أبو نواس العاشق

العشق أعلى درجات الحب فهو الولع والتعلق، والعاشق على نفس السياق الشديد الحب، والشاعر العباسي ابو نواس الحكم بن هانئ كان بعيد الغور في الغزل كثير التهتك في شعره، إلا أن الله تعالى شاء أن يختم له بخير، فمات تائبا منيبا حسب الروايات الموثوق بها، وقد قال في شبيبته وأيام لهوه ومجونه:

طفلة خود رداح

هام قلبي في هواها

والطفلة هنا بفتح الطاء معناها الفتاة الناعمة الرقيقة الممتلئة الجسم، والجمع منها طفلات.. يقول امرؤ القيس الكندي:

تعلق قلبي طفلة عربية

تنعم في الديباج والحل والحلل

ولقد عشق أبو نواس فتاة ناعمة متناهية الحسن (خود) حسنة الخلق والخلق، شابة شغف بحبها وحل سويداء قلبه، ويتابع وصفها فيقول:

قدها أحسن قد

فسلوا من قد رآها

هذه الفتاة أحسن الناس قامة وإن شككتم في وصفي لها، فاسألوا من رآها لتتأكدوا من صدق وصفي لها، ثم يتابع قائلا:

ما براها الله إلا

فتنة حين براها

خلقت هذه الفتاة الحسناء ليفتن بها كل من شاهدها فهي عذاب وبلاء، لشدة جمالها وكمال صورتها، والجمال لله وحده، فمن يراها أعجبته ووله بها ولها شديدا (يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره)، ثم يتابع فيقول بدرجة ابداع:

تنثر الدر إذا غنت علينا شفتاها

وأرى للعود زهوا حين تحويه يداها

ربما أغضيت عنها بصري خوف سناها

هي همي ومنائي ليتني كنت مناها

وأبو نواس من افضل الشعراء المولدين مثل جرير والفرزدق في العصر الاموي. كان متكلما جدلا راوية فحلا رقيق الطبع ثابت الفهم في الكلام اللطيف وهو بعد من أشعر الناس، قال المأمون العباسي لم يصف الدنيا بمثل قول ابي نواس:

وما الناس إلا هالك وابن هالك

وذو نسب في الهالكين عريق

إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت

له عن عدو في ثياب صديق

ودمتم سالمين.