسرائيل”.
ومن جانبها أيضاً، لم تشارك الممثلة التركية المعروفة في الوطن العربي وبطلة مسلسل “سنوات الضياع” توبا بويوكستون، بحملة جمع التبرعات لأطفال غزة، حيث أنها اكتفت بوضع منشور يقول إن جميع الأطفال في العالم يستحقون السلام.
ازدواجية المعايير لدى بعض الفنانين والمؤثرين ليست مستغربة، ومحاولتهم التوجه نحو الحياد في القضية الفلسطينية، فالعملة النقدية لديهم أهم من أرواح الأطفال، والربح المادي على حساب دماء الشهداء هو أمر عادي، اعتاد عليه كل من يختبئ خلف الصمت، ويجهل حقيقة أن الصمت تجاه القضية، هو أيضاً “تطبيع”!