
“الثعلبة السياسية” في الأردن!
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –
قبل سنوات، وتحديدا في 20 مارس 2013، وأمام قيادات الأحزاب السياسية الأردنية وخلال لقاء مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، نحت رئيس الوزراء الأسبق عبدالله النسور مصطلحات جديدا : المرحلة الجديدة بحاجة إلى صفحة نظيفة لا علاقة لها بـ” الثعلبة السياسية”.
بعد هذه السنوات ثبت فعلا أن المرحلة التي نعيشها لا تحتاج إلى “الثعلبة السياسية” بل إلى الوضوح والمكاشفة، لأن حجم القلق والارتباك الذي تمر به المؤسسة الرسمية حيال تفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد، وفي المحيط العربي، ظاهر للعيان، وبدأ يطفو على السطح بكل وضوح.
والقلق في كيفية ترتيب البيت الداخلي بما يتوافق مع استمرار النهج المحافظ ذاته والسياسات الاقتصادية نفسها، من دون تقديم أي استحقاق ضروري يذكر، بضاعة لم يعد أحد يشتريها.
فالتصدي للمديونية وعجز الموازنة لا يكون حسب الإجراءات الرسمية، إلا برفع أسعار المواد الأساسية، التي لا يستغني عنها المواطنون، مثل مواد الوقود والكهرباء والمياه، وربما الطحين، وما يتبع كل ذلك من توالي الارتفاعات على المواد الاستهلاكية، وبعد كل هذه القرارات تجاوزت المديونية الأردنية الخطوط الحمر وهي في طريقها إلى أن تصل إلى أكثر من 110 % من النتاج المحلي الإجمالي، حيث تضاعفت المديونية في الفترة الزمنية من استلام حكومة الدكتور عبد الله النسور إلى الحالية ( من 16,5 مليار دينار الى 45 مليار دينار).
لقد فات وقت طويل، أصرت فيه المؤسسات الرسمية على عدم الاستجابة لإصلاحات جادة وشاملة للمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهذا هو الطريق الوحيد المضاء للخروج من ظلمة أزمات الفقر والاحتقان السياسي وغياب المشاركة الشعبية في صنع القرار.
الغريب انه برغم المتغيرات كلها التي وقعت وتقع يوميا داخل البلاد وفي المحيط العربي، إلا أن هناك إصرارًا على عدم التعامل مع استحقاقاتها، لا بل يُلتَف عليها بإحكام القبضة المركزية على مفاصل الحياة السياسية كلها.
عدم النظر الى التداعيات الاجتماعية لارتفاعات الأسعار، وعدم الالتفات إلى معالجات وطنية جادة لأزمة المديونية والعجز مثل إعادة النظر في خصخصة قطاع النفط، وتغيير أنظمة البناء لاستخدام الطاقة الشمسية، وملاحقة تحصيل الضرائب، يفتح خزائن الفوضى واليأس من إصلاح الأوضاع في البلاد، ويؤثر في استقرار البلاد، والسير بها الى مسارات خطرة.
الملحوظة البارزة في شكل الحكومات الأردنية أنها تشيخ مبكرا، واضطر الرئيس الحالي أن يتراجع عن قرارات سابقة في رسوم المركبات، بعد أن شعر بحجم الغضب في صدور الأردنيين، ومع كل هذا، إلا أن حجم التفاؤل بالتغيير في العقلية التي تدار بها السياسات الرسمية في أدنى مستوياته، لأن التجارب السابقة قاسية، والحكومات في السنوات الأخيرة كانت بلا دسم سياسي، ولا يتعدى دورها تصريف وإدارة أعمال الدولة.
لن نتجاوز المرحلة الحالية إلى بر الأمان من دون استراتيجية إصلاحية شاملة في برنامج الحكومة، وعقل الدولة، وإنجاح حوار وطني اقتصادي، ينتشل البلاد من أزماتها الخانقة ويحررها من شروط أدوات الرأسمالية العالمية، وإملاءات صندوق النقد والبنك الدُّوليين.
الدايم الله…