
خيط العنكبوت الذي ما زال ينسج المجموعة القصصية للكاتب أكرم الزعبي
الشعب نيوز:-
ثلاث عشرة قصة قصيرة جداً، لا تتجاوز إحداها أربع صفحات، لكن كل واحدة منها تزرع خيطاً لزجاً في اللاوعي.
القارئ لا يخرج منها غاضباً ولا ثائراً، بل مذهولاً من أنه كان يعرف كل هذا منذ البداية ولم يجرؤ على قوله.
هنا يكمن عبقرية الزعبي الأولى: لم يصرخ، بل همس همساً دقيقاً حتى صار الصمت نفسه صرخة
هذا الحوار ليس مراجعة متأخرة.
إنه محاولة للإمساك بالخيط الأول، ذلك الذي انقطع عام 2015، وما زال يتدلى في مكان ما داخلنا، يتحرك كلما شعرنا بظلٍّ فوق رأسنا
حوار تبارك الياسين
1. في قصة (الملك) قدّمتَ للقارئ صورة حاكمٍ سياسي، ثم قلبتَ التوقعات لتكشف أنه ذكرُ نحلة. هل كانت اللعبة السردية تعليقًا على «ملوك البشر» وسلطتهم الزائفة؟ أم على قوانين الطبيعة التي لا تنكسر إلا في الخيال؟
· قصة الملك عند كتابتها كانت قصة عشق بين امرأةٍ رآها الكاتب ملكةً متربّعةً على عرش الجمال، اختارت حبيبها من بين آلاف الرجال، ونصّبته ملكًا على قلبها، ثمّ أقفلت باب قلبها عليه، هكذا كانت فكرة القصة الأساس، ولتشابه الحدث بصورة رمزية مع واقع حال خلية النحل فقد لجأ الكاتب إلى هذا الإسقاط المتعمّد.
ولأنّ النصّ عند خروجه إلى العلن يصبح مُلكًا للقارئ لا للكاتب فإنّ التحليل والتأويل يصبحان من حق القارئ، وقد فوجئت عند نشر القصة بالكثير من الأصدقاء ممن يؤولونها كلٌّ بطريقته، فمنهم من رآها سياسيةً بامتياز، ومنهم من رآها تطرح قضايا اجتماعية واقتصادية، ومنهم من رآها فانتازيا خيالية، ولربما كانوا جميعا على حق، من يدري!!
٢. في (الجدة) ترفض الجدة كل نسخة يكتبها حفيدها وتصرخ: (لا تكذب!). من هي الجدة الحقيقية في حياتك؟ وهل كُتبت القصة لتُرضي صوتها الداخلي؟ أم لتمارس ما كانت ترفضه: الكذب الجميل؟

· الجدّات هنّ صوت وصورة الحياة الجميلة، يُحببن الأشياء على حقيقتها وبساطتها، يرفضن الديكورات حتى ولو كانت لإضفاء مساحة قليلة من الجمال، ولذلك يتعاملن مع الأشياء كما هي الأشياء، والجدّة الحقيقية في حياتي هنّ جدّاتي لأبي وأمي وقد أخذتُ مساحةً واسعةً من الحبّ لديهما وهنّ الأختين اللدودتين، ومع فارق وفاة توقيت كلٍّ منهما إلّا أنّني استطعتُ أخذ مساحةٍ لم يحظَ بهنّ غيري من احفادهن.
في قصة الجدّة مزجتُ صورة جدتي لأبي مع صورة جدتي لأمي، فظهرتا بصورة الجدة الواحدة، مع الإشارة إلى أنّ في القصة بعض الأحداث الحقيقية التي حدثت فعلًا، ولكن تمّ توريتها لتظل القصة قصة.
٣. في (محبّة) يتحول فرحان من حجّاب إلى مخدوع بحجاب زوجته. هل ترى أن الحب في بيئتنا القروية يبدأ بالستر والحماية… لكنه غالبًا ما ينتهي بخيبة تكشف المستور؟
· لم يعد الحبّ مرتبطًا بالبيئة، فحتى القرى مع التطور السريع لوسائل الاتصال فقدت الكثير من ملامحها وعاداتها وقيمها، وفي قصة محبة حاولت كشف حجاب الخديعة المرتبطة بالجهل بالشعوذة أساسًا، وأنّ من يثق فيه الناس لحل مشاكلهم بالشعوذة والجدل قد يكون منخورًا في بيته هو أصلًا، وقصة محبة بالأساس تحمل في ثناياها دعوةً إلى الانتباه من مدّعي (حل المشكلات الزوجية وجلب الحبيب والمس والسحر) ممن يقع فيهما ليس فقط بسطاء الناس، بل حتى المتعلمين منهم أحيانا.
٤. في (الماموغرام) تفخر البطلة بأنوثتها قبل أن تفقدها تحت تهديد المرض. كيف نقلتَ خوفها من «المرض» إلى خوفٍ أشدّ: خوف الانسلاخ عن ذاتها كامرأة؟
· إن لم يستطع الكاتب تلبّس حالة الشخصية التي يكتبها فلن تصل رسالته ولا غايته من الكتابة، عندما اكتب عن شخصية ما، فإنّني أتحول إلى تلك الشخصية، أي أنّني أتلبّسها، أعيشها كاملةً، أتخيّل أدق تفاصيلها ومشاعرها، ثم أكتبها.
في (يوميات سالم) كتبت عن سائق التاكسي، والميكانيكي، والشيخ، والبائع وغيرهم من الشخصيات، وفي كل مرة كنت ألبس فيها أية شخصية كنت أنقلها بطريقة يتعجّبُ منها حتى أصحابها، ولربما كانت شخصية المرأة في الماموغرام أصعبها على الإطلاق، لكنني مع ذلك رأيتني ألبس الحالة بكل تفاصيلها بعد الاستماع إلى قصة امرأة خضعت لفحص الماموغرام.
٥. في (القلم) يتجسد القلم ككائن حي يناقشك حول الخوف والنظام. هل القلم عندك شيطان الإغواء… أم انعكاسك الحقيقي حين تكتب وتخشى أن تُفضح أمام قارئك؟
القلم هو الانعكاس الحقيقي لما في داخل الكاتب إن أراد ذلك، وهو عكس ذلك تمامًا أيضًا إن أراد الكاتب ذلك، ويظل السؤال قائمًا : من يفرض سطوته على الآخر ؟
إن كان الأول الذي يعكس حقيقته فنحن امام كاتب حقيقي، وإن كان الثاني فالأمر لا يعدو أن نكون امام محتالٍ على اللغة يطوّعها لمصالحه الشخصية، أمّا عنّي فلا أخاف أن يكتشفني القارئ في كتاباتي، إذ كثيرًا ما أسقطُ أحداثًا حقيقيةً حصلت معي في نصوصي، ولا أرى حرجًا في أن يكتشفها القارئ، لأنني أصلًا وضعتها قصدًا، فالكاتب يستخرجُ من رصيده الشخصي قبل أن يلجأ للخيال أو للاستدانة من رصيد غيره.
٦. ما الفرق بين «الحوار الداخلي» و«المونولوج»؟ ومتى يصبح أحدهما خداعاً للقارئ؟
· الحوار الداخلي يكون داخل النفس، بين النفس والقلب، القلب والعقل، النفس ووسوسة الشيطان، النفس والنفس نفسها، أمّا المونولوج فهو خطاب من طرف واحد تختلط فيه الأصوات والأسئلة بالإجابات، ويصبح أحدهما خداعا للقارئ عندما يمزجهما الكاتب معا فينتقل من الحوار الداخلي إلى المونولوج ثم يعود إلى الحوار وهكذا.
٧. هل يحق للكاتب أن «يكذب» على القارئ في السرد؟ أم الكذب يبدأ حين يُصدّق القارئ؟
· في السرد لا حدود فاصلة بين الكذب والحقيقة، ولا أظنّ أنّ السارد الحقيقي يحتاجُ أصلًا إلى الكذب على القارئ لتصديقه، فليست مهمته أنّ يصدّق القارئ أو يُكذّب، مهمته ان تصل رسالته التي يريد من سرديته، وأمّا القارئ فهو صاحب الحق في التأويل والقبول والتصديق والتكذيب، ولا سلطان لأحد عليه، باعتباره المتلقي، طبعا مع الأخذ بعين الاعتبار أن يكون التأويل ضمن ادواته الصحيحة لا أن يخرج عن حدود المألوف والمعقول وتحميل النص أكثر او فوق ما يحتمل.
٨. كيف تختار «نقطة البداية» للقصة؟ هل تبدأ من الحدث الأكبر، أم من التفصيلة الأصغر؟
· لا مشكلة لدي في بداية القصة، المشكلة الكبرى في نهايتها، كثيرًا ما بدأت بقصصي من نقطةٍ معينة لأجد في نفسي في نهاية القصة في مسار آخر ابتعد كثيرًا عن فكرتها التي بدأت بها، ولا أجد غضاضة في ذلك، لا بل إنني أعود وأعيد صياغة البداية لتتلائم مع النهاية التي لم أكن اتوقعها.
٩. ما دور «المكان» في السرد؟ هل هو خلفية، أم شخصية ثالثة، أم شبكة تُحرّك الشخصيات؟
· المكان هو كل ذلك، هو الفاعل والمفعول به وهو المسرح والمدرّج، وهو المُحرّك والمتحرّك، المؤثر والمتأثر، الثابت والمتحوّل.
المكان أس السرد الحقيقي، لأنّ كل ما ينبني على المكان ينبني عليه السرد، فلو كان المكان قرية فإنّ لهجة القرية ستحضر، وإن كان المكان ساحة حرب فإنّ لغة القتال هي التي تكون حاضرة، وإن كان المكان بيتًا هادئًا فالهدوء سيلازمه، وهكذا، فلا يمكن الهروب من سطوة وسيطرة المكان على السرد، وهو ايضًا ما يحدث مع الزمان تماما.
السيرة الذاتية
الاســــــــــــــــــم : أكرم “احمد شريف” عيسى الزعبي
مكــــــــان الولادة : الزرقاء
تاريـــــــخ الولادة : 16/2/1974
الحالة الاجتماعية : متزوج
البريد الالكتــــروني : [email protected]
الهاتف الجــــوال : 00962795353618
الشهادات العلمــــية :
1- بكالوريوس حقوق / جامعة اليرموك 1997.
2- بكالوريوس أدب إنجليزي / جامعة اليرموك 2012.
3- إجازة محاماة نظامية / محام مزاول 1999
الخبرات العملـــــية :
محامي ومستشار قانوني لعدد من الشركات والنقابات في الأردن.
النشاطات العامّة :
1- رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين 2020- 2024.
2- رئيس تحرير مجلة “أوراق” 2020-2024.
3- عضو اللجنة العليا واللجنة الثقافية لمهرجان جرش للثقافة والفنون 2021 – 2024.
4- عضو هيئة تحرير مجلة أفكار الصادرة عن وزارة الثقافة الأردنية 2022 – الآن.
5- عضو مجلس أمناء مكتبات أمانة عمّان الكبرى 2024-الآن.
6- نائب رئيس بلدية اليرموك الجديدة / اربد 2003 – 2007.
الانجازات الشخصية :
– حائز على درع نقابة المحامين الأردنيين 2014 ويحمل لقب شاعر نقابة المحامين، ودرع الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين 2023.
– صدر ديوانه الشعري الأول (تركت ذاكرتي أمامي) بدعم من وزارة الثقافة الأردنية 2012
– نشرت له وزارة الثقافة الأردنية مجموعته القصصية (العنكبوت) 2015.
– نشرت له وزارة الثقافة الأردنية ديوانه الشعري الثاني (الراقدون في الصور) 2017.
– كاتب مقال يومي في جريدة الأنباط الأردنية 2014-2016.
– كاتب مقال أسبوعي في الأمن الثقافي في موقعي عمون وسرايا الأردنيين.
– حائز على درع جامعة اليرموك للتفوق في النشاط الثقافي والإعلامي عام
96 وقاص الجامعات الأردنية لعامي 95 و 96.
– شارك في أمسيات شعرية في مهرجان جرش ومهرجان المربد (البصرة / العراق) ومهرجان أثير (سلطنة عُمان) وعدة مهرجانات محلية وعربية وله العديد من القصص والأشعار والمقالات المنشورة في الصحف والمجلّات الثقافية العربية والأردنية.