
مواطنون مهددون بفقدان أراضيهم بفعل ضريبة جديدة تثير الجدل
الشعب نيوز:-
ثغرات قانونية وازدواج ضريبي تربكان النظام العقاري وتثير مخاوف المواطنين
تعريفات فضفاضة تطال الأراضي خارج التنظيم وغياب الإعفاءات يفتح باب التمييز
الشعب نيوز – تقرير خاص
يترقّب الشارع الأردني بحذر مناقشات مجلس النواب المرتقبة حول مشروع قانون ضريبة الأراضي لسنة 2025، في وقت تعيش فيه المملكة أزمة اقتصادية خانقة وتراجعاً حاداً في القدرة الشرائية للمواطنين، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول التوقيت والأثر المحتمل لهذا التشريع.
الحكومة تروّج للمشروع تحت شعار “تعزيز التنمية الحضرية” و”مكافحة الاكتناز العقاري”، إلا أن القراءة الدقيقة لبنوده تكشف عن تداعيات اقتصادية واجتماعية قد تكون جسيمة، ليس فقط على مالكي الأراضي، بل على مجمل قطاع العقار، الذي يُعدّ من الركائز الاقتصادية الحيوية في البلاد.
ضريبة باهظة دون مراعاة الواقع
ينص القانون المقترح على فرض ضريبة سنوية على الأراضي غير المستغلة الواقعة ضمن حدود التنظيم، دون الأخذ بعين الاعتبار توفر البنية التحتية أو إمكانية البناء الفعلية. وتشير تقديرات أولية إلى أن قيمة الضريبة قد تتراوح بين 3 إلى 10 دنانير للمتر المربع، ما يعني أن صاحب دونم واحد قد يجد نفسه مضطراً لدفع ما بين 3,000 إلى 10,000 دينار سنويًا، وهو عبء لا يقوى عليه غالبية المواطنين الذين يحتفظون بهذه الأراضي للسكن المستقبلي أو كميراث عائلي.
مناطق غير مهيأة.. وعقوبة غير مستحقة
رغم أن القانون يأتي بعنوان “الإصلاح العمراني”، إلا أن واقع الأراضي المشمولة يكشف أن الكثير منها غير مهيأ للبناء، سواء بسبب غياب التنظيم التفصيلي، أو انعدام شبكات البنية التحتية الأساسية. وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن الضريبة تحوّلت إلى “عقوبة مالية” يتحملها المواطن نتيجة قصور التخطيط وليس تقاعسه عن الاستثمار.
بيع قسري وانهيار متوقع للأسعار
خبراء في العقار حذروا من أن فرض هذه الضريبة قد يدفع شريحة كبيرة من المواطنين نحو البيع القسري لأراضيهم، ما يهدد بانخفاض حاد في أسعار الأراضي قد يصل إلى 30% في بعض المناطق، وسط مخاوف من انهيار القيمة السوقية لأصول لطالما كانت ملاذًا آمنًا للمدخرات الأسرية.
قطاع عقاري على حافة الركود
القطاع العقاري يعاني أصلاً من ركود ممتد منذ أكثر من سبع سنوات. وبدلاً من تقديم حوافز لضخ دماء جديدة في السوق، يأتي مشروع القانون ليُثقل كاهل المطوّرين والمواطنين على حد سواء، ويهدد بتراجع إضافي في نشاط المقاولات والمكاتب الهندسية، وانكماش قطاع التمويل العقاري، ما قد يؤدي إلى تراجع في فرص العمل وزيادة في معدلات البطالة.
ثغرات دستورية وتعريفات مقلقة
أوساط قانونية وصفت مشروع القانون بأنه يتعارض مع روح الدستور ورؤية التحديث الاقتصادي، مشيرة إلى أن المادة (21) تمنح وزير الإدارة المحلية صلاحيات تتجاوز الإطار الدستوري، كما أن تعريف “الأرض” في المشروع يمتد ليشمل كل الأملاك داخل حدود البلديات، سواء كانت داخل التنظيم أو خارجه، ما يعني توسعاً غير مبرر في قاعدة المكلفين.
كما انتقدت الأوساط ذاتها طريقة تطبيق القانون من تاريخ نشره، ما يخلق إرباكاً محاسبياً في ظل اختلاف التعريفات المعتمدة للسنة الضريبية، خاصة في حالات الملكيات المشتركة أو ملكيات المغتربين.
ازدواج ضريبي وغياب العدالة
من أبرز التحفظات المطروحة أيضاً ما يتعلق بازدواجية الضريبة، حيث يمكن أن تطال المالك، أو المنتفع، أو المستثمر، وحتى المستأجر، ما يفتح الباب لتعقيدات قانونية غير مسبوقة. كما خلا القانون من أية إعفاءات تشمل الأراضي الزراعية، أو مشاريع الإسكان، أو الأراضي الوقفية، أو حتى تلك ذات الطابع التراثي والتاريخي.
أسئلة مشروعة عن التنفيذ والمساءلة
مشروع القانون يفرض على البلديات تنفيذ مسح ميداني دقيق، وسط تساؤلات عن جاهزية الكوادر الفنية وقدرة البلديات على القيام بذلك باستخدام أدوات تقليدية، بعيدًا عن البنية التكنولوجية التي تتطلبها العملية.
الأوساط القانونية أعربت كذلك عن استيائها من آلية الاعتراض المنصوص عليها، حيث تقتصر على تشكيل لجان من ثلاثة إلى خمسة أشخاص، وتُمنح مرة واحدة فقط، ما قد يُعدّ انتقاصاً من حق الملكية ويُكرّس حالات التعسف الإداري.
دعوات للتجميد والحوار الوطني
أمام هذا المشهد المعقد، تعلو الأصوات المطالبة بتجميد مناقشة مشروع القانون، وإخضاعه لحوار وطني شامل يوازن بين ضرورات الإصلاح العمراني، وحقوق المواطنين، ومتطلبات التنمية المتوازنة. فالقانون، بحسب مختصين، لا ينبغي أن يتحوّل إلى وسيلة “إفقار منهجي”، تمسّ العلاقة المتجذرة بين الأردني وأرضه، بل يجب أن يكون أداة لتنظيم وتنمية لا لتجريد الناس من ممتلكاتهم.