
أبناء غيث يناشدون رئيس الوزراء: الأوقاف تخطط لعزل ذرية آل غيث من إدارة وقف والدهم حتى قبل تعيين أي منهم رسميًا
الشعب نيوز:-
في مشهد مؤلم من مشاهد التعدي على إرادة الأموات، ناشد المواطن وائل غيث رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان التدخل العاجل لوقف ما وصفه بـ”الانتهاك الصارخ” الذي تمارسه وزارة الأوقاف بحق وقفٍ خيري أسسه والده الراحل عبدالحكيم غيث في منطقة العبدلي وسط عمّان.
القضية التي تتفاعل منذ أكثر من 15 عامًا تحولت إلى نموذج يثير تساؤلات قانونية وشرعية حول آلية إدارة الأوقاف وغياب المتولي الرسمي.
حكاية الوقف… من وصية الراحل إلى صدام مع الأوقاف
تعود جذور القضية إلى ما قبل عام 2008، حين سجّل المرحوم عبدالحكيم غيث عقارًا مكوّنًا من أربعة طوابق و14 شقة كوقفٍ ذري وخيري، بعد استكمال الإجراءات القانونية والشرعية كافة لدى وزارة الأوقاف ودائرة قاضي القضاة والمحكمة الشرعية.
ووضع الراحل شروطًا دقيقة لتوزيع الريع والإدارة، نصّت حجة الوقف على توزيع الريع بنسبة 50% للفقراء من آل غيث، و25% للأيتام والمساكين، و25% لصيانة المساجد في القرى النائية، مع اشتراط أن تبقى إدارة الوقف في ذرية الواقف إلى حين انقطاعها، وتنتقل بعدها إلى وزارة الأوقاف.
مرفق الحجة الوقفية
مفاجأة بعد 15 عامًا: اتهامات دون دليل وطلب “تعجيزي”
ورغم التزام المتولي الحالي وائل غيث بجميع الشروط وصيانته للمبنى و استمراره كمشروع شقق فندقية مرخّص بالكامل تحت اسم “الجزيرة للشقق الفندقية”، فوجئ بزيارة من وزارة الأوقاف هي الأولى منذ 15 عامًا.
الوزارة وجهت له اتهامات بالإهمال المالي والإداري دون تقديم أي مستند أو دليل، مطالبةً إياه بتقديم ميزانيات مالية لـ15 سنة سابقة خلال أسبوعين فقط، وهو ما وصفه وائل بأنه “طلب تعجيزي وغير قانوني”.
وأضاف غيث أن الوزارة لم تقدم أي دليل على اتهاماتها، و بناء على التقارير التي تحتوي على هذه الاتهامات و التي صدرت من الوزارة و من ثم قامت بتحويل الملف إلى المحكمة الشرعية، تم إصدار قراراً “معجّل التنفيذ” بعزله من إدارة الوقف قبل إثبات أي تقصير، معتبراً أن هذا القرار يمثل “انتهاكاً صريحاً لشرط والده الواقف وإقصاءً غير مبرر لذرية المؤسس”.
ويقول وائل: “ما جرى لا يصب في مصلحة الوقف، بل هو تعدٍّ عليه. نحن لا نمانع الرقابة ولا المحاسبة، ومستعدون لتقديم تقارير سنوية، لكن أن تُنتزع منا الإدارة دون دليل، فهذه سابقة تهدم مفهوم الوقف الذري من أساسه”.
حيث أن رغبة والده في اختيار أحد أبنائه لإدارة هذه الوقفية سببه هو أن يبقى دائما من يحمل اسمه في ذاك المكان و يبقى ذكر اسمه مربوطا فيه و ذلك يتحقق فقط ببقاء الذرية و هو ما تقوم الوزارة حاليا بالتعدي عليه !!!
الإطار الشرعي والقانوني لتعيين المتولي
وبحسب أحكام الشريعة الإسلامية والقانون الأردني، فإن تعيين المتولي الشرعي يتم حصراً عبر المحكمة الشرعية بعد التحقق من توافر شروط الأمانة والكفاءة والقدرة على إدارة الوقف، واستكمال الوثائق المطلوبة التي تشمل وثيقة الوقف الأصلية، وهوية المرشح للتولية، وأي مستندات تثبت صلاحيته.
ثم تصدر المحكمة حجة تولية رسمية يتم توثيقها في سجلاتها، وهي الوثيقة الوحيدة التي تمنح الشرعية القانونية للإدارة.
لكن الوقف محل النزاع — وفق الوثائق التي اطلعت عليها “الشعب نيوز” — لم يُعيّن له متولٍ رسمي منذ وفاة الواقف عام 2008، ولم تصدر المحكمة أو الوزارة أي قرار بالتعيين طيلة تلك المدة.
وائل غيث: “أحاكم دون أن أُعيّن!”
يقول وائل غيث: “أنا لم أُعيَّن بقرار شرعي، بل قمت بالشراف حفاظًا على إرث والدي، والوزارة كانت تعلم بذلك. اليوم يريدون عزلي دون أن يكلّفوني أصلًا، وكأنهم يحاسبون من أنقذ الوقف لا من أهمله.”
ويؤكد أنه تولّى الإشراف تطوعًا منذ وفاة والده بهدف منع تدهور العقار واستمرار الريع للمستحقين، لكن الوزارة عاملته وكأنه متولٍّ رسمي “مخالف”، رغم أن لا قرارًا رسميًا بتعيينه حتى اليوم.
رأي قانوني: خلل في تطبيق الإجراءات
تنص تعليمات المتولين رقم (9) لسنة 2011 الصادرة بموجب قانون الأوقاف على ما يلي:
تعيين المتولي بقرار من المحكمة الشرعية بعد التحقق من توافر الأمانة والكفاءة في المرشح.
عدم اعتبار أي شخص متوليًا إلا بعد صدور حجة تولية رسمية موثقة.
تحمّل المتولي المعين قانونًا كامل المسؤولية عن إدارة الوقف وفق شروط الواقف.
ان عدم تعيين أي متولٍ رسمي و عدم متابعة أمور هذه الوقفية منذ أكثر من ١٥ عاما و التي هي من مسؤوليات وزارة الأوقاف هو السبب في ما وصلت اليه أمور هذه الوقفية!!
ويرى خبراء قانونيون أن ما يجري في قضية وقف آل غيث يكشف خللًا في تطبيق النصوص، إذ لم تُستكمل إجراءات التعيين، ما يجعل محاسبة أي فرد دون حجة تولية رسمية مخالفة للأصول الشرعية والقانونية.
شرط الواقف ملزم شرعًا وقانونًا
تؤكد مصادر قضائية أن شرط الواقف مقدّم على أي اجتهاد إداري، ولا يجوز تعديله أو تجاوزه إلا بقرار قضائي مسبب.
وبالتالي، فإن وصية المرحوم عبدالحكيم غيث التي تنص على أن تبقى إدارة الوقف في ذريته، ملزمة شرعًا طالما لم تنقطع الذرية ولم يثبت تقصير أو خيانة للأمانة.
مناشدة لرئيس الوزراء: “نريد العدالة لا الاستثناء”
عائلة غيث وجّهت نداءها إلى رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان بالتدخل العاجل لوقف تنفيذ أي إجراءات من وزارة الأوقاف تمسّ الوقف، وتمكين الورثة من إدارته وفق شروط والدهم، مؤكدين أن أبناء الواقف هم الأعرف بالمستحقين والفقراء الذين أوصى بخدمتهم.
وختم وائل غيث حديثه بالقول: “نطالب بحماية طلبات و شروط المحسنين كوالدنا و الذي قدم هذه الوقفية الخيرية و نطالب بإنصافنا وحماية حقوقنا كوننا المرشحين شرعيا في إدارة وقفية والدنا المحسن ضمن الحدود التي نصت عليها الحجة، احتراماً لوصية الميت وصوناً لإرث العائلة الخيري.”
تعليق قانوني
قال خبير شرعي وقانوني لـ*”الشعب نيوز”* إن ما ورد في قضية وقف آل غيث “يُعدّ خللًا إجرائيًا واضحًا”، موضحًا أن الوزارة لا تملك قانونًا صلاحية عزل متولٍ لم يُعيَّن أصلًا بحجة تولية صادرة عن المحكمة الشرعية.
وأضاف أن أي قرار من هذا النوع “يفتح الباب أمام الطعن القانوني ويعرّض القرار للإبطال”، مشددًا على أن الأصل هو “احترام شرط الواقف، وتمكين ذريته من إدارة الوقف ما داموا قادرين وأمناء عليه”.
خلاصة الموقف: الأوقاف في مرمى التساؤل
القضية لم تعد نزاعًا فرديًا بل فتحت الباب واسعًا أمام نقاش وطني حول إدارة الوقفيات الخاصة ومدى التزام الوزارة بالقانون والشرع في تعيين المتولين ومتابعتهم.
وفي ظل تصاعد الشكاوى من متولين وورثة آخرين، بات السؤال مشروعًا: هل تراقب الأوقاف الأمانة… أم تمارس وصاية تتجاوز إرادة الواقفين؟
و هل يوجد إجراءات واضحة و صريحة لتنسيق و ترتيب العلاقة ما بين وزارة الأوقاف و الوقفيات الذرية أم أن الوزارة تفضل عزل المتولين قبل محاسبتهم!!


