
صرخة من المنطقة الحرة: قرارات حكومية تقود قطاع المركبات إلى الهاوية
الشعب نيوز:-
كتب؛ نادر حرب
في ظل القرارات الحكومية الأخيرة المتعلقة باستيراد المركبات، يجد أصحاب محلات وشركات المنطقة الحرة أنفسهم في موقف لا يُحسدون عليه، بعدما جُرِّدوا فعليًا من أغلب مصادر الاستيراد الرئيسية التي كانت تشكّل شريان الحياة لهذا القطاع الحيوي.
القرارات الأخيرة كانت بمثابة ضربة قاصمة، تمثلت في:
1. منع استيراد السيارات بالمواصفة الكورية.
2. منع المواصفة الصينية.
3. منع استيراد المركبات الأمريكية المتضررة (السالفج).
4. تحديد عمر المركبة الكهربائية بثلاث سنوات فقط.
5. إجبار التجار على جمركة جميع السيارات في تاريخ 1/11/2025.
وبينما يُنتظر من الحكومة أن توضح رؤيتها أو تقدم بدائل حقيقية، يخرج علينا معالي وزير الصناعة والتجارة قائلاً: “ستجدون أسواقًا أخرى للاستيراد”، ولكن السؤال الذي يطرحه كل تاجر ومستثمر: أين هي هذه الأسواق يا معالي الوزير؟
حقيقة “السالفج” كما لم تُروَ من قبل
أحد أكثر القرارات جدلًا هو منع استيراد السيارات الأمريكية المتضررة، أو ما يُعرف بـ”السالفج”، وهو قرار أُحيط به الكثير من التضليل والمعلومات الموجهة.
فلنُوضح:
السيارة “السالفج” ليست مشطوبة كما تدّعي بعض الجهات.
في الولايات المتحدة، تُسجل بين 2 إلى 3 ملايين مركبة سنويًا بتصنيف “سالفج”، وتعود 30% إلى 50% منها إلى الطرق بعد إعادة تأهيلها وترخيصها مجددًا بتصنيف Rebuilt Title، ما يؤكد صلاحيتها للسير بأمان.
هذه السيارات يتم تصديرها إلى دول الخليج، أوروبا، أفريقيا، آسيا، وحتى أمريكا اللاتينية، فلماذا تُعتبر غير صالحة للأردن فقط؟
شركات التأمين الأمريكية تلجأ لتصنيف المركبات بـ”سالفج” لأسباب مالية، لا علاقة لها بسلامة المركبة، مثل ارتفاع أجور الصيانة (من 60 إلى 150 دولار للساعة)، أو ارتفاع تكلفة التأمين الشهري (150–900 دولار).
السيارة التي قد تُصنّف “سالفج” في أمريكا بسبب إصلاحات بـ10,000 دولار، يمكن إصلاحها في الأردن بنفس الجودة بمبلغ لا يتجاوز 2,000 دولار.
ماذا يعني المنع للمستهلك الأردني؟
السيارات المتضررة الأمريكية كانت تمثل الخيار الوحيد لشرائح واسعة من الأردنيين، لما توفره من:
تقنيات حديثة وموديلات متقدمة.
جودة عالية بسعر معقول.
بديل آمن عن القروض البنكية.
كانت هذه المركبات، على مدار أكثر من 25 عامًا، الملاذ الآمن للمستهلك الأردني، وتحديدًا:
سائقي التطبيقات.
الشباب الباحثين عن وسيلة نقل آمنة وبسعر في متناول اليد.
العائلات ذات الدخل المحدود.
مراكز الفحص والمواصفات: ضمانة للسلامة وليس عائقًا
أدخلت الحكومة نظام فحص جديد عبر مراكز مرخصة كـمركز “أوتوسكور”، والتي تفحص أكثر من 200 نقطة في السيارة قبل السماح بجمركتها، وهو ما ضمن سلامة وجودة السيارات الأمريكية المتضررة بعد إصلاحها.
إذا كانت هذه المراكز تضمن الجودة، فلماذا المنع إذن؟
من المتضرر الحقيقي؟
الضرر لا يقتصر على التاجر فقط، بل يمتد ليشمل:
1. خزينة الدولة
القطاع يرفد الجمارك بمبالغ تتراوح من 650 ألف دينار إلى 1.2 مليون دينار يوميًا. بعد تطبيق قرارات 1/11/2025، من المتوقع ألا يتجاوز الدخل 15% من هذه الأرقام، أي أننا نتحدث عن كارثة مالية مقبلة.
2. المستثمر والتاجر
أُجبروا على وقف استثماراتهم وتسريح موظفيهم، بعد أن فقدوا القدرة على تأمين بضائعهم.
3. شركات الشحن والنقل
أكثر من 40 شركة شحن و400 ناقلة ومئات المخلصين والسائقين مهددون بالتوقف الكامل.
4. عمال المناولة والتنزيل
150 أسرة تعتمد على هذه الأعمال بشكل يومي، ومع اختفاء السيارات من الحره، سينقطع رزقهم.
5. مراكز الصيانة والإصلاح
آلاف الحرفيين والورش في البودي، الميكانيك، التنجيد، والإطارات، ستغلق أبوابها، مما يُفاقم من نسب البطالة.
6. مراكز الفحص
استثمارات بملايين الدنانير في أجهزة ومعدات حديثة وفِرق فنية ستُصبح بلا جدوى، وتُهدد بالإفلاس.
7. المستهلك الأردني
سائق التطبيقات سيتحول من مشروعه الصغير إلى الاقتراض البنكي.
المواطن البسيط الذي كان يذهب إلى الحره للبحث عن “أفضل صفقة” لن يجد شيئًا بعد اليوم.
الأسعار ستشهد ارتفاعًا كبيرًا في 2026 بسبب غياب البدائل، رغم التسويق الحكومي المضلل بانخفاض الجمرك.
نهاية القطاع.. بداية أزمة جديدة
القرارات الأخيرة لا تُعالج مشكلة، بل تخلق سلسلة من المشاكل:
خسارة مورد مالي ضخم للدولة.
ارتفاع معدلات البطالة.
إغلاق عشرات الشركات والمراكز.
غياب المركبات الحديثة ميسورة السعر عن السوق.
تقويض الثقة بين القطاع الخاص والحكومة.
نداؤنا الأخير
نحن كتجار ومستثمرين في المنطقة الحرة لا نطلب المستحيل، بل:
إعادة النظر في قرار منع استيراد المركبات المتضررة الأمريكية.
التشاور مع أصحاب الخبرة في القطاع قبل اتخاذ قرارات مصيرية.
دعم الاستثمار بدلًا من خنقه.
الاستفادة من مراكز الفحص الحديثة لضمان الجودة بدلًا من فرض المنع.
كفانا تهميشًا لقطاع كان أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، وأحد روافد دخل الخزينة، وملجأ المواطن البسيط.