بيان حماس وأوراق الإخوان المبعثرة !! محمد حسن التل

الشعب نيوز:-

 

هل تخلت حماس عن أحد بنود ميثاق تأسيسها بعدم التدخل بشؤون الدول العربية وأن عملها يكون فقط على الساحة الفلسطينية عندما أصدرت بيانا تطالب من خلاله الأردن بالإفراج الفوري عن المعتقلين المتورطين بأعمال محظورة تهدد الأمن الوطني ،
و هل جاء البيان كخطوة استباقية بإيحاء من الإخوان المسلمين للإجراءات القانونية التي ربما ستقوم بها الحكومة إزاءهم لتورط مجموعة منهم بأعمال تخل بالنظام العام
و تهدد الأمن الوطني..

لم تمارس حماس هذا السلوك تاريخيا مع غير الأردن فلماذا تحاول التحرش اليوم بسيادة الدولة الأردنية بطريقة تستفز الأردنيين وتثير تساؤلاتهم ، هل كانت حماس على علم بما يخطط له على الساحة الأردنية ايضا ماهية علاقتها بتنظيم الإخوان المسلمين في الأردن الذي أعلنت هي والتنظيم نفسه البراءة من بعضهما مئات المرات أم أن مصلحتهما تتقاطع على الساحة الأردنية؟!!
الأخوان عندما يدعون أن السلاح الذي كان يصنع في عمان موجه إلى الضفة الغربية وهذا تعريض صريح الأردن الى الخطر في زمن تعلو به اسرائيل في المنطقة وتفعل ما تريد وتجتاح محيط فلسطين وتستبيح لبنان وسوريا دون رادع وحلفاؤها في العالم يقولون أن من حقها أن تدافع عن نفسها ،ناهيك أن هذا العمل بحد ذاته تجاوز على القانون وسيادة الدولة.. وفي هذا المجال يذكر التاريخ أن الشيخ حسن البنا عندما أراد ان يشارك الإخوان في حرب ١٩٤٨ لم يقدم على أي خطوة في هذا الصدد إلا بعد موافقة الدولة المصرية وتحت عينها..
موقف حماس يشير إلى إن العلة التي أصابت الإخوان المسلمين من حالة عدم التوازن وإستعداء الأخر والتشكيك به دائما على اساس أن الحقيقة لا يملكها غيرهم
بعد أن وصل لقيادة التنظيم عناصر متوترة لا خبرة لها في السياسة ولا تتقن إلا اتهام الآخرين ، وانها وحدها من حقها الوصاية على البلاد والعباد قد أصابت حماس بعد أن غابت قياداتها التاريخية وظهرت شخصيات أغلبها لا تملك أي خبرة في السياسة، ومن الواضح أيضا أنها لم تقرأ تاريخ الحركة حين كانت متوازنة بعلاقتها مع الدول العربية وكيف أن الأردن في عصر حرج كان الملاذ الآمن للحركة حتى تعارض وجودها على أرضه مع المصلحة الوطنية العليا.. على كل حال الأردن لم يتعامل مع فلسطين وقضيتها من خلال فصائل وابتعد عن تناحرها وظل يتعامل مع القضية كقضية شعب شقيق يتعرض للظلم..
إذا كان الإخوان المسلمون خلف بيان حماس ساعتها يكونون بالفعل قد بعثروا أوراقهم وغرقوا أكثر في سوء التقدير ومحاولة الخروج من المأزق الذي وضعوا أنفسهم به نتيجة إصرارهم على الوقوف في المساحة الرمادية من الأحداث الأخيرة في البلاد .

ففي لحظة إقليمية بالغة الحساسية، تتجلى فيها التحديات الأمنية على نحو غير مسبوق، ووسط تمترس دولي وإقليمي يعصف بالمواقف ومراكز القرار، يتخذ الإخوان مواقف لا تنسجم مع منطق المصلحة الوطنية تحت شعارات بظاهرها دعم غزة وحقيقتها تحاول حرف البوصلة الوطنية عن مسارها، وتجييش الشارع بطريقة لا تخلو من المراهنة على الفوضى.

ما جرى في الأيام الأخيرة من تحركات للإخوان، لا يمكن عزله كما أشرت عن حالة الارتباك الداخلي التي تضرب التنظيم. فمنذ أن تصدّر المشهد قادة مرتبطون بأجندات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، والجماعة تسير نحو مزيد من الإنفصال عن الواقع الأردني، بل والانقلاب على ثوابت العلاقة التي كانت تربطها بالدولة منذ خمسينيات القرن الماضي، حيث فتحت لها الدولة أبواب الفعل المجتمعي والتربوي والدعوي مع العلم أن كثير من الباحثين يقولون أن الموقف الذي يتغنى به الاخوان في أحداث خمسينات القرن الماضي ظاهره إلى جانب الدولة وباطنه تغطشا لمواجهة المد القومي واليساري أنذاك كماأن موقفهم في أحداث السبعينات من القرن الماضي المحايد تحت عنوان عدم
التورط بقتال الأخوة كان انتظارا لما تكون الغلبة حتى يحددوا موقهم.. قبل أن تنقلب الجماعة على ذاتها، وتغرق في السياسة، وتنحرف عن أصل رسالتها.

اليوم، لم تعد الجماعة تلك التي عرفها الأردنيون. أصبحت متشظّية، تيارات تتنازعها الولاءات، وتتنافس على منبر التحريض . تُمارس الاستفزاز بعيدا عن المعارضة الواقعية، تهاجم كل من يخالفها، وتشهر أدوات الإسكات الإلكترونية لكل صوت حر، لا يساير خطابها المتوتر. أسوأ ما في المشهد، أنها تستغل اللحظة الفلسطينية، وتتخذ من دماء أهل غزة معبرًا ربما لتحقيق أحلامها، متجاهلة أن الأردن، الدولة الأقرب لقضية فلسطين، لا يقبل أن تُستباح ساحته بذريعة فلسطين ولا الشعب الفلسطيني يقبل بذلك ، ولا يرضى كذلك أن يُغدر بأمنه في مرحلة فيها إسرائيل جاهزة بأي لحظة بالاعتداء على أي جزء في محيطها..

المشكلة الحقيقية أن قيادة الجماعة المنحلة بمقتضى القانون ، أرادت أن تمارس “البطولة” في لحظة لا يحتملها الأردن، خاصة بعد انكشاف المخطط الإرهابي الأخير، الذي استهدف السلم وإن هذه الأفعال تُغذى بخطابات التحريض، وتُشرعنها المواقف المنفلتة التي تتعامل مع أمن الأردن كمساحة للتجريب.

الدولة عاملت الجماعة بمنطق الصبر السياسي،والجماعة تدرك تمامًا أن العالم يضغط باتجاه تصنيفها إرهابية، وأن كثيرًا من دول الإقليم لم تعد ترى فيها إلا تهديدًا. ومع ذلك، لا تزال الدولة تتعامل بحكمة، بدليل وجود 31 نائبًا محسوبين على الجماعة في البرلمان الحالي، وهو ما لم يكن ليحدث في بيئة سياسية تُقصي الإخوان، بل في دولة تحترم التنوع السياسي وتراهن على أن الخلاف لصالح
الوطن مطلوب

لكن الجماعة، للأسف، لم تبادل الدولة بحسن النوايا، بل تستثمر لحظة الفوضى الإقليمية لتعيد إنتاج خطاب يتقاطع مع مشاريع دولية عابرة للحدود، وتناور في المساحات الرمادية التي جعلت مواقفها ملتبسة..

نقولها بوضوح إن أي حزب أو جماعة ، لايمكن لأي منها مكاسرة الدولة ، فالأردن دولةٌ تأسست على التوازن،
لكنها لا تتردد حين تمسّ سيادتها، ولا تتهاون مع من يعبث بأمنها تحت أي شعار…
اخيراهل يستطيع الإخوان لملمة أوراقهم من جديد بعد أن بعثروها بأنفسهم أم أن اللحظة الوطنية فاتتهم..
رحم الله محمد عبدالرحمن خليفة النسور وعبداللطيف عربيات واسحق الفرحان وزياد ابو غنيمة وأحمد الأزايدة وغير هذه القامات الدعوية الذين كانوا يعتبرون جماعة الأخوان المسلمين جماعة وطنية حزء من النسيج الوطني الأردني لا يمكن السماح أن تكون في مواجهة وطنها ومصالحة…

قد يعجبك ايضا