الإعلان العالمي لحقوق الإنسان… بعد ٧٧ عاما … هل بات ديكورا ؟ د فوزي علي السمهوري

الشعب نيوز:-

١٠ /١٢ / ١٩٤٨ مثل نقطة تحول إستبشرت به البشرية بإصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لما يمثله من معيار مشترك ينبغي ان تستهدفه كافة شعوب العالم دون إستثناء او إزدواجية بعد ان عانت الإنسانية من إضطهاد وقتل وحروب وإحتلال وإستعمار دول وشعوب من قبل دول عظمى لم تزل تعاني من تداعياته .
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود المنبثقة عنه :
إكتسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود والمواثيق الدولية اهمية بالغة على الصعيد العالمي وخاصة لدى الشعوب التي تخضع تحت إحتلال او هيمنة خارجية او تعاني من إنتهاك انظمتها لحقوقها الأساسية .
ولكن للأسف وبعد ٧٧ عاما على إصداره تحول التفاؤل إلى ياس وإحباط بعدما تبين ان الدول الكبرى التي من المفترض ان تعمل وتكفل النهوض بحقوق الإنسان وتطبيق أحكام العهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية المنبثقة عنه دون إزدواجية على الصعيد العالمي عمليا عملت وتعمل على إنتهاكه بل ومنع تطبيقه جنبا إلى جنب مع إنتهاكها مبادئ واهداف ومقاصد الأمم المتحدة وخاصة تلك التي تكفل للشعوب المستعمرة التحرر من الإستعمار والتمتع بالحرية والحياة الآمنة وتقرير المصير والإستقلال وبديلا عن ذلك لجات لتوظيفه سياسيا تحقيقا لمصالحها كاداة ضغط على بعض بل الكثير من الدول للإنصياع لسياساتها دون اي إعتبار لمصالح تلك الدول وحقوق شعوبها .
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وحقوق الشعب الفلسطيني :
تمثل القضية الفلسطينية التي عانى ويعاني شعب فلسطين على مدار ٧٧ عام ونصف من حرمانه التمتع بحقوقه الأساس وعلى راسها الحق بالحياة الآمنة وبالحرية والإستقلال وتقرير المصير إلا النموذج الحي لإخفاق الدول الكبرى ” امريكا واوربا ” للإنتصار للشعب الفلسطيني وتمكينه من حقوقه المصادرة الناجمة عن حرب الإبادة والتطهير العرقي التي إرتكبتها ولم تزل ترتكبها سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري والعصابات اليهودية الصهيونية الإرهابية تحت مسميات مختلفة وعلى راسها المستوطنين بحق المدنيين الفلسطينيين وعن إستمرار الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي القائم لجميع اراض فلسطين بدعم وتمكين من الدول الكبرى والنافذة عالميا وعلى راسها الولايات المتحدة الأمريكية وعن حرمانه بالعودة إلى مدنه وقراه وبلداته في إنتهاك صارخ لمبادئ وأهداف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
تراجع حقوق الإنسان : يحتفل العالم هذا العام السابع وسبعين لإطلاق وإقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ظل تراجع كبير يشهده ويعيشه العالم دولا وشعوبا دونما تمييز وخاصة في أمريكا واوربا التي فقدت دورها القيادي ومكانتها الريادية ومصداقيتها بإحترام حقوق الإنسان حيث تعرض ويتعرض مواطنيها وسكانها إلى إنتهاك جسيم للحق بالتعبير والنشر والتجمع السلمي بدلا من تعزيز وترسيخ التقدم والنهوض به وهذا ما تتحمل مسؤوليته بالدرجة الاولى الدول التي نصبت نفسها راعية ومراقبة لمدى إحترام دول العالم لحقوق الإنسان وتتعامل معه بإزدواجية وإنتقائية .
ما المطلوب باليوم العالمي :
سئمت شعوب العالم وخاصة الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي من إستمرار التعامل مع حقوق الإنسان كشعار وديكور كما سئمت ايضا من بقاء القرارات الدولية الصادرة ” التي تكفل حقوقه على ارض وطنه وتدعو سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي إنهاء إحتلالها ” عن مجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية حبرا على ورق او يكون مكانها الأرشيف دون ان تجد سبيلها للتنفيذ مما يتطلب ولإعادة الثقة بالنظام العالمي الذي فقد مصداقيته نتيجة لترسيخ مبدأ حق القوة وإقصاء لقوة الحق وتغييب لمبادئ العدالة والمساواة والحرية تبني ما يلي :
اولا : تعديل ميثاق الأمم بما يكفل ويضمن إلزام جميع الدول تنفيذ مبادئ وبنود وأحكام العهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية وقرارات محكمة العدل الدولية تحت طائلة فرض العقوبات حكما .
ثانيا : البدأ بإتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لإلزام إسرائيل تنفيذ جميع القرارات الدولية بدءا من قرار مجلس الأمن رقم ٢٣٣٤ وقرار الجمعية العامة رقم ١٠ / ٢٤ الصادر في ١٨ ايلول عام ٢٠٢٤ وجميع القرارات الصادرة عن الدورة الحالية رقم ٨٠ للجمعية العامة للأمم المتحدة .
ثالثا : فرض وقف شامل ونهائي لحرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها الكيان الإسرائيلي الإرهابي على الشعب الفلسطيني بعموم اراض الدولة الفلسطينية المحتلة ” الضفة الغربية وقلبها القدس وقطاع غزة ” المعترف بها دوليا وذلك عبر فرض العقوبات المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة .
رابعا : إعتماد التقارير الدولية الصادرة عن منظمات حقوقية محلية وإقليمية ودولية ذات الثقة والمصداقية والموثقة كبينة راسخة في القضايا المرفوعة ضد إسرائيل وقادته لدى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية .
خامسا : ضمان إستقلالية القضاء الدولي ” محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ” وقضاتها وكوادرها وحمايتهم من كافة اشكال الضغوط التي تمارسها امريكا ومحورها والتهديد بفرض عقوبات عليها بهدف التدخل بسير المحاكمات لتقويض إستقلاليتها ومنعا لإستصدار العقوبات على إسرائيل وقادتها بالقضايا المرفوعة من دولة جنوب إفريقيا وعدد من دول العالم المنظورة امام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بتهم إرتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب وضد الإنسانية .
سادسا : إحتراما لسمو القضاء يستدعي محاسبة بعض الدول التي لم تلتزم بتنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة عن مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف المتهمين بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية نتنياهو وغالنت بما تتطلبه من ضرورة إتخاذ إجراءات وتدابير على الاصعدة السياسية والدبلوماسية والإقتصادية كوسيلة لإعادة الإعتبار للقضاء الدولي وإلا فإن شريعة الغاب ستسود في حال عدم تنفيذ القرارات القضائية .
سابعا : دعوة الدول الاطراف السامية الموقعة على إتفاقيات جنيف لإجتماع وجاهي عاجل بهدف :
▪ تعيين دولة طرف ثالث حامية إعمالا لإتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة إثر العدوان الإسرائيلي في الخامس من حزيران عام ١٩٦٧ على الأردن ومصر وسوريا وذلك لتمكين المدنيين من ممارسة حياتهم دون تهديد وخوف من القتل والإعدام خارج القانون ومن الإعتقالات التعسفية دون محاكمات عادلة ومعاناة جراء فرض العقوبات الجماعية ومن إلزام سلطات الإحتلال الإسرائيلي تفكيك جميع الإجراءات التي طرأت او تطرا من اي تغييرات جغرافية وديموغرافية وتشريعية في الاراضي المحتلة او اي إنتهاكات للمقدسات الإسلامية والمسيحية وخاصة في القدس والخليل وبيت لحم .
▪ لإلزام إسرائيل احترام وتنفيذ أحكامها التي تنصلت من تنفيذها على مدار العقود السابقة .
ثامنا : عدم تمكين الكيان الإسرائيلي المصطنع الإفلات من المساءلة والعقاب على تمرده على الشرعة الدولية بتحد للإرادة الدولية .
تبني وتنفيذ ما تقدم يشكل صلب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية ويعيد الثقة الشعبية المفقودة عالميا والتي باتت تعتبره ديكورا واداة ضغط سياسي بسبب الإزدواجية التي تتعامل بها الإدارات الامريكية ومحورها بالتعامل مع حقوق الإنسان…
لا إزدواجية ولا إنتقائية بحقوق الإنسان…. والتحدي امام حركة حقوق الإنسان بقدرتها على ممارسة كافة وسائل وادوات الضغط على الأمم المتحدة وحكومات الدول الكبرى إنتصارا للشعب الفلسطيني الخاضع تحت نير إستعمار إسرائيلي إرهابي إحلالي ويعاني من ويلات حرب الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب وضد الإنسانية على مدار العقود السابقة حتى تمكينه من التمتع اسوة بباقي شعوب العالم بحقوقه المحروم منها بالحرية والإستقلال وممارسة حقه الاساس بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
هذا يمثل تحديا ينبغي ان تتضافر جميع الجهود الحقوقية والسياسية والإعلامية والمجتمعية للعمل لتحقيقها خلال العام القادم …. ؟
التحدي امام العالم الحر العمل على ترسيخ وتجسيد مبادئ حقوق الإنسان واقعا … حتى لا يبقى ديكورا … فهل من امل …. ؟ !

قد يعجبك ايضا