
كيف يحوّل الصهاينة الأكاذيب إلى سياسات؟ممدوح عزت البرّي
الشعب نيوز:-
الماكينة الإسرائيلية في إنتاج الأكاذيب لا تعتمد على الارتجال أو العشوائية، بل تقوم على منظومة محكمة ذات هندسة دقيقة ومنهجية مدروسة بعناية. فالصهيونية لا تلقي بالكذبة ثم تنساها، بل ترعاها وتغذّيها وتنسج حولها سرديات ومؤسسات ودعماً سياسياً حتى تتحوّل إلى قاعدة تُبنى عليها السياسات والاستراتيجيات.
## الكذبة الأولى: أرض بلا شعب لشعب بلا أرض
لم تكن مجرد عبارة، بل تم ضخها عبر مئات الكتب، وأُعيد إنتاجها في المقالات، وتكرّرت في الأفلام والمناهج الدراسية، حتى استقرت في أذهان كثيرين كأنها حقيقة ثقافية غير قابلة للنقاش.
ثم ماذا؟
شُرّعت باسمها المستوطنات، وسُنّت على أساسها قوانين الطرد الجماعي، وتم تحت ظلها تبرير الاحتلال، كل ذلك ضمن غطاء دولي غربي يتعامل مع الأكذوبة كأنها مرجعية تاريخية.
## الكذبة الثانية: كل من ينتقد إسرائيل معادٍ للسامية
هذه الكذبة تحوّلت إلى فخ قانوني وأخلاقي، يُكمّم به الأفواه ويُرهب به المثقفون في الغرب. فصار من يدافع عن حقوق الفلسطينيين يُتهم بالعنصرية، ومن يندد بالمجازر يُصنّف ضمن أعداء الإنسانية، حتى بات كثير من المفكرين والإعلاميين يفضلون الصمت خوفًا من الوصمة. حتى بات الدفاع عن أطفال غزة يُصنّف كجريمة كراهية، والاحتجاج على المجازر يُدرج ضمن لوائح الإرهاب الأخلاقي.
## الكذبة الثالثة: الجيش الإسرائيلي هو الأكثر أخلاقًا
تخرج هذه الكذبة مع كل عدوان، وترافق كل جريمة بحملة تبرير ذكية ومُنسّقة، يُحوّل فيها القاتل إلى مدافع، وتُعرض المجازر على أنها أخطاء في إطار الضرورة الأمنية. يُعاد تدوير المأساة بطريقة تجعل العالم يصفق للجاني ويغضّ النظر عن أنينه الحقيقي للضحية.
كل هذه الأكاذيب ليست طارئة أو هامشية، بل يتم زرعها بوعي في العقول عبر أدوات تأثير شاملة: الإعلام، والتعليم، والمؤتمرات، والفنون، والسينما، وحتى الثقافة الشعبية.
كل شيء يُستَخدم: من النكتة السخيفة إلى التعليم الرسمي، ومن المعارض الفنية إلى المسلسلات العالمية، وحتى ما يُروّج على أنه علم، لتُغرس الأكاذيب في اللاوعي الجمعي وتُحوَّل إلى حقائق راسخة تُدافع عنها الأمم وتُبنى على أساسها السياسات حتى صار فيه الكذبُ نظامًا عالميًا محصنًا بالبروباغندا والمصالح.