شماتة في الموت…ما أقبحكم…أسامة الرنتيسي

الشعب نيوز:-

 

منذ أيام تتدحرج في الأردن مأساة ذهب ضحيتها حتى الآن تسعة مواطنين وعشرات الإصابات في المستشفيات بعضهم في حالة خطرة، بعد أن تناولوا مشروبا مغشوشا تبين أنه فاسد ولا يصلح للاستعمال البشري.

بيانات كثيرة صدرت من الأمن العام ومن مؤسسة الغذاء والدواء بإغلاق مصانع وتوقيف بعض المتسببين، ولا تزال القضية غامضة وفي عهدة الأمن والقضاء.

في القضية شبهات فساد وإهمال واستغلال وهذا متروك البت فيه للقضاء، وفيها

فتح ملفات لقضايا عالقة في البلاد تم التغاضي عنها لسنوات طوال، وفيها أيضا ضحايا فقدتهم عائلاتهم.

الكاتب والمفكر الذي كان محسوبا على التيار الإسلامي الزميل إبراهيم غرايبة يقول: “أساس المشكلة هي الضرائب الخيالية على المشروبات الكحولية. واحتكار تصنيع وبيع الخمور. خففوا الضرائب واسمحوا للمسلمين بالتصنيع والاتجار ينتهي الغش وبتعوضوا الفرق بسبب زيادة الاستهلاك. وكمان رح ينحسر التطرف..”.

كل هذا وغيره حول القضية في واد، واللغة الهابطة الكريهة التي فاعت في وسائل التواصل الاجتماعي والجروبات ضد المتوفين في واد آخر، فلم يحترم كثيرون حرمة الموت، ولا حالة أهل الضحايا ولا ابنائهم، وبدأوا بالتهجم عليهم وأنهم من السكرجية ولا يجوز الترحم عليهم أو التعاطف معهم.

هكذا حول بعض الموتورين على السوشيال ميديا أنفسهم إلى مندوبين عن الله يحللون ويحرمون، ويقسمون الناس ويحاسبونهم وكأنهم حراس الفضيلة، والمعنيون بمحاسبة البشر.

من يتابع أي حدث يقفز تريند في الأردن، ويقرأ مستوى التعليقات والمتابعات له، يشعر بغثيان يكاد يخنق الروح، ويكفر المرء بكل القيم والحريات.

جولة بسيطة في مواقع التواصل الاجتماعي تصيبك بالغثيان، بسبب مستوى تعليقات بعض المشتركين الهابط، الذين يحملون سيوفهم الخشبية في وسائل الإعلام الحديثة، في الفيسبوك وتويتر، وبعض الفضائيات، ويمارسون أبشع صنوف الحقد والكراهية واللغة البذيئة، في مواجهة من يعارضون أفكارهم، لا بل وصل المستوى في اللغة إلى هبوط لا يمكن معالجته إلا بالبتر وكشط الأوساخ من عقول عفنة، مُلفّعة بالبؤس والعتمة والضلال والسوء.

يموت فنان، أو فنانة، فتنهمر الأسئلة في السوشيال ميديا، هل هو مسيحي أو مسلم…!

لا أعلم كيف لإنسان، أي إنسان، مهما كانت خلفيته الفكرية والدينية، العلمية والتعليمية، المهنية والثقافية، أن يتجرأ ويتدخل في رحمة الله، ويقرر أن هذا يستحق الرحمة وذاك لا يستحقها.

أليس هذا تألها على الله وتطاولا عليه وعلى رحمته التي وسعت كل شيء، الأرض والسماء.

من دون أن يرف جفن لهذا الإنسان وغيره وهم للأسف كثيرون، ينصبون أنفسهم أوصياء على الله، ناطقين بلسان ملك الرحمة.

تجلس في بيت عزاء، فتسمع سيلا من الفتاوى، يجوز ولا يجوز، حرام وحلال، وللأسف فإن معظم من يتنطحون ويتصدرون الإفتاء أنصاف متعلمين، يحصلون على لقب شيخ مظهرا لا جوهرا، فيرتدون الأثواب القصيرة ويطلقون اللحى بغير ما اكتسبوا من العلم والفهم لدين الله.

حتى في الموت، تقرأ تعليقات لا تخشى مهابة الموت.

الدايم الله…

قد يعجبك ايضا