الاقتصاد المصري في مواجهة التحديات والخطوات العملية المتخذة لتحويلها الى فرص  

5٬708
الشعب نيوز:-

 

 زياد الرفاتي

في خضم التحديات والظروف الجيوسياسية التي تواجه مصر والاقتصاد واخرها  مقترح التهجير الأميركي .

 وجه رئيس الوزراء المصري الأربعاء الماضي أجهزة الدولة لوضع السيناريوهات الأكثر تشاؤما والسيناريو الأسوأ  وبدأت مصر حملة دبلوماسية خلف الكواليس لاحباط خطة ترمب بشأن غزة  والتي أعتبرها نتنياهو خطة اليوم التالي  بعد انتهاء الحرب  .

وأبلغت أميركا باستحالة تنفيذ  الخطة  وتراها تهديدا لأمنها القومي  وتتمسك باستمرار سكان غزة في الداخل  دون تهجيرهم  وترفض أي مقترح يتضمن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وتؤكد أن موقفها من تهجير سكان غزة    لن يتغير .

وتضع أمامها خيارات متعددة لمواجهة مخطط التهجير  ، تكمن فيما يلي : –

  • تعرض اتفاق السلام مع اسرائيل للخطر .
  • تستخدم ورقة الضغط الشعبي  لمواجهة الابتزاز الأميركي ، وأن الشعب سيرفض ذلك بشدة  .
  • تجري مشاورات لعقد قمة عربية طارئة لمواجهة مخطط التهجير والقيام باعادة الاعمار دون تهجير السكان ودعم اتفاق وقف اطلاق النار في غزة .
  • تسعى لعقد مؤتمر دولي لاعادة الأعمار في قطاع غزة  وأنها تمتلك رؤية لاعادة الاعمار ، وتواجه تحديات قد تعرقل جهودها لمواجهة خطة ترمب  تتمثل في  شكل الاعمار وصعوبة التمويل .

 ووفق الأمم المتحدة فان الحرب دمرت قرابة  70% من المباني في قطاع غزة .

 وقد ثمنت الرئاسة الفلسطينية مواقف الأردن ومصر والسعودية تجاه مقترح ترمب في التهجير ، فيما حذر رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية من عواقب خطة ترمب وأنها ستؤدي الى اشعال المنطقة مما عرضه للتوبيخ      من وزير الدفاع الاسرائيلي على تصريحه طالبا من ضباط الجيش عدم الادلاء بأي تصريحات حول الخطة .

 بينما أعلن وزير الدفاع الأميركي أن كل الخيارات مطروحة بشأن  مقترح السيطرة على غزة،  وسيبدأ وزير الخارجية الأميركي  في السابع عشر من الشهر الجاري جولة في المنطقة  تشمل السعودية والامارات وقطر واسرائيل  للاستماع ومناقشة أسباب الرفض العربي للخطة على ضوء ردود الفعل العربية تجاهها .

فيما أعلن ترمب الجمعة في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع رئيس الوزراء الياباني الزائر لواشنطن أنه ليس في عجلة  ولا داعي للاستعجال بشأن تنفيذ خطة غزة  واعادة اعمارها  ولم يتم دراستها قبل طرحها ، ولا نريد أن نرى سكان غزة يعودون ثم يغادرونها بعد 10 سنوات . 

مما اعتبره المراقبون تراجعا عن الخطة وسط انتقادات عربية ودولية لخطته بشأن تهجير سكان غزة  ورافضة لتفريغ القطاع من السكان  الفلسطينيين وسيطرة الولايات المتحدة على القطاع ،  وبأن الخطة غير واقعية ومخالفة للقانون الدولي وليس لها تأييد في الادارة الأميركية والكونغرس ، حتى أن وزير الخارجية الأميركي تفاجأ بها في المؤتمر الصحفي المشترك بين  ترمب ونتنياهو  الذي أعلن فيه عن الخطة ولم يعلم أو يستشر أو يناقش فيها  أحدا من ادارته أو مجلس الأمن القومي الأميركي قبل الاعلان عنها ، وأن الخطة طرحت في هذا الوقت  لتحويل الانتباه  عن المشاكل  والقضايا الداخلية  التي  تواجه  أميركا .   

وحسب تقارير اعلامية فان  هذه الخطط  الأميركية والاسرائيلية معدة سابقا وليست بالونات اختبار ، و بدائل غزة ثلاثة مناطق في أفريقيا  وهي المغرب والصومال وبونتلاند اضافة الى  تهجير 100 ألف الى ألبانيا وأندونيسيا اللتان أعلنتا عن رفضهما الاستقبال .

ويهدف ترمب  في الولاية الثانية الحالية لتحقيق انجازات سياسية واقنصادية ومالية  ليسوقها للكونغرس ولتبرر له الطلب بتعديل  الدستور الأميركي للسماح بانتخاب الرؤساء لولاية ثالثة  اذا كانت ولايتهما الأولى والثانية غير متتالية  والذي يحدد فترة ولاية الرئيس بفترتين انتخابيتين وقد استنفذهما ، وهو الرئيس الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة والذي تم انتخابه لفترتين غير متتاليتين .

 

وبموجب المادة الخامسة من الدستور الأميركي يتعين على الكونغرس الموافقة على مقترح التعديل بأغلبية الثلثين  وهو أمر غير مرجح مع الأغلبية الضيقة للحزب الجمهوري ، واذا تم تمرير التعديلات عبر الكونغرس فيجب أن توافق عليها ثلاثة أرباع الولايات على الأقل وهو أمر قد لا يحدث لأن الولايات ذات الأغلبية الديموقراطية من غير المرجح  أن تدعم منح ترمب فترة ثالثة .

وقال الجمعة  أنه يسعى لمكافحة الفساد في بلاده حيث تم تبديد تريليونات الدولارات بشكل غير مشروع  .

 وأضاف أن الفساد في الوكالة الأميركية للتنمية الادارية بلغ مستويات نادرة  وتدفع اليسار الراديكالي للجنون  ويجب اغلاقها ، وسيتم الابقاء  على 300 موظف فيها  من أصل 10 الاف  حول العالم  ،  وعلى الموظفين الفيدراليين التوجه  الى القطاع الخاص ،  و وافق 40 ألف موظف حكومي على عرض التقاعد من العمل . 

وقد أوقف القضاء الأميركي  بناء على دعوى اتحاد الموظفين الحكوميين هذا الأمر مؤقتا وكذلك أمر سحب العاملين من وظائفهم  من الوكالة لدراسة مبرراته ومسوغاته  ، ويمنع ايلون ماسك  من الوصول الى مواد حساسة في وزارة الخزانة .

  وأصدر ترمب توجيها  بمراجعة أوجه الانفاق في وزارتي الدفاع والتعليم  ، وسيعامل بالمثل كل الدول التي تفرض رسوما جمركية على الولايات المتحدة .

 كما أعلن عن منع بايدن  بصفته رئيس سابق من الاطلاع على المعلومات المصنفة سرية ، كونه لا يمكن الوثوق فيه  لأنه يعاني من ضعف الذاكرة .

وقد ساهم وقف اطلاق النار في غزة  بالنسبة لمصر ، بما يلي :- 

  • عودة الملاحة في البحر الأحمر بتوقف نزيف عائدات قناة  السويس من رسوم عبور السفن  التي تدر على مصر  في الأحوال الطبيعية بنحو 10 مليارات دولار سنويا  ، وعائدات القناة هي المستفيد الأكبر من وقف اطلاق النار في غزة  .
  • نمو القطاع الخاص المضطرد وقد وصل لأعلى وتيرة بالنمو خلال كانون الثاني الماضي منذ 50 شهرا حيث وقف اطلاق النار ينعش القطاع الخاص في مصر  ، ومعدلات نمو القطاع مرتبط بتحركات أسعار صرف الجنيه المصري أمام الدولار .
  • عودة قطاع السياحة لتحقيق عائدات أكبر .

 و قرر ترمب تجميد المساعدات الخارجية لثلاثة أشهر لأغراض مراجعة الجدوى منها مستثنيا مصر واسرائيل .

وتلقت مصر  مساعدات أميركية باجمالي مبلغ 80 مليار دولار منذ عقد اتفاقية السلام مع اسرائيل عام 1979 . وتتلقى مساعدات سنوية بقيمة  1،5 مليار دولار  تشكل 0،4% من الناتج المحلي الاجمالي المصري البالغ         400 مليار دولار عام 2023 ، ولا تعتبر مؤثرة قياسا بحجم  الاقتصاد المصري وتنوع  قطاعاته ومصادره           في حال تعرضها للابتزاز والضغوطات .

حيث تحتفظ مصر بتبادلات تجارية بمليارات الدولارات مع السعودية والكويت والامارات والعراق ، وبلغت صادراتها الى الخارج 40 مليار دولار في 2024 لأول مرة على الاطلاق  بفضل المبادرات الحكومية التي أتت بثمارها  ، وانضمت الى عضوية مجموعة بريكس في مطلع 2024 ، ولديها برنامج تصحيح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي   مبرم في 2024 بتمويل قيمته  8 مليارات دولار حصلت على أربع دفعات منه حتى الان  ، وتلقت شريحة أولى بقيمة مليار يورو من حزمة تمويل الاتحاد الأوروبي لتعزيز التنمية .

وفق صندوق النقد فان مصر نفذت الاصلاحات الرئيسية للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي  وأشاد بالاقتصاد المصري  وأن المركزي المصري تعهد بالحفاظ على نظام صرف مرن  ، ويبلغ سعر الصرف حاليا  50 جنيه مقابل الدولار .

وحقق الناتج المحلي الاجمالي نموا بنسبة 3،5% بالربع الأول من العام المالي الذي يبدأ في الأول من تشرين الأول  وهو الأسرع في ستة فصول ، وتوقعات النمو بالعام المالي الحالي تتراوح ما بين 3،6% و5،2% .

 وارتفعت الاحتياطات الأجنبية لدى البنك المركزي المصري  الى 47 مليار دولار  كما في نهاية كانون الثاني  الماضي  ،  وارتفع النقد المتداول خارج خزانة المركزي المصري الى 1،3 تريليون جنيه .

وسيبلغ  التضخم  بنهاية 2025 الى أقل من 10% بحسب توقعات الحكومة المصرية ، مقابل 24% حاليا .  

 ونما قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 7،1% بدعم الاصلاحات الاقتصادية ، وحققت السياحة  ايرادات قياسية خلال    11 شهرا  من 2024 بقيمة 14 مليار دولار  بزيادة 8% .

تعتزم  مصر تطبيق  برنامج تسهيلات تمويلية للشركات الصناعية لشراء المعدات وخطوط الانتاج بفائدة مخفضة تصل الى 13% ، وتوقيع عقد لانشاء مصنع لسيارات ”  MG   باستثمارات تصل الى 135 مليون دولار والمصنع الجديد سينتج سيارات بنسبة مكون محلي تزيد على 45% .

ويلعب قطاع التجارة الداخلية في مصر دورا مهما وتصل مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي الى 17% ، والتجارة الداخلية هي  البوابة  الرئيسية لعرض منتجات كافة القطاعات ، ويعمل تحت جهاز تنمية التجارة الداخلية الذي لديه استراتيجية لتطوير التجارة  وزيادة مساهمتها  في الناتج المحلي  و يعمل على تحفيز الاستثمار في القطاع .

نما قطاع العقارات في مصر بشكل قياسي بسبب تحرير سعر الصرف في 2024 محققا مبيعات قياسية وارباحا مليارية في ذلك العام ، و وصلت  أرباح أكبر 10 شركات مصرية الى  30 مليار جنيه في التسعة أشهر الأولى  من 2024 مقابل 13 مليار جنيه في الفترة المماثلة من 2023 ، و شهد القطاع زخما بالنصف الأول وهدوء في النصف الثاني بسبب تأثيرات الأسعار على القوة الشرائية حيث زيادات تكاليف البناء والمواد الخام تسببت في تضاعف أسعار العقارات في مصر ، والتوقعات لعام 2025 نمو أبطأ وزيادات اضافية في أسعار العقارات .

 ونجحت البورصة المصرية في تحقيق مكاسب قياسية في 2024، مستفيدة من تحسن أداء الاقتصاد الكلي وتطبيق سياسة سعر صرف مرن للجنيه ، وقفز رأس المال السوقي لأسهم الشركات المدرجة بنسبة 26% محققا مكاسب بلغت نحو 450 مليار جنيه مرتفعا من مستوى 1،72 تريليون جنيه في بداية تعاملات 2024 الى نحو 2،17 تريليون جنيه بنهاية العام ، وتدرس الحكومة المصرية الغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة.  

 وحسب  الحكومة المصرية  فانها ستطرح للخصخصة 10 شركات مملوكة للدولة خلال 2025 ، ولن تكرر الأخطاء السابقة المرتبطة بتثبيت سعر الصرف ، ولن تتخذ قرارات قد تضيف أعباء مالية على المواطنين ، وتدرس اقرار حزمة اجتماعية جديدة سيتم الاعلان عنها فور الوصول الى تصور نهائي  وتتطلع للتحول  من الدعم العيني الى النقدي  في العام المالي الحالي  حيث يحصل 60 مليون نسمة من السكان على الدعم ، وشكلت مجموعة وزارية لريادة الأعمال ،  واعلانها  أنه لا يوجد داع لمحفزات استثمارية جديدة وتعمل على الغاء المعوقات وقد حققت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة  10 مليارات دولار في 2023 واستهدفت 15 مليار دولار في 2024، وأنها  لا تتدخل في سعر صرف الجنيه . وقد ضخت 10 مليارات جنيه في هيئة الأدوية لتوفير عدد من الأدوية في الأسواق ، وتستهدف جذب 30 مليون سائح بحلول العام 2030 والقطاع السياحي لا يزال قويا وقد وصل عدد السواح القادمين لمصر الى 9 ملايين سائح في 2024 .

 وفي جانب  العمالة في الخارج  التي يتجاوز عددها 11 مليون عامل  تشكل ما يقارب 10% من سكان مصر ، فان  الوجهات الرئيسية للعاملين  وفق المجلس القومي المصري للسياسات تتركز في السعودية والكويت والامارات والأردن ، وتشهد  حوالات العاملين في الخارج نموا ووصلت الى نحو 25 مليار دولار في 2024 .

وفي مجال استقبال اللاجئين ، وحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فان مصر أصبحت أكبر دولة مستضيفة للاجئين السودانيين جراء الحرب الأهلية حيث تستضيف ما يقارب أربعة  ملايين لاجئ ، اضافة الى نحو 1،5 مليون سوري  .

وفي مجال الضرائب ، قررت مصلحة الضرائب المصرية وضع حد أقصى لغرامات التأخير لا يتجاوز أصل الضريبة حيث  بعض غرامات الضريبة تجاوزت أربعة  أضعاف أصل الضريبة  ازالة للمعوقات  وتدرس بعض المطالب الضريبية للمستثمرين ومجتمع الأعمال ،  وتستعد لاطلاق وثيقة السياسات الضريبية لمصر حتى عام 2030 وحزمة الاصلاحات الضريبية لا تهدف حاليا الى زيادة  الحصيلة الضريبية ، وتسعى لدعم الشركات الصغيرة  والناشئة من خلال الحوافز الضريبية الجديدة  كضريبة القيمة المضافة والدخل والدمغة  وتسهيلات ضريبية  لتعزيز العلاقة مع المستثمرين ، وطرح منظومة ضريبية متكاملة للشركات التي لا تتجاوز أعمالها 15 مليون جنيه سنويا .

وحسب  اتحاد مستثمري المشروعات الصغيرة في مصر  فان هناك جهات متعددة مسؤولة عن المشروعات الصغيرة ولا بد  من جهة واحدة تتولى دعم المشروعات الصغيرة ، والحكومة المصرية الجديدة وضعت الصناعة على قائمة الأولويات ، وعدم اغلاق المصانع الا بقرار وزاري بهدف طمأنة المستثمرين وبعض الجهات أفرطت في عمليات التفتيش على المنشات الصناعية ، والقرارات الحكومية المتخذة هدفها تشجيع المستثمرين الصناعيين ومعدلات الفائدة الحالية لا تشجع على الاستثمار الصناعي ويأمل بتجديد دعم الصناعة بفائدة 15% .

وفي مجال التأمين ، فان شركات اعادة التأمين المصرية أصبحت أكثر تحفظا في تأمين أخطار الحروب .

وبتوجيهات رئاسية  تسعى مصر لسداد مستحقات شركات البترول الأجنبية ويبلغ اجمالي المستحقات خمسة مليارات دولار بنهاية 2024 ،  وذلك لتحقيق أهداف تحفيز الانتاج وتلبية احتياجات السوق المحلية من المواد البترولية وتقليص فاتورة الاستيراد الشهرية وجذب استثمارات جديدة بمجالي البترول والغاز .

 

 ووقعت عقودا للتحوط  من تقلبات أسعار المنتجات البترولية بسبب التوترات الجيوسياسية ، وتسعى لرفع أنتاج  النفط والغاز وهناك خطة مصرية  لزيادة معدلات انتاج النفط حتى 2030 .

 تبلغ اجمالي الاستثمارات  القائمة  في مجالي النفط والغاز  17 مليار دولار ، وتستهدف  في 2025 استثمارات جديدة بقيمة  7،5 مليار دولار  ، وزيادة انتاج الغاز بنسبة 14% ،  وتوقعات لانتاج 540 ألف برميل يوميا من النفط  في الربعين الثاني والثالث ،  وطرح مزايدات في  12 منطقة  بالبحر المتوسط  والدلتا  ، وتعتزم مواصلة استيراد الغاز المسال من الخارج حتى 2030  .

وقد استأجرت سفينة تغوير ثالثة  لتصل في حزيران المقبل  لتلبية الاحتياجات المحلية وستزود هذه السفينة مصر والأردن بالغاز  خلال  صيف 2025 ، ووقعت اتفاقا مع الأردن لاستغلال البنى التحتية للغاز بمصر .

 

 

 

قد يعجبك ايضا