رسائل متبادلة بين الملك وترامب..، غزة مفتاح السلام لشرق عربي مزدهر كريستين حنا نصر

4٬183
الشعب نيوز:-

أثناء الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب، وقبل فوزه برئاسة الولايات المتحدة الامريكية و وصوله للبيت الأبيض، أكد خلال اجتماعاته في جولاته الانتخابية مع الجالية العربية في أمريكا، خاصة مع الجالية العربية في ولاية ميشيغان، أنه سيسعى جاهداً الى احلال السلام والأمن وتحقيق الانتعاش الاقتصادي في منطقة الشرق العربي، خاصة فيما يتعلق بوقف الحرب وحل الازمة في كل من غزة ولبنان وسوريا، وبالطبع اضافة لخطته تجاه الازمات الدولية الاخرى، وبالتالي يلاحظ أن رؤيته تجاه منطقة الشرق العربي وعلى وجه الخصوص غزة وشعبها مرتبطة بأهمية موقعها الاستراتيجي والجيوسياسي، والنظر لغزة كمشروع عقاري مستقبلي لدونالد ترامب ، وأن امريكا سوف تُسيطر على قطاع غزة الاستراتيجي دون العودة لتاريخ طويل من الصراع الدموي في غزة بل الانتقال لمرحلة جديدة عنوانها اعمار غزة، ولا شك أن لغزة أيضاً موقع متميز لوجود حقول الغاز الطبيعي على سواحل البحر الابيض المتوسط، اضافة لاهمية الممرات التجارية المرتبطة بها ، فهي صلة وصل استراتيجية مهمة بين آسيا و أفريقيا ، ومن جهة أخرى بينها وبين الشرق الأوسط وأوروبا.
وهذا الممر والربط التجاري والنقل البحري بين اسيا و أوروبا عبر بلدان الشرق الاوسط، متعلق بالممر الجديد الى الهند، والذي من المتوقع أن تكون له منافسة مع ما يُعرف بطريق الحزام الصيني ، كذلك هناك مؤشرات تتعلق بتطوير حقل الغاز مارين البحري (وهو أول حقل اكتشف في مياه شرق المتوسط في نهاية تسعينات القرن الماضي، قبل حقول الغاز المصرية والإسرائيلية)، والذي يقع على بُعد 5 كيلومترات عن غزة وتحديداً ساحلها داخل البحر الابيض، وهذا الموقع الاستراتيجي يشكل محط اهتمام الشركات الاستثمارية للتطوير العقاري والمعنية لاحقاً باعادة اعمار غزة، ومشاريع الريفيرا الجديدة على ساحل البحر الابيض المتوسط، وأفكار أخرى طرحت حولها بما فيها أفكار جارد كوشنر وفكرة اقامة منتجع ساحلي دولي على سواحل غزة، وكل هذه العوامل مجتمعة تُفسر إهتمام ترامب باعادة اعمار غزة المدمرة وترحيل أهل غزة المهجرين بعد تهديم بيوتهم الى مصر والاردن ودول أخرى، حيث يقترح ترامب ارسال نصف مليون من سكان غزة الى الاردن ، ومليون ونصف الى مصر في منطقة سيناء المجاورة لغزة، وبرزت هذه الرؤية بشكل خاص بعد السابع من اكتوبر وما أعقبها من تطورات الصراع بين حركة حماس واسرائيل في قطاع غزة، والذي بات واضحاً على اثره حدوث الدمار الهائل الذي عصف بغزة ، وهجر وشرد وقتل الكثير جراء الحرب العسكرية الطاحنة.
ومؤخراً وتحديداً في مساء 11 شباط من هذا العام ، كان لقاء قمة بين الرئيس الامريكي ترامب والعاهل الاردني جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين وولي عهده صاحب السمو الملكي الامير الحسين بن عبد الله الثاني حفظهما الله، وكان هذا الاجتماع يُنقل مباشرة على قناة فوكس نيوز ( Fox News)، واكد الرئيس ترامب خلال اللقاء على اهمية العلاقة التاريخية المتينة بين الاردن والولايات المتحدة الامريكية ، مؤكداً أيضاً أن جلالة الملك قائد عظيم يعمل عمل عظيم لشعبه الاردني، كما اشار ترامب أن موضوع التهجير بالنسبة له أمر مستقل لن يؤثر على العلاقة الراسخة مع الاردن، بما في ذلك المساعدات الاقتصادية الامريكية للأردن، وذلك لكون الملك عبد الله الثاني ذكر عدة مرات موقفه الراسخ والواضح ( لا للتهجير، ولا للوطن البديل، والاردن أولاً)، وهذا كان بارزاً وجلياً في تصريحات جلالة الملك عبد الله الثاني خلال اللقاء، وبشكل ظهرت معه الاهمية والحكنة الدبلوماسية لجلالته في رده على الاسئلة التي وجهت لجلالته والرئيس ترامب من قبل الصحفيين من مختلف وسائل الاعلام العالمية، حيث جرى نقل مجريات وتفاصيل ذلك مباشرة على القناة التلفزيونية الامريكية ، وقد صرح جلالته وبكل دبلوماسية ووضوح ، أنه وبالرغم من التحديات الجمّة التي تعصف بمنطقة الشرق العربي ، الا أن جلالته يرى بوادر ضوء وبريق أمل لمستقبل هذه المنطقة من أجل الوصول الى السلام والاستقرار والانتعاش الاقتصادي للجميع، وسيحرص جلالته على العمل الدؤوب والتعاون مع الرئيس ترامب للوصول الى هذه الاهداف في منطقتنا .
واثناء اللقاء أكد الرئيس ترامب وبعد سؤاله عن موضوع الضفة الغربية، انه سيعمل على حل العُقدة والمضي قدماً لتحقيق الافضل، وخلال اللقاء صرح جلالته أن القرار الاخير سوف يكون بعد اجتماع الدول العربية بما فيها مصر والسعودية وولي عهدها الامير محمد بن سلمان، من أجل الوصول لاتفاق عربي مشترك وموحد بعد اجتماع الرياض، الى جانب ذلك كله وبشكل دبلوماسي ، صرح جلالته بأن مصالح امريكا في المنطقة ستأخذ في الاعتبار، مؤكداً جلالته وبشكل قطعي على المصلحة العليا للشعب الأردني وشدد جلالته على مسالة مهمة وهي أن مصلحة الاردن واستقراره وحماية شعبه بالنسبة له هي فوق كل الاعتبارات ، وفي الوقت نفسه أكد جلالته أيضاً وفي سياق هذه القمة الدولية التي جمعته بالرئيس ترامب على دعمه لأهالي غزة، معلناً سعيه نحو توفير العلاج لحوالي ألفين طفل من قطاع غزة من المرضى بالسرطان وامراض واصابات أخرى، وذلك لهدف اغاثي انساني هو علاجهم وتوفير الرعاية الصحية لهم، ولا شك أن هذه اللفتة الهاشمية الانسانية كانت مفاجئة للرئيس ترامب، الذي ثمن بدوره هذه اللفتة الانسانية وقدر هذا الموقف النبيل لجلالة الملك تجاه أطفال غزة ، وصرح ترامب بتعليقه على ذلك بكلمة Fantastic اعجابا وتقديرا بالغاً لهذا الخلق والمبادرة الانسانية الهاشمية.
وفي الاجتماع ايضاً اكد الرئيس ترامب على انه سوف يكون هناك تقدم في الحلول مع الاردن ومصر والسعودية بالنسبة لملف وموضوع غزة ، وانه موضوعاً ليس بالصعب في النهاية، خاصة مع وجود امريكا المسيطر على هذه الرقعة الكبيرة من الارض في غزة ، والتي يرى ترامب في سيطرتها وقوتها امكانية في ان تؤدي في النهاية للسلام والاستقرار، الذي سيكون لأول مرة في الشرق العربي وبعد سنوات طويلة من الحروب والتهجير في غزة المدمرة، وهذا السلام من شأنه توفير الحياة لشعب غزة ومناخ يتصف بالامان وبدون وجود لحروب أو قتل أو نزوح، والذي غالباً كان يتكرر في كل عشرة سنوات بسبب تجدد المواجهات المتكررة، ومن وجهة نظر ترامب ان هذه المقترحات ضامن لاهل غزة للعيش في منازل جديدة وأماكن آمنة لهم، ومن دون حالة حروب وقتال وتهجير وتهديد بتشريدهم من حركة حماس كما يرى وصرح ترامب .
وفي رده على سؤال وجه له ، قال ترامب مؤكداً أنه لن يشتري غزة بل سيحافظ عليها وسيكون فيها سلام، والاهم النجاح في ادارتها واقامة المشاريع الاقتصادية فيها على نطاق كبير الحجم في هذه الرقعة من الأرض، وستشمل بناء الفنادق والمساكن والمكاتب والمشاريع الضخمة المتنوعة ، وبالتالي فان النتيجة هي توفر السلام في منطقة الشرق العربي، مؤكدا ترامب ان عملية اعادة الاعمار في غزة ستكون سريعة ولن تأخذ وقتاً طويلاً ، موضحاً أنه وحتى يتم الاعمار سيكون الحل وبشكل مؤقت أخذ مساحة من الارض في مصر والاردن وربما مناطق اخرى وذلك باعتبار ان غزة حالياً حسب رأية هي مصائد للقتل، وحتماً سوف يكونون في مناطق هي أفضل لهم وبشكل أحسن من واقعهم المأساوي الآن ، وفي الوقت نفسه وضمن هذه المقترحات يؤكد ترامب أنه لن يكون هناك اي تهديد موجه الى مصر والاردن حتى الوصول الى حل ، بل ان العلاقات الامريكية المتبادلة العميقة تتجاوز كل ذلك ، وان امريكا ستدفع مبالغ ضخمة للاردن ومصر كمساعدات ، الى جانب وجود عدة دول ترغب في المساعدة والتعاون دعما للفلسطينيين، موضحاً ترامب وفي تعليقه على الصراعات الدولية أنه لو كان موجوداً على الحكم والادارة الامريكة لما كانت الصراعات والازمات الحالية قائمة بما فيها احداث السابع من اكتوبر والحرب الاوكرانية الروسية والذي يعتقد ايضاً ان هناك بوادر ايجابية في هذا الملف أيضاً، وفي ختام اللقاء اكد جلالة الملك أن القرار الأخير سيكون بعد المفاوضات والاجتماع مع مصر والدول العربية فهو قرار عربي جماعي، كما أن هناك اهتمام من دول أوروبية، باعتبارهم مهتمين أيضاً بمساعدة أطفال غزة .
ان محصلة موقف ونظرة ترامب هي أن غزة سوف يتم اعمارها من جديد ، وسيكون ذلك بالتعاون من الدول العربية، وذلك بالطبع مرتبط باهميتها الاستراتيجية على البحر الابيض المتوسط ، فالسلام والاستقرار سيكون حاضراً فيها مستقبلاً وسيكون حل ازمتها عامل مساعد في التشجيع على احلال السلام في منطقة الشرق العربي، ومحصلة نظرة ورؤية جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين أن غزة وبالرغم من بُعدها جغرافيا عن الأردن، الا أنها من اهتمامات جلالته الساعية لايجاد السلام فيها وفي المنطقة خاصة أنه قائد وزعيم عربي محوري واساسي في جهود احلال السلام والاستقرار في المنطقة، لذلك تأتي اهمية مباحثات جلالته مع ترامب للبحث عن سبل لحل مُعضلة السلام بشكل عام، وما يجري في غزة بشكل خاص، وكرر جلالته أن الاردن ضد تهجير الشعب الفلسطيني من الضفة الغربية وغزة وهذا موقف عربي متفق عليه وان اعادة اعمار غزة سيكون بدون تهجير أهلها والمقدر عددهم باكثر من مليونين نسمة ، وهي مسألة جوهرية يجب ان يلتزم الجميع بها .
واليوم يستعد الشعب الاردني لاستقبال جلالة الملك عبد الله الثاني العائد الى وطنه وشعبه من زيارته الى الولايات المتحدة الامريكية، هذا الشعب الاصيل الذي يلتف حوله ويقف صفاً واحداً خلف قيادة جلالته، وما تزال الدعوات الشعبية لهذا الاستقبال متواصلة تعبيراً وتأييداً لمواقف جلالته رجل السلام المميز .

قد يعجبك ايضا