
في مؤتمر الأعراس القاعة جاهزة.. هل ثقافة الفرح تحتاج تجهيزا؟نضال المجالي
الشعب نيوز:-
من زار العقبة قبل أيام لاحظ حركة غير اعتيادية؛ فالعالم التقى هناك في أجواء البحر والجبال والرمال الذهبية، حيث اجتمعت نخبة من منظمي حفلات الأعراس من مختلف دول العالم باحثين عن الجديد في صناعة الفرح، سعيا لتأمل تفاصيل الجمال حين يتحول الحلم إلى حدث لا يُنسى.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ما ينقصنا في منطقتنا هو البنية التحتية والتنوع والجمال؟ أم أننا نفتقد ثقافة تقبّل ما يرسمه الآخرون من رؤى وأفكار مبتكرة؟
من الناحية الواقعية، لا يمكن إنكار أن الأردن — والعقبة على وجه الخصوص — يمتلك مقومات فريدة تؤهله لأن يكون وجهة عالمية للأعراس. فهنا تلتقي الجبال بالبحر في لوحة نادرة، وتجاور الفخامة البساطة، وتختلط الأصالة بالحداثة. من وادي رم، ذلك المسرح الطبيعي الذي شهد تصوير أفلام عالمية، إلى البحر الأحمر وما يحمله من رومانسية الأزرق والانعكاس، إلى امتداد مسارح وقلاع وقصور أثرية، وفي مكان قريب تلمس معانقة البترا القمر العملاق ليبدو الأردن مهيأ لأن يكون “خلفية الحلم” لأي حفل زفاف استثنائي.
ومع ذلك، ما زلنا نجد أن كثيرا من منظمي الأعراس العالميين يصطدمون أحيانا بعقبات غير مرئية، سمعتها أسئلة من عدد التقيت بهم بشكل غير مباشر خلال مشاركتي في الحدث: سؤال عن نظرة مجتمع محافظة، أو رهبة من تضييق في مساحة الإبداع، أو خوف من كسر النمط المعتاد. فبدل أن تُمنح الفرق الإبداعية مساحة لابتكار أفكار جريئة أو تصميم فقرات فنية بأسلوب عالمي، يستفسرون هل يُطلب منهم في أحيان كثيرة أن يلتزموا بـ”الآمن والمألوف”، وكأن الفرح نفسه في عقول فئة أردنية يحتاج إلى إذن ليُعبّر عن ذاته!
إن ما يصنع الفارق في صناعة حفلات الزفاف اليوم لم يعد المكان وحده، بل القدرة على سرد قصة بصرية ووجدانية، تمزج بين هوية المكان وثقافة المحتفلين. وعندما تتسع عقولنا لتقبل ما يقدّمه المنظمون من أفكار جمالية واسعة — حتى وإن بدت مختلفة أو جريئة — سنكتشف أن ما كان يُظن “غريبا” قد يصبح هو ما يميزنا ويجذب العالم إلينا.
فيا أعزائي ممن حملوا راية الفوز بالاستضافة لهذا الحدث العظيم مهما كان عددكم وجهة تمثيلكم، اعلموا أن النجاح في هذا المجال ليس لمن يملك القاعة الأكبر، بل على من يملك الخيال الأجمل. والمكان الذي يحتفي بالإبداع قبل البروتوكول، وبالفكرة قبل القالب، وعندها سيكون هو من يكسب السباق. وقد تكون أيلة النموذج الأردني الأول الذي نجح في ذلك بحجم وجمال ما استضافته من أعراس خلال الأعوام الماضية، وهي دعوة للعمل أو التعلم من خبرة فريق العمل والتفكير فيه.
اليوم، والعقبة قد احتضنت المؤتمر العالمي لمنظمي حفلات الأعراس (DWP Congress 2025) في نسخته الحادية عشرة، لدينا فرصة نادرة لطرح هذا السؤال بصراحة:
هل نريد أن نكون وجهة عالمية للأعراس بمعاييرنا المحلية فقط؟ أم نريد أن نصبح منصة يتلاقى فيها الإبداع العالمي مع روح المكان الأردني؟
الجواب ليس في عدد الفنادق أو القاعات أو خدمات الضيافة، بل في مدى تقبّلنا لثقافة الفرح المفتوح على العالم — الفرح الذي يحترم تقاليدنا وديننا لكنه لا يخاف من التجديد وإطلاق العنان لأعلى مستوى من الخيال والتفكير الواعي. وبغير ذلك ستكون فعالية تنتهي كغيرها كثير.