كيف يمكن لغالبية الأحزاب الوصول للمجلس النيابي وهي تفتقر للقاعدة الشعبية ؟
الشعب نيوز:-
د. محمد أبو بكر
ثمانية وثمانون ألف مؤسس في الأحزاب السياسية التي وصل عددها إلى ثمانية وثلاثين حزبا ، وهو رقم عادي جدا في الحالة الحزبية الأردنية ، والكثير من هؤلاء ليسوا أعضاء فعليين ، بل مجرّد أرقام لا تسمن ولا تغني ، والآلاف من هؤلاء المؤسسين شاهدناهم فقط مرّة واحدة في المؤتمرات التأسيسية الأولى .
نحن هنا لا ننتقص من قيمة هذه الأحزاب وأهميتها ، غير أن عدد المؤسسين لا يمكن له أن يصنع حزبا سياسيا حقيقيا قادرا على المنافسة ، وخوض الصراعات السياسية ، والتي سيكون مكانها تحت قبّة البرلمان إبتداء من المجلس القادم.
عدد المؤسسين للحزب في الأردن يبلغ ألف عضو ، في حين أنّ المواطن الإيطالي مثلا ؛ بإمكانه تشكيل حزب سياسي من عشرة أعضاء ، وفي لبنان يكفي سبعة أشخاص لتأسيس الحزب ، وهذا يعني ببساطة ضرورة أن يسعى الحزب لصناعة قادته الشعبية المؤمنة بأفكاره ومبادئه ، وإذا عجز عن ذلك ، فما عليه سوى احترام نفسه ومغادرة الحياة الحزبية ، قبل أن يكون مجبرا على ذلك .
شهد الأردن حياة حزبية فاعلة ومؤثرة في خمسينيات القرن الماضي ، فقانون الأحزاب لعام 1953 كان يتيح لعشرة أشخاص فقط بتأسيس حزب سياسي ، ورغم تواضع هذا الرقم إلّا أنّ الساحة شهدت تواجد أحزاب قوية ، كان لها التأثير البالغ في الحياة السياسية ، وتمكّنت الأحزاب من السيطرة على غالبية مقاعد البرلمان عام 1956 ، وجرى تشكيل أول وآخر حكومة حزبية في تاريخ البلاد برئاسة رئيس الحزب الإشتراكي الديمقراطي سليمان النابلسي .
غالبية الأحزاب اليوم تفتقر للقواعد الشعبية ، وهي تسعى جاهدة للوصول إلى المواطنين وإقناعهم بما لديها ، وفي اتجاه آخر تحاول استقطاب شخصيات وازنة تمتلك مثل تلك القواعد ، لذلك سيكون اعتماد الأحزاب الأردنية على تلك الشخصيات في خوض الإنتخابات النيابية القادمة ، لأنّ الإعتماد على اسم الحزب فقط قد لا يجدي نفعا ، وبالتالي بات من الضرورة البحث عمّن لديهم القدرة على خوض التنافس والوصول إلى القبة البرلمانية .
أحزاب قد لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة تبذل جهودا كبيرة بين المواطنين في مختلف أنحاء المملكة قبيل الإنتخابات ، وهذا يسجّل لها ، فمن يرغب بالحصول على جزء من الكعكة الحزبية عليه مواصلة العمل الحثيث والنشاط الدائم لتحقيق ذلك ، في الوقت الذي ما زالت الكثير من الأحزاب تواجه معاناة كبيرة في التحرّك ، لافتقارها إلى كلّ الأدوات اللازمة ، ومنها الروافع المالية ، وعدم قدرتها على التواصل مع المواطنين ، فغابت شمسها وأصابها الكسوف .